صورة للتوضيح فقط ، تصوير : fizkes-shutterstock
بل أن ننصت لتجربة حقيقية على لسان إحدى الأمهات خاضت التجربة وفقاً لظروفها الخاصة، بعد أن قامت بعمل خطة ليشاركها الأب في المذاكرة، أو مساعدة الابن على اجتياز الصعب بالمدرسة.
هذا رغم أن الجواب العلمي الحاسم في هذه القضية؛ أن الآباء والأمهات يلعبان معاً دوراً هاماً في تحفيز الأبناء على الاستذكار، وتقديم الدعم النفسي لهم؛ لتسهيل بعض الأمور التي تبدو مستعصية على الفهم في المناهج الدراسية.
اللقاء والأم سعاد صاحبة التجربة، والدكتورة فاطمة ربيع أستاذة المناهج بالجامعة للشرح والتفصيل.
والدان يتشاركان في مساعدة طفلهما
بدأت النقاش مع والد طفلي، يوم دخل "أحمد" الصف الأول الابتدائي، وكان السؤال: عمن يتحمل مسؤولية مذاكرة طفلنا والإشراف على واجباته؟ وذلك بعد أن أصبح هناك حصة منفصلة لكل مادة؛ ومعلمة للغة العربية وأخرى للحساب وثالثة لتعليم اللغة الثانية، فاتفقنا عل تقسيم أيام الأسبوع بيننا، وكلٌّ يفتح الحقيبة ويغلقها بمعرفته مع الابن بعد تمام المذاكرة، ومرت ستة الأعوام الدراسية على هذا الحال.
وعندما وصل طفلي إلى الصف الإعدادي وكثرت المواد وأضيف إليها الجديد، كانت جلستنا الثانية المهمة، حيث لا يستطيع أي منا متابعة كل المواد مع طفلنا وحده، وكانت النتيجة أن قمنا بتقسيم المواد بيننا؛ كلٌّ حسب دراسته أو المادة التي يحبها، وسيكون بارعاً ومتمكناً يوم تدريسها لابننا أحمد، فاختار زوجي مادة التاريخ والعلوم والحساب، وكان المناسب لدراستي وحبي للغات هو: تدريس اللغة العربية ومتابعة اللغة الإنجليزية، ثم تعلمت اللغة الفرنسية كذلك في السنوات اللاحقة لطفلي، وقت انتقل للصف الثانوي.
والطريف والذي كان يبعث بقلبي ذكريات تضحكني لا أنساها، ولم أكن أستطيع وقتها التصريح بها، يوم كنت -وربما كان والده أيضاً- أنتظر نتائج اختبارات أحمد، وكأنني أنا من أجبت عن الأسئلة وأنا من بذل الجهد في المعرفة وتحصيل الدروس، فقد كان يجتاحني شعور بالتميز والسعادة حالة كانت درجات المواد التي اخترتها لأدرّسها مع ابني أحمد، تفوق درجات المواد التي يدرسها مع والده، سامحوني، واستمرت التجربة بقواعدها لسنوات، وكانت النتيجة جيدة ومثمرة.
دراسات تجيب: أيهما الأفضل.. الآباء أم الأمهات؟
من واقع دراسة أجراها مركز البحوث على 600 أسرة تضم والدين وابناً أو اثنين ظهرت عدة نتائج:
الآباء هم الأفضل في المذاكرة مع الطفل: إن تواجد الأب مع أبنائه في أوقات المذاكرة، يساعدهم على تنشيط ذاكرتهم، ويضاعف تركيزهم وقدرتهم على التحصيل الدراسي، وبتطبيق تجربة طويلة الأمد على مجموعة من الأطفال في عُمر 3 سنوات تعرضوا لحصص دراسية من آبائهم، لاحظ الفريق البحثي أن الأطفال حققوا أداءً مثالياً في المدرسة عندما بلغوا الخامسة.
كما تطورت مهاراتهم الدراسية والاجتماعية في سن السابعة على نحوٍ أفضل من تلك المجموعة الأخرى من الأطفال الذين ساعدتهم أمهاتهم في المذاكرة، وأرجعت الدراسة السبب في ذلك إلى اتباع الآباء طرقاً تحفيزية بأساليب أقرب إلى اهتمامات أطفالهم، مع أسباب نفسية أعمق من هذا التفسير.
ومن زاوية ثانية نجد أن أسلوب الأب أحياناً يعتمد على تبسيط الأمور وعدم تعقيدها، ما قد يكون حافزاً لتنشيط تركيز الطفل، مع تلقينهم بأن أهم ما في الامتحانات هو قياس المستوى، على عكس الأم التي عادةً ما تتبع أسلوباً يقوم على فكرة دفع الطفل ليصبح الأفضل بين أقرانه.
الأمهات هن الأفضل في المذاكرة مع الطفل: بينما أكد الخبراء في دراسة أخرى؛ أن الأم هي الأكثر صبراً وتحملاً وقدرةً على التحمل من الأب فيما يتعلق بمذاكرة الأبناء، كما أن الصورة التقليدية المتوقعة عند الحديث عن المذاكرة للأطفال، تدفعنا للميل نحو التفكير في الأم، كونها مسؤولة عن تربية الأطفال ومساعدتهم في دروسهم في ظل انشغال الأب بعيداً عن المنزل.
