ويقول د. ثابت ابو راس، أكاديمي ومحلل سياسي من قلنسوة، في حديث ادلى به لموقع بانيت وقناة هلا حول تفاقم هذه الظاهرة في المجتمع العربي: "لا شك أن استمرار نزيف الدم امر مقلق ومرشح للتصاعد، خصوصًا خلال أشهر الصيف، فقد أجرينا عدة أبحاث ووجدنا أن الصيف ونهايته يشهدان تسجيل 25 إلى 30 ضحية في شهر واحد، مما يعكس الحالة العامة السيئة التي نعيشها. استمرار الحرب وعسكرة المجتمع، فضلاً عن انتشار السلاح والفوضى المصاحبة له، ساهم في تفاقم الوضع. لقد انخفض سعر السلاح بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، وأصبح واضحًا أن سلطة القانون غير فعالة وغير موجودة، حيث لا تقوم الشرطة بدورها في مكافحة الجريمة بشكل جاد، اضف الى ذلك ان نسبة فك رموز الجريمة اقل من عشرة بالمئة مما يعني ان الشرطة لا تقوم باي شيء". ومضى قائلا: "اعتقد أنه حان الوقت لنتجاوز التحليل ونطرح حلولًا كمجتمع. 30% من الضحايا يقتلون دون ان يكون هناك علاقة للعصابات الاجرامية، مما يتيح لنا فرصة للعمل على إصلاح ذات البين في مجتمعنا، لكن للأسف هناك انسحاب واضح للأحزاب السياسية ورجال الدين والمثقفين من الحيز العام، وهذا يؤثر بشكل سلبي على الجهود المبذولة. اضف الى ذلك، عدم وجود تحالفات في السلطات المحلية ولا تمرير ميزانيات وهذا اعتبره عنفا قد يتحول لجريمة، لهذا علينا ان نأخذ المسؤولية على انفسنا والا نلاحق الشرطة".
"علينا أن نتحرك على مستوى المجتمع ككل"
وأضاف: "يجب علينا أن نتحرك على مستوى المجتمع ككل، فحتى وإن كانت الشرطة مسؤولة، إلا أننا لم نشهد إجراءات فعالة منها. علينا أن نأخذ المسؤولية على عاتقنا ونتجنب الاعتماد الكامل على الشرطة، فقد راينا مؤخرا ما جرى في طمرة. لهذا يجب أن يكون مجتمعنا منظمًا، لكن للأسف هناك خيبة أمل من الأحزاب السياسية التي لم تتمكن من التحرك نحو تنظيم المجتمع، رغم ان هذه الجهود قد تساعد في تقليل عدد الضحايا على الأقل".
" نحن قادرون على إحداث تغيير إيجابي"
واختتم قائلا: " المجتمع العربي، إلى حد ما، اعتاد على الوضع الحالي ولم يسع بعد لتقديم حلول وبدائل فعّالة. على الرغم من إدراكنا أن الشرطة الإسرائيلية هي المسؤولة عن مكافحة الجريمة، إلا أنه يمكن تقليل هذه الظاهرة إذا كنا أكثر فعالية وتنظيمًا، لكن للأسف، لم نصل بعد إلى هذه المرحلة. عدا عن ذلك، من الضروري أن يكون هناك نضال سياسي مستمر، لأن العنف والجريمة لهما أسباب عميقة تتعلق بالحكومة التي يجب أن تتحمل المسؤولية، اضف الى ذلك قتل النساء في مجتمعنا التي هي من الظواهر التي يمكن القضاء عليها، هناك أيضًا حالات قتل للأبرياء، وثأر، ونزاعات بين الجيران حول أمور تافهة مثل إيقاف السيارة في مكان معين. صحيح أن الحكومة لا تريد الخير لنا ولكن هل هذا يعني ان نستكين بالطبع لا ، يجب علينا أن نتحرك وننشط لمحاولة تقليل هذه الظواهر، فنحن قادرون على إحداث تغيير إيجابي إذا عملنا بشكل منظم وفعّال".
" ظاهرة العنف ليست وليدة الامس"
من جانبه، قال سامر عثامنة رئيس حركة رايتنا لقناة هلا : "ظاهرة العنف ليست جديدة وليست وليدة الامس، فعلى مدار 24 أو 25 سنة كنا نعد الضحايا بشكل مستمر، ونرى بان هذه الظاهرة تتفاقم اكثر. العام الماضي كان لدينا أكثر من 244 ضحية، ومنذ بداية هذا العام تجاوز العدد 120 ضحية، او 128 ضحية، وقد حان الوقت لطرح الحلول وليس طرح تحليلات. الحكومة الإسرائيلية الحالية، مثل غيرها من الحكومات السابقة، لم تقدم الحلول للمجتمع العربي على ‘طبق من ذهب‘، لهذا يجب علينا أن نعمل على دفع الحكومة والشرطة للقيام بواجبها والحد من هذه الظاهرة. المشكلة تكمن في أن عدد الضحايا الكبير لم يحظَ بالاهتمام الكافي من القيادات العربية والأحزاب السياسية واللجان القطرية وكأن قضية الاجرام والعنف مهملة ولا تشغل بال الكبير والصغير في المجتمع العربي. هذه القضية يجب ان تكون قضية جامعة لكل الأحزاب السياسية ولكل القيادات، قضية العنف لا تقفز عن من هو منتمي للموحدة وتضرب من هو منتمي للطرف الاخر للجبهة او التجمع هذه قضية المجتمع العربي كله، وفي هذه القضية يجب ان تكون القيادة العربية متحدة، منظمة، مرتبة، منسقة في المواقف وفي النقاش لنجد الحلول، لكن هذه الأمور يجب ان تحدث الان ليس غدا او بعد غد لأن الغد مظلم كما نرى ولا امل فيه". وأشار عثامنة الى "انه من اجل ان تبدأ الحكومة بمواجهة منظمات الاجرام واعتقال من يمتلك السلاح ومن يعيثون الفساد والعنف في بلداتنا يجب ان يكون هناك حراك قوي، فاذا لم نضغط على الحكومة لن تتحرك لوحدها، وطبعا هذه الحكومة مع بن غفير ونتنياهو والائتلاف الحكومي العنصري لن تتبرع بحلول ، حتى في اعلامهم العبري لا يتطرقون لهذه القضية، من هذا المنطلق، يجب علينا ان نقوم بواجبنا ونضغط على الحكومة لتقوم بمسؤوليتها تجاهنا".
"خلق شعور الخوف"
وأكد عثامنة على "أن المنظمات الإجرامية تعتمد على خلق شعور الخوف بين الناس لزيادة استجابتهم لها. عندما يعيش الناس في حالة من الخوف، يصبحون أكثر تجاوباً مع هذه المنظمات. هذا الشعور بالخوف موجود بكثرة وبشدة في المجتمع العربي، مما يؤثر بشكل كبير على جوانب متعددة من حياتهم. لهذا تواجه العائلات الثكلى، مثل الأمهات والزوجات والأخوات، معاناة شديدة وأوقاتاً صعبة. هذه الفئة تعاني من الألم والحزن بشكل كبير، ولا أعتقد أن هناك تواصلاً منظماً لدعم هذه العائلات. تواجه هذه العائلات الحزن والعزلة بمفردها، مما يترتب عليه تبعات اجتماعية، مثل تسرب الأبناء من المدارس أو انتقالهم إلى أماكن أخرى، لذلك إذا لم نتعامل بشكل جاد مع هذه الفئة ونوفر لها الدعم الكافي، فقد يؤثر ذلك سلبًا على الوضع في مجتمعنا بشكل عام".