logo

مقال: الضائقة التي تواجه المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة - بقلم : إياد شيخ أحمد

بقلم : إياد شيخ أحمد، مدقّق حسابات، محاضر في الكليّة الأكاديميّة سبير وجامعة بن غوريون في النقب
26-08-2024 14:47:02 اخر تحديث: 26-08-2024 15:03:44

في عام 2022، كانت هناك 660 ألف مصلحة تجاريّة في إسرائيل عمل فيها نحو 3.4 مليون شخص، أكثر من 60% منهم عملوا في المصالح التجاريّة الصغيرة والمتوسطة،

إياد شيخ أحمد

التي لها دور هامّ ورئيسي في الاقتصاد كمقدّمي خدمات وأرباب عمل. بالرغم من أهميّة المصالح التجاريّة الصغيرة والمتوسطة، فهي لا تحظى بالمساعدة والدعم المناسبين، كما أنّ البيروقراطيّة ومنظومة تقديم التقارير في مختلف المجالات لا تجعل الأمر أسهل على صاحب المصلحة التجاريّة الصغيرة، الذي يكون في وضع مختلف عن الشركات الكبيرة حيث هناك أقسام مهنيّة مختلفة مثل: الماليّة، إدارة الموارد البشريّة، التسويق... جميع هذه الوظائف تقع على عاتق صاحب المصلحة التجاريّة الصغيرة، لذلك ليس من السهل أن تكون صاحب مصلحة تجاريّة مستقلّة في إسرائيل. وكدليل على ذلك، يتمّ إغلاق 40 ألف مصلحة تجاريّة صغيرة ومتوسّطة في كل عام، وهذا العام بسبب حالة الحرب قد يصل العدد إلى 60 ألفاً، وكان ينبغي أن يثير ذلك نقاشاً مستفيضاً وجهوداً كبيرة من جانب قادة الاقتصاد، من أجل تحسين وضع المصالح التجاريّة الصغيرة في إسرائيل، ولكن في الواقع ليس هذا هو واقع الحال. حتّى برنامج المساعدات للمصالح التجاريّة التي تضررت لا يلبّي الحاجة المناسبة لتعويض الأعمال عن الضرر التي لحقَ بها، فعمليّة تقديم واستلام المنح ليست سلسة، والعديد من المصالح التجاريّة تلقّت المنح بعد مرور فترة طويلة، والكثير من هذه المصالح كانت مطالبة بتقديم التوضيحات والكثير من المعلومات بغية التصديق على طلب التعويض، وفي حالات كثيرة قلّصت السلطة مبلغ التعويض أو رفضته بالكامل لأسباب مختلفة.

تواجه المصالح التجاريّة الصغيرة المخاطر والمعيقات على ثلاثة مستويات: البيئة الكُليّة، وبيئة الأعمال المباشرة، والبيئة الداخليّة للمنظمة. على المستوى الكلّي، تواجه المصالح التجاريّة الصغيرة باستمرار البيروقراطيّة المرهقة والصعوبة في الحصول على التراخيص والتصاريح، مع المركزيّة التي تُثقل على المنافسة وتعاملها مع الشبكات والشركات الكبرى، وتداعيات الوضع الأمني في البلاد. وبالإضافة إلى ذلك، تعاني المصالح التجارية الصغيرة من أزمة ائتمانية وصعوبة في الحصول على القروض. يشكّل هذا الحاجز صعوبة بشكل رئيسي في مرحلة التأسيس التي تتطلب التمويل، ولكن أيضًا في الإجراءات اليوميّة عندما تضرّ أزمة الائتمان بقدرة المصلحة التجارية على التطوير أو التعامل مع الأزمات.

المخاطر والمعيقات في البيئة الاقتصادية المباشرة ملموسة بشكل كبير في المجتمع العربي وفي مناطق الأطراف. ضعف الحكم المحلّي من ناحية الميزانيّات يؤثّر على مستوى البنية التحتيّة أو عدم توفّرها، ويتسبّب في غياب المناطق الصناعية والتجارية، وفي حالات أخرى يؤثّر غياب إتاحة وسائل المواصلات العامة سلباً أيضاً على وضعها.