هذا رغم ميلها في كثير من الأحيان إلى أسلوب المقارنة بالآخرين، والذي دائماً ما يؤدي إلى نتيجة عكسية ترهق ذهن الطفل، وتجعل انتباهه مشتتاً بين ما تشرحه الأم والصورة التي يرسمها في مخيلته لإرضائها، ويدعم هذا الرأي أن نسبة المعلمين السيدات أكبر من المعلمين الرجال، ما يدل على أن المرأة لديها قدرة على إيصال المعلومات بشكل أكبر للأطفال، لما لديها من صبر أكبر، بجانب قدرتها على تنفيذ مهام كثيرة في الوقت نفسه، على عكس الأب الرجل الذي لا يستطيع التركيز في أكثر من شيء في وقت واحد.
أهمية اتفاق الآباء على المشاركة بالمسؤوليات: نعم هناك ضرورة أن يشارك الآباء معاً في مسؤولية تمارين الأبناء ومسؤولية المذاكرة، ونقل الخبرات في الحياة إلى الأولاد، لأن هذا الأمر ينعكس بالإيجاب على درجاتهم في المدرسة، والمشكلة أن الأم الزوجة لا تستطيع أن تفرض على الآباء أن يذاكروا مع أبنائهم.
وتبقى تجربة الأم سعاد في نطاق التجربة الشخصية التي تحيطها ظروف خاصة، وكذلك نتائج الدراسات، التي رحبت بدراسة الأم والأب كذلك، وإن وصلت في النهاية إلى أفضلية تقسيم المهام بين الزوجين.
7 خطوات تحدد طريقة مذاكرة الطفل وحده
طفل واثق بنفسه فخور باستقلاليته
وهنا يضيف المختصون والتربويون؛ أنه من الأفضل للطفل، أن يذاكر ويؤدي واجباته المدرسية المنزلية بمفرده، حيث يشجعه ذلك على الاستقلالية والاعتماد على النفس والثقة بالذات منذ عمر مبكر، وإليك خطوات للأم تساعد بها طفلها على المذاكرة بمفرده:
ابتعدي عنه تدريجياً
إذا كان طفلك معتاداً على وجودك معه أثناء أداء واجباته المدرسية، فابتعدي عنه تدريجياً، ويمكنك أن تساعديه على بدء المذاكرة، ثم الانتقال للجلوس في مكان قريب، وسيمنحه وجودك الراحة المطلوبة، وفي الوقت نفسه يشجعه على إكمال العمل بنفسه.
كوني معه بالسؤال الأول والثاني فقط
ساعدي طفلك على الإجابة عن السؤال الأول أو الثاني في نشاط ما، ثم اسمحي له بالإجابة عن السؤال التالي بنفسه، مساعدتك لطفلك في السؤالين الأولين، تعلم الأطفال كيفية العثور على الإجابات، وتشجعهم على البحث والوصول إلى الإجابات بأنفسهم.
ساعديه لتحديد مدة زمنية لكل مادة
تفاوضي معه على مهلة زمنية محددة يعتقد أنه يحتاجها لإنهاء كل واجب أو نشاط على حدة، لمساعدته على الاستمرار في التركيز وتجديد نشاطه، وربما يمكنك ضبط مؤقت الساعة على هاتفك وتشجيعه للمضي، مع أهمية أن يكون الحد الزمني معقولاً حتى يتمكن من إكمال واجبه براحة دون ضغط.
اعملي على خلق بيئة مناسبة للمذاكرة
تأكدي من عدم وجود عوامل تشتيت للانتباه مثل الضوضاء العالية والتلفاز أو حتى الأشقاء الآخرين الذين يلعبون في مكان مذاكرة طفلك، فقد يتشتت انتباهه بسهولة، ويفقد التركيز والاهتمام بالمذاكرة وأداء واجباته، إذا ما وجد عوامل تشتيت حوله.
وجهي تركيز طفلك للتعلم وليس الحصول على الدرجات
لا تضغطي على طفلك ليحرز نتائج جيدة أو يحصل على درجات أفضل، بل وجهي تركيزه للتعلم والحصول على المعلومات أولاً، كما يمكنك بعد انتهائه من المذاكرة، مناقشته حول المعلومات الجديدة التي حصل عليها وإعطاؤه المساحة ليشرح بطريقته الذي استفاده اليوم.
اطلبي منه الاحتفاظ بدفتر ملاحظات
شجعي طفلك على استخدام دفتر ملاحظات لكتابة المهام المطلوبة منه، حتى لا يكون هناك أي خطأ حول موعد تسليمها إلى المعلم، وحتى يتعلم العمل بشكل منظم.
ساعدي طفلك لتقسيم المواد بجدول زمني
شاركي طفلك في وضع جدول زمني للمواد التي يذاكرها، واستمعي إلى وجهة نظره وتفضيلاته في المادة التي يريد البدء بها، ويجب أن يتضمن الجدول الزمني وقتاً محدداً لإنهاء مادة وبدء الأخرى، مع فترات راحة محددة، ولتشجيعه في حال التزامه بالجدول الزمني وتأدية مهامه كافة، خصصي وقتاً أطول قليلاً للعب معه أو القراءة أو التحدث أو حتى مشاهدة فيلم معاً.