logo

المربية منال غانم من طمرة تكتب : استقبال السنة الدراسية الجديدة - التفاؤل كمسؤولية مشتركة

29-08-2024 12:20:20 اخر تحديث: 29-08-2024 15:35:30

إن استقبال السنة الدراسية الجديدة بتفاؤل ليس مجرد شعار، بل هو مسؤولية جماعية تتحملها كافة أطراف العملية التعليمية والتّربوية. فالطلاب والمعلمون على حد سواء يجب أن يروا في هذه السنة فرصة للتطور والنمو،

منال غانم - صورة شخصية

 بعيدًا عن مظاهر العنف واليأس. ومن الضروري أن نزرع في نفوس طلابنا حب الحياة والرغبة في التعلم، فنحن بحاجة إلى جيل نجعله يؤمن بأن التغيير يبدأ من داخل المدرسة. هذا العام يختلف عن غيره؛ فنحن كمجتمع عربي في الداخل، نواجه تحديات كبيرة على المستويات الاجتماعية والسياسية. العنف الذي انتشر في مجتمعنا بشكل غير مسبوق، وبصور قاتلة طال كل مدينة وقرية، إضافة إلى مشاهد الحرب الدامية على غزة، تركت آثارًا عميقة في نفوسنا. فقد عايشنا أحداثًا مؤلمة، كان الأطفال شهودًا على وقوعها قبل الكبار.
من المؤسف أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت منصة لتداول مشاهد العنف، مما زاد من حالة الاضطراب والقلق لدى الطلاب. إن مشاهدة هذه الفيديوهات لها تأثيرات سلبية متعددة، وقد تم دعم هذه المخاوف من خلال نظرية التأثيرات الاجتماعية للعالم ألبرت باندورا. وفقًا لهذه النظرية، يتعلم الأطفال السلوكيات من خلال تقليد ما يشاهدونه. باندورا أشار إلى أن التعرض المتكرر لمشاهد العنف يمكن أن يؤدي إلى زيادة العدوانية عند الأطفال، وتقليل حساسيتهم تجاه العنف الحقيقي. هذا قد يؤدي إلى تبنّيهم لسلوكيات عنيفة كوسيلة لحل المشكلات. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي التعرض المستمر لهذه المشاهد إلى إصابة الطلاب بحالة من الخوف والقلق المستمر، وزعزعة شعورهم بالأمان والثقة في البيئة المحيطة بهم ويعيشون فيها.

" حيرة وخوف "
لقد رأيت وعايشت كمربية تعمل في سلك التربية والتعليم كيف أثرت هذه المشاهد على طلابي، وسمعت تساؤلاتهم المليئة بالحيرة والخوف من المستقبل. هذه الأجواء المحملة باليأس تجعل من مهمتنا كطواقم مدرسية أكثر إلحاحًا وإصرارا على مواصلة العمل بدأب كي ننجز المهمّة، ألا وهي بناء طالب سويّ في بيئة داعمة ومناخ ذي أجواء سليمة يجب أن ندرك أننا كمربين نبني مجتمعًا ديناميًا، متفاعلًا، متحرّكًا ومتكافلًا، وليس فردًا أو أفرادًا ينطوون في ذواتهم.
علينا أن ندرك أن المدرسة ليست مجرد مكان للتعليم فحسب، بل هي أيضًا ساحة لبناء قيم إنسانية راسخة. يجب أن تكون المدرسة ملاذًا آمنًا يُعزّز فيه الأطفال والشباب روح التعاون والاحترام. على المعلمين أن يكونوا قدوة في مواجهة الصعاب بروح إيجابية، وأن يغرسوا في طلابهم الثقة بقدرتهم على تحقيق النجاح رغم كل الظروف.
كذلك للأهل دور محوري في هذا السياق. يجب على الأهل مراقبة المحتوى الذي يتعرض له أطفالهم عبر مواقع التواصل، والتحدث معهم بصدق عن مخاطر العنف. كما أن الحوار المفتوح داخل الأسرة حول ما يشاهده الطلاب يمكن أن يقلل من آثار الصدمات النفسية ويعزز الشعور بالأمان. من خلال التوجيه السليم والمساندة العاطفية، يمكن للأهل أن يساعدوا أبناءهم على تجاوز المشاعر السلبية وتعزيز رؤيتهم الإيجابية للحياة.

" شجرة الأمل "
من خلال مقالتي هذه أقترح تنفيذ فعالية للطواقم التعليمية، فعالية "شجرة الأمل" كوسيلة لتعزيز الأمل والتفاؤل بين الطلاب والمعلمين. إليكم سير الفعالية:
في ساحة المدرسة توضع شجرة كبيرة تُسمى "شجرة الأمل"، يُطلب من كل طالب ومعلم أن يكتب على ورقة صغيرة أمنيته أو هدفه لهذا العام، ثم يقوم بتعليقها على أغصان الشجرة.
هذه الفعالية تتجاوز كونها مجرد نشاط رمزي، فهي دعوة للتفكير الإيجابي والعمل الجماعي. ستنمو "شجرة الأمل" يومًا بعد يوم، بأمنيات الطلاب وأحلامهم وآفاق المعلمين، مما يعكس التفاؤل بمستقبل أفضل. يمكن للمعلمين استغلال هذه الفعالية للحديث عن أهمية الأمل في تجاوز التحديات، وكيف يمكن لكل فرد أن يكون جزءًا من التغيير الذي نطمح إليه في مجتمعنا.

خطوات تُعزز من قيمة وتأثير الفعالية:
- جلسة تأمل وتفكر: بعد تعليق الأمنيات، يمكن للطلاب والمعلمين المشاركة في جلسة تأمل قصيرة فيها يتحدثون عن معاني الأمل والإيجابية في حياتهم الشخصية والعامة.
- مراقبة النمو: على مدار السنة الدراسية، يمكن تخصيص وقت دوري لمراجعة الأمنيات والأهداف، والنظر في كيفية تحقيق بعضها. يمكن إضافة أوراق جديدة تعكس تطور الأفكار والرغبات.
- تحويل الأمنيات إلى أفعال: في نهاية كل شهر، يتم اختيار بعض الأمنيات وتحويلها إلى مشاريع صغيرة تُنفذ في المدرسة أو في المجتمع المحلي، مما يعزز الشعور بالمسؤولية المشتركة والقدرة على التغيير.
بهذا الشكل، تتحول "شجرة الأمل" من مجرد نشاط رمزي إلى مصدر دائم للإلهام والتفاؤل، يدعم الطلاب والمعلمين في مواجهة التحديات اليومية وبناء مستقبل أفضل.