المخاطر والمعيقات المتعلّقة بالبيئة الداخليّة للمنظمة هي المخاطر التي أواجهها بشكل يومي. كمحاسب ومستشار أعمال يقوم بإعداد خطط الأعمال ويساعد في تنفيذها، كثيرًا ما أكون شاهدًا على نقاط الضعف التي تعاني منها الكثير من المصالح التجاريّة الصغيرة. تبدأ نقاط الضعف هذه في مرحلة التأسيس، عندما لا يتمّ الاستثمار في استطلاع السوق أو بناء خطّة عمل بسبب قيود الميزانيّة أو نقص التدريب. غالبًا ما تقام المصلحة التجارية بناءً على التقليد أو الشعور أو الرغبة في تحقيق الحلم، وليس على أساس الفحص المتعمّق. إلى جانب ذلك، فإنّ ضائقة تجنيد الائتمان وتكلفة التمويل، فضلاً عن صعوبة الحصول على التصاريح والتراخيص، تجعل مرحلة التأسيس صعبة للغاية.

تستمر نقاط الضعف هذه في مرحلة الإدارة اليوميّة عندما يتولّى صاحب العمل عادةً جميع الوظائف في المنظمة، بدءًا من الإدارة اليوميّة وإدارة طاقم الموظفين، مرورًا بإدارة التدفّق النقدي، التسعيرة والمشتريات، وخاصةً إدارة دفاتر المصلحة التجارية (وظيفة معقّدة في حد ذاتها)، وانتهاءً بتسويق المصلحة التجارية. كلّ هذا يجعل إدارة المصلحة التجارية من مهمّة معقدة إلى مهمة شبه مستحيلة، كما أنّ الزيادة الحادّة في سعر الفائدة في بنك إسرائيل والتي بلغت 4.75% في عام 2023، وهي الأعلى منذ عام 2006، يشكّل عبئاً ثقيلاً على المصالح التجارية التي تحتاج إلى تمويل. سواء لرأس المال العائد أو للاستثمار وتوسيع المصلحة التجارية. الأزمة الكبيرة التي تواجه فرع البناء بسبب نقص العمّال تؤثر على العديد من القطاعات الأخرى المرتبطة بفرع البناء، وبالتالي فإنّ جميع العوامل مجتمعة تلقي بثقلها على أصحاب المصالح التجاريّة.

يتعيّن على وزارة الماليّة والوزارات الحكوميّة الأخرى أن تجري نقاشاً معمّقاً وشاملاً بالتعاون مع منظمات المصالح التجاريّة والمكاتب المهنيّة. وذلك بهدف إعداد خطّة شاملة وعامّة لتقليل المعوّقات وتشجيع قطاع الأعمال الصغيرة بما يعود بالنفع على الاقتصاد بأكمله. ينبغي لبرنامج من هذا النوع أن يتضمّن توسيع وتيسير شروط الحصول على القروض بضمانات الدولة؛ وتوسيع البرنامج المصاحب للمصالح التجارية الصغيرة؛ تخصيص الموارد لتوسيع وتحسين المناطق الصناعية والتجارية، وخاصّة في الجنوب والجليل. والتعاون الوثيق بين مختلف الأطراف، بما في ذلك الوزارات الحكوميّة والحكم المحلّي ومنظّمات قطاع الأعمال، مثل مكتب منظّمات العمّال المستقلّين وقطاع الأعمال في إسرائيل، والمنظّمات المهنيّة مثل، مكتب المحاسبين ومكتب مستشاري الضرائب. كما أنّ هناك حاجة إلى تغيير في النهج تجاه قطاع المصالح التجارية الصغيرة وأهميّتها للاقتصاد كمصدر للتوظيف وتقديم الخدمات. وفي ضوء ذلك، من المتوقّع أن تشمل جميع الإجراءات التشريعيّة والإصلاحات الاقتصادية، من بين أمور أخرى، الإشارة إلى تأثيرها المباشر أو الثانوي على المصالح التجارية الصغيرة.