دعوت صديقا آخر للدخول في المشاركة، رغبة مني في أن يعوض خسائر قديمة مُني بها في أمور أخرى دون أي مقابل، ودفع صديقي 5 ملايين جنيه قام تحويلها إلى شريكي مباشرة، وضمنت له المبلغ بشيك أصدرته له طواعية وبحسن نية مني دون أن يطلب مني أي ضمان. مرت 14 شهراً حصل خلالها على 55.5% من رأس المال في صورة أرباح على دفعات، ثم حلت جائحة كورونا وتم إعدام شحنة من البطاطس تم تصديرها إلى أوروبا خسر فيها شريكي رأس مالنا كله، ولم نتمكن من صرف بوليصة التأمين لخطأ إجرائي، ثم دخل السجن ولم يقم برد أي أموال لي أو لصديقي. وبعد مرور أكثر من 4 سنوات فوجئت بصديقي يطالبني بسداد شيك الضمان، ولم يراع الحادث المفاجئ الذي لم يكن بالحسبان ولا يمكن التنبؤ به وقت الاتفاق. صديقي يعلم كافة التفاصيل وقد تابعها بنفسه مع شريكي المسجون. فهل يجوز له شرعا مطالبتي بقيمة الشيك كله أو بعضه، رغم ضياع كل مالي وماله في هذه الكارثة التي حلت بنا جميعا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالفصل في الخصومات وقضايا المنازعات محلُّهُ القضاء، وذلك لأنه الأقدر على السماع من أطراف النزاع وإدراك حقيقة الدعاوي والبينات والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي؛ فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.
والذي يمكننا إفادة السائل به عموما لا في خصوص سؤاله، أن المضارب يده على أموال المضاربة يد أمانة، فلا يضمن الخسارة إلا إذا فَرَّط أو تعدَّى، وتسبب ذلك في خسارة رأس المال.
وأما إذا خسر بغير تَعَدٍّ، ولا تفريط منه، فهي على صاحب رأس المال، ويخسر المضارب جهده ولا يضمن الخسارة من ماله.
جاء في (الموسوعة الفقهية الكويتية): ذهب الفقهاء إلى أن يد المضارب على رأس مال المضاربة يد أمانة، فلا يضمن المضارب إذا تلف المال أو هلك إلا بالتعدي أو التفريط. كالوكيل. اهـ.
وإثبات التعدي أو التفريط يرجع فيه إلى القضاء، أو مجالس التحكيم من أهل الخبرة.
وفي حال ثبوت ضمان الخسارة على المضارب، فمن حق صاحب رأس المال أن يطالبه بها، وكذلك له أن يطالب من كفله بشيك ضمان على نفسه.
والله أعلم.