صورة للتوضيح فقط - تصوير: shutterstock_Ground Picture
وتتحلى بالكثير من الصفات الحميدة، وعائلتها طيبة، وأنا دائمًا أحاول إسعادها ومعاملتها بالحسنى بما يرضي الله تعالى.
مشكلتي هي أني سريع التأثر بشكلها، فبعض المرات يعجبني شكلها وأراها جميلة جدًا، وهذا قليل جدًا، لا أخفيكم أنها تعد جميلة بعيون البعض، وأكثر المرات لا أراها جميلة، خصوصًا عندما تبتسم أو تضحك، وهذا يؤثر على نفسيتي، فتراني عبوسًا ولا أرغب بالجلوس معها ومحادثتها، ولكني أتحامل على نفسي حفاظاً على مشاعرها، علمًا بأنها تشعر بذلك عندما أعبس وتقول: بالتأكيد لم يعجبك شكلي اليوم.
أنا صدقًا لا أفكر بالطلاق منها؛ لأنها تحبني ومتعلقة بي كثيرًا، ولا أرغب في كسر خاطرها، وقد جربت مرارًا وطالبتها بالتغيير لتبدو جميلة في نظري، في وجهها بعض التجاعيد، وهي نحيلة جدًا وقصيرة القامة، والفتاة حاولت مشكورة فيما تستطيع أن تحسنه لكن دون نتائج واضحة للأسف.
مشكلتي أني أطلق النظر كثيرًا، وهذا حرام شرعًا بالتأكيد، وأرى بعض النساء أجمل وأكثر أنوثة من زوجتي في أجسادهن، وأبدأ بالمقارنة، وهذا يزيد الغصة في قلبي، فأنا لا أريد الزواج عليها؛ لأن ذلك سيؤذيها رغم قدرتي ماديًا على ذلك -ولله الحمد-.
فهل لو أمسكتها وداومت المعاملة الحسنة معها، رغم عدم حبها أو الميل لها، وصبرت ولم أتزوج عليها أو أطلقها، هل أثاب على ذلك؟ وهل هنالك حديث يدل على ذلك؟ أم تنصحوني بالزواج لأعف نفسي؟ علمًا بأننا لم نرزق بطفل إلى الآن، ونفكر في ذلك قريبًا، وكل ذلك بمشيئة الله طبعًا.
وشكرًا جزيلًا.
الإجابــة
سعدنا بهذه الإيجابيات الجميلة الكبيرة التي ذكرتَها عن الزوجة، ونسأل الله أن يُعينك على إسعادها، وأن يُعينها على أن تُسعدك، ونحب أن نؤكد لك ونذكّرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة، إن كَرِهَ منها خُلقًا رضيَ منها آخر).
وندعوك إلى الاهتمام بغض البصر؛ لأن الإنسان إذا أطلق بصره -كما قال ابن الجوزي- لن تكفهِ نساء بغداد وإن تزوّجهنَّ، فالإشكال الحقيقي هو في إطلاق البصر، والشيطان دائمًا يُزيّن للإنسان الحرام، وحتى التي يُشاهدها في الشارع لو كانت قبيحة؛ فإن الشيطان يستشرفها ويُزيِّنُها ليفتنها ويَفتِن بها.
والأمر الثاني: أن النساء اللاتي يُشاهدهنَّ الإنسان في الشارع لا يُظهرن إلَّا أجمل ما عندهنَّ، فهنَّ يُخفين الجانب القبيح، والكمال مُحال، فنحن بشر -رجالًا ونساءً- النقص يُطاردُنا.
ولذلك أرجو أن تقنع بما عندك من الخير، ونسأل الله أن يُعينك على إسعاد هذه الزوجة وتطييب خاطرها، ونتمنَّى أيضًا أن تتفادى كل ما يجرح مشاعرها؛ لأن هذا ممَّا تُؤجر عليه، فـ (خيركم خيركم لنسائه) كما قال نبينا الكريم، وصبرك عليها ثوابه عظيمٌ جدًّا عند الله تبارك وتعالى، فإن الذي يجبر الخواطر يقيه الله تبارك وتعالى من المخاطر.
ونعتقد أن الزوجة بالمواصفات التي ذكرتها مقبولة، هذا بشهادتك وبكلامك، وأنت تتضايق من مظهرها في بعض الأحوال وبعض الأحيان، ويُؤسفنا أنها بدأت تشعر بذلك؛ لذلك أرجو دائمًا ألَّا تُظهر لها أنك تتضايق من أشياء مُعيَّنة؛ لأن هذا يُسبّب لها ألمًا نفسيًا.
كذلك نحب أن نبيّن لك أننا -رجالًا ونساءً- فينا النقص، فكلُّ إنسان فيه إيجابيات وفيه سلبيات، وحتى المرأة التي تُشاهدها ويزيّنُ لك الشيطان شكلها فيها من العيوب ما لا يعلمه إلَّا الله؛ لأنه ما ظهر لك إلَّا الجانب الجميل منها التي تعمّدت إظهاره؛ ولذلك لا يجوز ولا يصح أن تُقارنها بالزوجة التي تعرف سائر أحوالها، ولذلك المقارنة دائمًا فيها ظُلم؛ لأننا عندما نقارن أنفسنا بالآخرين أو بما عند الآخرين؛ نحن لا نعرف من حال الآخرين إلَّا ما ظهر، ونعرف من حال أنفسنا ومَن حولنا من أبناء أو زوجة أو إخوة وأخوات، نعرف ما ظهر وما بطن، وبالتالي تُصبح المقارنة ظالمة.
مرة أخرى: نؤكد لك ونحيي لك على فكرة السؤال، ونبشّرك بأن صبرك على هذه الزوجة صاحبة الدّين، وحرصك على إسعادها، وتضخيم الإيجابيات التي بدأت بها الحديث؛ هذا ممَّا تُؤجر عليه، وممَّا يجلب لكم السعادة.
ولا نؤيد فكرة الاستعجال بالزواج للأسباب المذكورة، ولكن نتمنّى أن تجتهد في تصويب وتقويم هذه الحياة، وإذا كان هناك مجال، إذا كانت هناك عيوب؛ فإن إزالة العيوب لا مانع منها من الناحية الشرعية، لا أقصد عمليات التجميل، ولكن إذا كان هناك عيب ظاهري؛ فتصويب العيب لا إشكال فيه، والممنوع هو تغيير خلق الله لأجل الحُسن، يعني: يكون الأمر مستقيمًا ولكنها تُريد أن تقلّد أنفاً معيّناً أو فماً مُعيَّناً أو طريقة مُعيّنة، هذا الذي يرد فيه الإشكال الشرعي.
ولا أعتقد أنك تحتاج لهذا بعد الإشارة التي أشرت إليها في بداية السؤال، بل أشرت إلى أن هناك مَن يرى أنها جميلة، وأنت كذلك تراها جميلة إلَّا في بعض المواطن التي أشرت إليها، ولذلك أكرِّر دعوتنا لك لأن تحتسب الأجر والثواب، ونبشرك بأنك مأجورٌ بصبرك عليها وبإحسانك لها، ونسأل الله أن يُؤلّف القلوب، وأن يغفر الزلَّات والذنوب.