logo

مفلح سلامة العتايقة ... طبيب من الجنوب رفض عروضا كثيرة من ألمانيا ليعود الى البلاد

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
18-03-2024 11:18:22 اخر تحديث: 20-03-2024 13:00:53

مفلح سلامة العتايقة، 53 عامًا، من سكان مدينة رهط، ولد وترعرع فيها، متزوج وله 4 أبناء، اثنان منهم في مقاعد الدراسة الاكاديمية، يشغل منصب مدير مديرية النقب الجنوبي في كلاليت.



تصوير: محمود العتايقة


درس جميع المراحل التعليمية في رهط وتخرج من المدرسة الثانوية عام 1988، بعد عام واحد التحق بالدراسة الاكاديمية في جامعة "كيل" الالمانية وتخرج من كلية الطب فيها.

وعلى الرغم من العروض الكبيرة والمغرية التي توفرت له في المانيا، الّا أنه قرر العودة الى البلاد وانضم الى أسرة كلاليت وتخصص في طب العائلة وبها شق مسيرته المهنية بكل عزم واصرار.

حصل الدكتور مفلح عام 2006 على لقب الماجستير (MA) في الصحة العامة، وفي عام 2018 بدأ التخصص في الطب المُلَطِف (الرعاية التلطيفية) والتي تركز على تخفيف ومنع المعاناة التي يعاني منها المرضى. كما التحق الدكتور مفلح بعدة دورات مهنية متخصصة في مجال السكري وهو يعمل الآن كمستشار لمرض السكري في لواء الجنوب. وفي عام 2018 التحق الدكتور العتايقة في دورات ريادية وقيادية ضمن ما يعرف بـ "معوز". كما وحصل الدكتور العتايقة على لقب ماجستير آخر في ادارة الاعمال، تخصص انظمة الصحة العامة.

وعن الرعاية التلطيفية وأهميتها، قال الدكتور مفلح سلامة: "فكرة هذا الموضوع جاءت استجابة للحاجة الملحة لهذه الرعاية الضرورية، وفعلًا افتتحنا وحدة خدمات في منطقة الجنوب وبدأنا العمل مع المرضى المزمنين وخاصة مرضى الاورام السرطانية، وقد هدفنا من خلال تقديم هذه الرعاية الى تحفيف الآلام عن المرضى قدر المستطاع فضلًا عن توفير جودة حياة مميزه لهم، ولهذا الموضوع التحقت بدورات مهنية متخصصة في انجلترا".

وحول علاقاته الاجتماعية والمهنية في المجتمع البدوي قال الدكتور مفلح: "انا بطبعتي انسان اجتماعي لذا اتمتع بعلاقات اجتماعية مميزة وواسعة وخلال كل مسيرتي المهنية عملت جاهدًا على الانخراط في كل المناسبات المحلية والاجتماعية سيما أنني اتمتع بحضور اجتماعي لافت في منطقة الجنوب، كما أنني كنت عضوًا عام 2001 حتى عام 20017 في مجلس ادارة الشركة الاقتصادية في بلدية رهط.

وفيما يتعلق بالمجتمع البدوي والتطور الذي طرأ عليه في السنوات الاخيرة قال الدكتور العتايقة: شهد المجتمع البدوي في العقدين الأخيرين تحديدًا قفزة نوعية وبفترة زمنية وجيزة نسبيًا، بالعادة تتطور المجتمعات على مراحل زمنية طويلة ومتعاقبة، ولكن المجتمع البدوي في البلاد اتخذ منحنًى مغايرًا تمامًا، وهذا الأمر ايجابيات وسلبيات عديدة.

فمن إيجابيات الموضوع، ملاحظتنا للأعداد الكبيرة للمتعلمين والمتخصصين وخاصة في قطاع الشباب. لكن من سلبيات ذلك، تمركزنا تمحور حول مجالات محددة، كالطب والتمريض، وفي النهاية وجدنا أن هناك نقص كبير في مجالات مهمه كالهندسة والهايتك والرعاية المساعدة وعلاج النطق. بكلمات اخرى وصلنا في مجالات معينة الى مرحلة الاشباع وفي مجالات أخرى نعيش حالة من التعطش والتصحر".

وعن أسباب تطور اللحاق بالتعليم الاكاديمي قال الدكتور مفلح: " لعلَّ من أهم أسباب هذا الموضوع هو الادراك والوعي بطبيعة الظروف فإما العمل كعامل بسيط في الاشغال الشاقة وإما التعليم والعمل بعمل مريح وكريم، كما أن التنافس، المدعوم بالحاجات الماسة، بين المواطنين خلق حالة ايجابية لناحية اللحاق بالتعليم الاكاديمي، اضيف الى ذلك، إصرار اهلنا على غرس حب التعليم فينا، فأهلنا بمعظمهم لم يذهبوا الى المدارس او أنهم تعلموا حتى الصفوف الابتدائية او الاعدادية على أكثر حال، ومع ذلك أدركوا أهمية التعليم المدرسي والاكاديمي وقد عكسوا ذلك عليّنا وحثونا على التعليم."

