د. سهيل دياب - تصوير موقع بانيت
في الشرق الاوسط، وستفقد الكثير من حلفائها العرب اضافة الى وضع علامة سؤال على نجاح حملة كاميلا هاريس الانتخابية.
اعتقد ان هذا التقييم كان صحيحا حتى الرد الايراني على اسرائيل ب ١٣ و ١٤ نيسان الاخير، اما بعد ذلك فدخلت الولايات المتحدة بمرحلتين جديدتين:
المرحلة الاولى: بين الرد الايراني بنيسان، وبين الاغتيالات الاسرائيلية لاسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في بيروت. هذه المرحلة حاولت الولايات المتحدة مسك العصا من الوسط، من ناحية التعجيل بامكانية عقد صفقة تبادل وتهدئة تمثلت بخطاب بايدن وقرار مجلس الامن، وبنفس الوقت سحب عنصر اساسي من التهدئة، وهو سحب مبدأ انهاء العدوان نهائيا على عطغزة ضمن الاتفاق، وافستح المجال لاسرائيل بالعودة لتحقيق اهداف الحرب لاحقا. فرأينا الشروط الاسرائيلية في ٢٧ ايار، والتماهي الامريكي بتفهم الحاجات الامنية لاسرائيل. بهذه المرحلة قامت الولايات المتحدة بخطوتين لافتتين ؛ الاولى، تصعيد غير مسبوق في الحرب الروسية الاكرانية، والثانية باعطاء فرصة اسرائيلية لتغيير توازن القوى العسكري في قطاع غزة ومحاولة احراز صورة نصر ولو وهمية، لان هزيمة اسرائيل تعني خسارة استراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الاوسط والعالم.
مرحلة التململ هذه دامت حتى الاغتيالات الكبرى لهنية وشكر.
المرحلة الثانية: فعليا هذه المرحلة بدأت عند زيارة نتنياهو لالقاء خطابه في الكونغرس الامريكي، عندها اكد نتنياهو في خطابه على ان دور اسرائيل في الشرق الاوسط هو حماية مصالح الولايات المتحدة، وأن امريكا هي من تحتاج لاسرائيل وليس العكس، هذه التصريحات أثارت ضجة كبيرة في اسرائيل منتقدة نتنياخو، بينما قوبل بالصمت الكبير لدى الادارة الامريكية، والسكوت علامة الرضى كما يقولون.
لقد ترجم نتنياهو هذا التصريح فعليا بعملية الاغتيالات لهنية وشكر لعل ذلك يحضر تغييرا لمعادلة الردع مع ايران وحزبالله، طرح معادلة جديدة في الشرق الاوسط تهدف لان تكون المواجهة مع ايران هي الاساس، وتحويل حرب غزة الى مواجهة صغيرة وثانوية. وبذلك يجعل نتنياهو المواجهة بين اللاعبين الكبار في الاقليم، وليس فقط مع الفلسطينيين، لعل بذلك تقوم الولايات المتحدة ليس فقط بالدفاع عن أمن اسرائيل، وانما بالاساس المشاركة بحسم الصراع الاقليمي عسكريا ضد ايران وحزبالله والحوثثين وسائر المحور.
منذ ذلك الوقت، بدأت الدولة العميقة في الولايات المتحدة بعدم رفض فكرة المواجهة الاقليمية كليا، دون الاعلان عن رغبتها الجامحة بمثل هذه المواجهة، ومؤشرات هذا الموقف كثيرة. منها التلاعب في صفقة التبادل وآخرها زيارة بلينكن الاخيرة، ورفع الجاهزية العسكرية للقوات الامريكية والتي هي الاوسع منذ الحرب العالمية الثانية، ومنها ايضا التشدد الامريكي بعدم تنفيذ وعدها بسحب قواتها من العراق وسوريا، اضافة الى العديد من المؤشرات الاخرى.
الدولة العميقة الامريكية بدأت تطرح على الطاولة جدوى امكانية الدخول بمواجهة عسكرية في المنطقة لاعادة سيطرتها على الاقليم، لانها لا تستطيع ان تخسر بجبهتين، باكرانيا وايضا بالشرق الاوسط.
اود القول، أن الولايات المتحدة الان لا تخرج من حسابتها المواجهة الاقليمية، رغم أنها لم تحسم نهائيا الذهاب اليها.