logo

يوسف أبو جعفر من رهط يكتب في بانيت : حتى نلتقي - قرارتنا أقدارنا

بقلم : يوسف أبو جعفر ( ابو الطيب) من رهط
19-07-2024 08:43:12 اخر تحديث: 19-07-2024 14:01:26

لا ادري مدى صحة الرواية عن ذلك المللك الذي طلب من مستشاره شيء ما إذا قرأه وهو في فرحه أبكاه وإذا قرأه في حزنه أفرحه، ولكن أن تكون الإجابة أن يضع الملك خاتما

في اصبعه منقوش عليه جملة "هذا الزمن سيمضي" هي قمة الروعة في التفكير، ففعلًا لا حزن يدوم ولا فرح يدوم، وهكذا يجب أن نفكر في حياتنا اليومية لا شيء دنيوي يستحق منا أن نذهب إلى الأطراف في التنفيذ.

عندما نتكلم عن المستشار إنما نتكلم عن أنفسنا فنحن قد نشيرعلى غيرنا وغيرنا لنا، هكذا دواليك بغض النظر عن المهنة الرسمية  ولذلك يجب أن تكون لدى كل منا هذه الحكمه المعقولة والمنطقية لطرح فكرة تحتمل أكثر من راي وكليهما صواب، إن خيار الحل الوحيد هو أخطر الحلول إذ يبعث في النفوس التطرف في القرار، عندما نمتلك حلًا واحدًا ليس هناك مفر من العمل على تنفيذه ولو كان فيه كل التطرف لأننا نعتبره الحل الوحيد وليس غير.

ما يحدث الآن هو أن كثير من الناس يلجأ إلى النصح والحل الوحيد، في كل شيء في حياتنا حتى تعودنا أن غير هذا الرأي لا يحتمل الصواب، مثال ذلك كل من يقتنع بحل لقضية من القضايا العامة يراه الحل الأوحد، والاسئلة والقضايا كثيرة، مثل كيفية خلق انتماء لاولادنا لمدنهم وقراهم وبلدانهم؟ حل لقضية العنف! وهكذا حتى تصل إلى أبسط الأمور نوع السيارة الذي اشتريته إذا كان ما نريد فهو صحيح وإذا اختلف نراه خطأً.

أحسن المستشارين أيضًا ليس الذي يزين لك الحل الوحيد بل الذي يعطيك كل الحلول المتاحة مع وضعها أمامك لتقرر، من أبسط الأمور إلى أكثرها تعقيدًا، ولذلك وظيفة المستشار أو الرجل الذي يعني في أذنك قبل القرار مهم جدًا.

بعض الناس يعتبر القرار جزء من القدر ولذلك يعتبر أن ما يحدث هو القدر وليس القرار، دون الخوض في المسائل الفلسفية  للقدرية والجبرية يجب أن تكون لدينا القناعة التامة أننا نقرر بإرادتنا وليس للأقدار إلا ما نخطه نحن بإيدينا، فالموت والحياة قدر وما بينهما مرهون بنا نحن وليس بشيء أخر، خطواتنا تكتب أقدارنا، كلماتنا ، كتبنا أفكارنا كل شيء من هذا القبيل يساعد على اتخاذ القرار وعندما يخرج القرار إلى حيز التنفيذ يصبح قدرً، ولذلك من يذهب إلى التسليم بسهولة فهو في حالة لا تعطيه سوى اليأس أو الاستسلام وربما يصل الواحد منا إلى حالة اللامبالاة.

في يومنا وحياتنا مستوى القرار والأقدار متلازم عند كثير من الناس، فالزواج قدر أو قرار، منذ اكثر من عشرين عامًا استوقفني صديق سائلًا هل زوجتي هذه قدري، كان باديًا لي أنه يتحرق شوقًا لمعرفة الحقيقة فأجبته قائلًا لقد اقلق سؤالك فلاسفة الشرق، فقال ماذا زوجتي أقلقت الفلاسفة ضاحكًا، قلت بل أقدّر هذا أم حرية؟  قلت له يومها ما أقوله اليوم وغدًا، قرارتنا تكتب أقدارنا، يوم زين القرار لك أحدهم واقتنعت برأيه بالزواج من امرأة ما، فقد كتبت قدرًا.

ولذلك اليوم عندما ننظر نحو من يطرح الحلول والأفكار ، من يقرر يكتب قدره بيده، قد يكون قدرك أنت وقد يكون قدر الناس الذين تلي أمرهم أنت ومن هنا ازداد حجم الأمر بين الثلاثة المستشار والقرار والقدر.

أحيانًا تتصارع القرارات والأقدار مع الايمان الديني لدى البعض رغم أنها في الحقيقة لا تتعارض بتاتاً في نظري، عندما تدرس وتستشير وتتخذ القرار الأفضل في حينه حسب المعطيات التي أمامك ثم يقدر الله شيئًا خلاف القرار أو الرغبة  فلا تحزن  فهذا قرار وقدر في عالم الغيب فلا تخشى ما دمت قد استشرت واتخذت كل الخطوات المناسبة للقرار.

وحتى نلتقي، استشيروا من تثقون به أنه لن يزين لكم القرار، بعض القرارات لا تؤجل فاختر كيف تصنع قرارتك لأنها في النهاية قدرٌ تكتبه، واعلم أن الأخذ بالأسباب يُجمل الأقدار ولو كانت سيئة في نظرك.