وعن الأهداف المرحلية والاستراتيجية للدكتور مفلح سلامة قال: "في مجال العمل؛ بدأت حياتي كطبيب عائلة ودخلت في عالم الادارة وأنا أطوق الى إحداث تغيير جوهري في المجتمع البدوي على اكثر من مستوى. على المستوى الطبي، أشدد على موضوع مرض السكري والسمنة الزائدة وهذا بسلم اولوياتي، كما اصبوا الى ايصال المجتمع البدوي الى مستوى عالٍ من الخدمات والرعاية الطبية. استراتيجيًا؛ اطمح الى خلق حالة من الشراكات بين صناديق المرضى والمجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني، فذلك من شأنه تحقيق كل ما ذكرت.

وبخصوص رؤيه وتصوره لقادم الايام قال الدكتور العتايقة: " حققت الكثير من الأمور التي كنت أحلم بها وأنجزت الكثير من الأهداف، اليوم اتطلع الى التأثير الايجابي وأن أكون في منصب استطيع من خلاله أن اؤثر على مجريات الأمور وتحديدًا في المجتمع البدوي."

وعند حديثه عن مرض السكري ومضاعفاته المنتشرة في المجتمع البدوي قال الدكتور مفلح: " لا شك أن النوع المنتشر هو السكري من النوع الثاني مع انه اقل من المتوسط على مستوى الدولة، لان المجتمع البدوي هو مجتمع شبابي، مع ذلك فان انتشار مرض السكري لدى البدو أعلى مما عليه الحال لدى المجتمع اليهودي من ذات الفئة العمرية، وبالتالي المضاعفات لديهم اعلى بطبيعة الحال".

وأضاف الدكتور مفلح: " أقدم للمرضى العلاجات المتوفرة والمصادق عليها من قبل صندوق المرضى ووزارة الصحة. بالمجمل، يتلقى المرضى أفضل العلاجات والأدوية ولكن الأمر يتوقف على موضوع التعاون من قبل المرضى أنفسهم، للأسف بعض المرضى لا يتعاونون بما يكفي مع العلاجات، لا يوجد اعتراف صريح، من قبل المرضى، بان مرض السكري هو مرض مزمن يحتاج الى رعاية ومتابعة حثيثة فالبعض يعتقد أن هذا المرض سيختفي أو يزول في غضون أسبوع أو اسبوعين. من هنا تنبع أهمية الوعي بالمرض ومخاطره ومآلاته، لدى المجتمع اليهودي وعي أكبر بهذا الموضوع لذا، علينا بذل جهد أكبر وأكثر تركيزًا في المجتمع العربي.

وفينا يتعلق بموضوع الرعاية الطبية الممنوحة من قبل كلاليت في المجتمع البدوي بعامة والقرى غير المعترف بها بخاصة قال الدكتور مفلح سلامة: " تقدم كلاليت طيف كبير وواسع من الرعاية الطبية للسكان الجنوب بما في ذلك القرى غير المعترف بها، وبجودة عالية جدًا، عملت في عيادة "الاطرش" بمولد كهربائي (جنراتور) ومع ذلك كان هناك شبكة اتصالات كاملة اتاحت تقديم خدمات نوعية. كما أن العيادات في القرى غير المعترف بها تضم أطباء ومتخصصون ومستشارون مرموقون" .

وحول الصحة النفسية والعيادات المتخصصة في هذا المجال قال الدكتور العتايقة: " في رهط هناك عيادة طب نفسي للكبار والاطفال، الطلب على الصحة النفسية كبير وهناك أطباء يتحدثون اللغة العربية وهذا مهم جدًا في العلاج النفسي. وقد برزت أهمية العلاج النفسي في ظل الأحداث الأخيرة التي تعيشها البلاد سيما وأننا نشهد حالات هلع وخوف وقلق، والعيادة الجديدة ساهمت مساهمة كبيرة في تبديد تلك الحالات النفسية الخطيرة". وأضاف مردفًا: "قبل 10 سنوات لم يكن هناك وعي للموضوع كان الناس يفضلون "الدراويش" والعلاج البديل، اليوم يبدو الأمر مختلفًا تمامًا وهناك طلب متزايد على العلاج النفسي" .

وقد ختم الدكتور مفلح سلامة العتايقة حديثه: " أقول لكل طبيب؛ اذا ملكت الارادة ستتخطى الحدود وستصل الى ما بعدها، نحن موجودون في اطار يمكنك من خلاله بلوغ أي منزلة او مرتبة تريدها، لا تقلق من كونك عربيًا، فمع أننا أقلية في هذه البلاد لكن لدينا قدرات عالية جدا ونستطيع شغل مواقع ومناصب مرموقة ما يساهم في تأثيرنا ايجابا على مجريات الأمور. كما أنني اتوجه الى المواطنين وأحثهم على الانتباه الى صحتهم والتعاون مع الطواقم الطبية وادعوهم الى ضرورة الوقاية وتوخي الحذر من الامراض على انواعها كما عليهم تلقي التطعيمات المطلوبة والضرورية والابتعاد عن الآراء السلبية والمسبقة. على المواطنين التوجه باي استفسارات الى الاطباء وسيجدونهم آذان صاغية وأيدٍ راعية.
لا بد لي أيضًا أن أتوجه الى جميع المجالس المحلية وأناشدهم التعاون مع صناديق المرضى فمن شأن ذلك رفع مستوى الخدمات الطبية وتطوير قطاع الرعاية الصحية" .