logo

إجهاد اقتصادي وعدم قبول الحياة البسيطة : القاضي اياد زحالقة يفسر أسباب ارتفاع حالات الطلاق في المجتمع العربي

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
21-07-2024 20:00:40 اخر تحديث: 27-07-2024 10:37:18

قال القاضي في محكمة الاستئناف الشرعية ومدير المحاكم الشرعية في البلاد اياد زحالقة، في حديث ادلى به لموقع بانيت وقناة هلا، ضمن برنامج "الموجة المفتوحة"،

ان "مجتمعنا العربي في هذه البلاد يمر بأزمة اجتماعية خانقة، حيث أصبحت ظواهر مثل العنف والطلاق تعكس مشاكل عميقة يعاني منها المجتمع. في السبعينيات والثمانينيات وحتى بداية التسعينيات كان مجتمعنا يظلل عليه الأمان والطمأنينة والتلاحم، حيث كان الجميع يدعمون ويحبون بعضهم البعض. كان مجتمعنا العربي بطبيعته طيب القلب، ويتميز بالنوايا الطيبة ومساعدة الآخرين، وهو ما كنا نفخر به. ومع ذلك، بدءًا من بداية التسعينيات، شهدنا تحولًا كبيرًا، حيث خرج المجتمع العربي من نطاقه التقليدي إلى مجتمع أكثر انفتاحًا، وتبنى أنماط سلوكية وفكرية معاصرة تختلف عن مبادئنا وتقاليدنا الفكرية والسلوكية والاجتماعية التي نشأنا عليها. هذا التحول أحدث توترًا بين الأنماط التقليدية والانفتاح المعاصر، حيث أصبح الاستهلاك المفرط سمة بارزة في حياتنا".

"في الأنماط المعاصرة، يركز الناس على تحقيق الذات وتلبية رغباتهم الشخصية"

ومضى قائلا: " في الأنماط المعاصرة، يركز الناس على تحقيق الذات وتلبية رغباتهم الشخصية بغض النظر عن احتياجات المجتمع المحيط بهم. فقد تجد شخصًا يمتلك سيارة فارهة، وبيتًا كبيرًا، ويسافر حول العالم وذلك عن طريق الاقتراض من السوق السوداء او البنوك، وهذا امر خاطئ ومرفوض، فإذا كان الإنسان غير قادر على السفر إلى الخارج، أو إجراء ترميمات في المنزل، أو شراء سيارة فاخرة فعليه عدم الاقتراض والاكتفاء بما لديه. لكن للأسف، الأنماط الفكرية المعاصرة يسعى الأفراد من خلالها إلى تحقيق أنفسهم والاهتمام بشؤونهم الشخصية بشكل متزايد، مما يجعلهم يركزون على تلبية احتياجاتهم الخاصة دون الاهتمام الكبير بالمجتمع المحيط أو حتى العائلة. هذه الفردانية تدفع الأشخاص إلى أن يكونوا أكثر استهلاكيين، مما يعكس تغيرات في القيم والاهتمامات الشخصية."

وأضاف: "كنا في الماضي نعيش في مجتمع يتميز بالبساطة والاكتفاء، حيث كنا راضين بالظروف المحيطة بنا ونتقبل القليل ونرضى بالعيش الكريم. اليوم، أصبحت رغبات الفرد تتجاوز ما هو ضروري، إذ يسعى الكثيرون للحصول على أكثر مما يحتاجون، مما يعكس تغيرًا في القيم والمفاهيم حول الرضا والاحتياجات." 

"أننا لا نرضى بالواقع ولا بالقليل الذي نمتلكه"

وحول قضية ازدياد حالات الطلاق في المجتمع العربي، قال القاضي اياد زحالقة: " "من أسباب الطلاق أننا لا نرضى بالواقع ولا بالقليل الذي نمتلكه، ولا نرضى بالحياة البسيطة التي نعيشها. الزوج والزوجة كل منهما يتطلع إلى ما هو فوق قدراتهما وإمكاناتهما رغم ان مجتمعنا يعيش بحالة فقر في ظل قلة الإمكانيات وقلة الدخل وقلة أماكن العمل. هذه العوامل تسهم في تفاقم المشاكل داخل الأسرة، حيث لا يتمكن الزوج من تلبية كافة احتياجات الأسرة. لكن لو كان هناك صبر وتحمل أكبر لهذه الصعوبات، لكان من الممكن أن نتجنب هذا الارتفاع في حالات الطلاق". وأشار القاضي اياد زحالقة الى " أننا نواجه أزمة اجتماعية يجب معالجتها، والسبيل إلى ذلك هو العمل على تحسين وضعنا الاجتماعي، مما سيسهم في تقليل العنف والطلاق. في المحاكم الشرعية، نرى بوضوح تأثير هذه الأزمة على المجتمع وصعوبة الأوضاع داخل الأسر خاصة مع عدم وجود هيئات حاضنة تحتضن الشباب وتوجههم، ونحن بحاجة إلى دعم اجتماعي حقيقي، حيث يجب أن تتوفر هذه الجهات الداعمة التي تقدم الإرشاد والتوجيه للشباب وتساعدهم على التفاهم والتوصل إلى حلول للمشاكل الأسرية. كما نحتاج إلى توعية الأهل بأهمية تربيتهم وتعليمهم لأبنائهم كيفية التعامل مع الحياة الزوجية بشكل صحيح."