الشيخ الدكتور جمال قبلان - صورة شخصية
ومحبة الناس والتواضع، والحرص على خدمة الناس والعدل والمساواة بينهم وتوقير كبيرهم وصغيرهم... ووضع مصلحة البلد والمواطن فوق كل المصالح والاعتبارات. وان هذا البلد الكريم قد قدم عبر القرون الماضية كل التضحيات الجليلة في سبيل هذه المبادئ والقيم النبيلة السامية التي نفتخر بها اليوم. وهذا هو شعاري وهكذا علمتني الحياة.
الحياة مسرح يشاهد عليه روايات من صور المجتمع على حقيقته بخيره وشره، بحلوه ومره، بوعيه وطيشه، بجهله ومعرفته. والناس اما ممثلون يلعبون ادوارهم، كبيرة كانت ام صغيرة، والجمهور من حولهم يتفرجون يصفقون، يضحكون او يبكون، او انهم لا يشعرون بما يجري حولهم على الاطلاق، اننا لا نتقدم بالتصفيق، ولكننا نتقدم بالعمل.
وعلى سبيل المثال المشاهد التي نراها اليوم بما يتعلق بالانتخابات التي هي مظهر من مظاهر الديمقراطية الصحيحة، فيها الاخذ وفيها العطاء، فيها المستفيد وفيها المفيد، اقول كلما كان الوعي والصدق لغة المتعاملين كلما اقتربنا الى المفاهيم السامية للديمقراطية والحرية التي من اجلها نضال الانسان على مر التاريخ لتحقيق مجتمع متطور راق.
لكن من الظواهر التي تبرز خلال هذه الفترة والتي لا تشرف احدا، هي الطرق الملتوية التي يتعامل بها البعض، فانت لا تعرف اتجاههم وموقفهم، فهم مع الذي يحادثهم ويزورهم ويناقشهم، حتى يأتي اخر جديد من المعارضين للأول فنجدهم هم أنفسهم مؤيدون مباركون.
" تذكرة دخول مشرقة للمجتمع "
ايها الشباب ان اصحاب الراي الواضح يصورون شخصيتهم الحقيقية وهي تذكرة دخول مشرفة لهم للمجتمع، اما الذين يغيرون بواقع وجودهم وفق المصالح والمناسبات والاتجاهات فانهم يجعلون من أنفسهم مهرجين مخادعين، ولو نجحت اساليب حيلهم ومراوغاتهم مرة او أكثر كلهم على طول المدى سيقضون على شخصيتهم ويجعلونها تباع بالمزاد العلني. لذا اقول ايضا..
اننا لا نقدر الامور حق قدرها ان اعتقدنا ان النجاح بكل طريق واسلوب هو هدفنا لان في ذلك فسح المجال لتبرير الواسطة التي قد تستعمل طرقا ملتوية. ليس الصادق مسكينا بين الكذابين الكذابون هم المساكين، بين أنفسهم وبين الصادقين!
لكنني اقول اليوم: ايها الاخوة.. لو أهملنا اقوال المنافقين، ولو قابلنا باللامبالاة أحاديث المخادعين، ولو ابدينا تحفظا من دسائس الواشين- لخنقنا هذه الامراض في مهدها.
اعلموا ايها الشباب، حين يقف الانسان امام المرآة تظهر صورته على حقيقتها. فهذه الاداة المعبرة لا تغير الواقع لتجعل من الجميل قبيحا والعكس بالعكس، ولكنها تطلع الانسان على ظله وظلاله وعوراته ونقائصه والنفس اشبه بالمرآة تعكس صورة الانسان، وهي محك له لشحذ فكره، وتنشيط همته، وتقويم اعوجاجه. ان على سطح المرآه وفي اغوار النفس ما يبهم وما يخيب، وسعيد الحظ من عرف وتعلم وعمل، لا من ندب حظه على ممر الليالي والايام.
واعلموا ايضا، حين ينطلق من يصعد درجات السلم عليه ان يعرف حقيقة ثابته، وهي: انه لا بد من الهبوط على نفس الدرجات مهما طال به الزمن، ليعود الى قاعدته على سطح الارض.
فما أجمل الوفاء والتواضع حينما يتجلى في النفس الانسانية، وما أجمل النفس حينما يزينها التواضع، وتعيش في ظلاله، تسمو به فترتفع الى درجة عليا من الاخلاق والايمان والمحبة بين الناس.
وقد اوصى بعض السلف ابنه فقال: يا بني لا تصحب من الناس الا من إذا افتقرت قرب منك، وان استغنيت لم يطمع فيك، وان علت مرتبته لم يرتفع عليك. واقول مرة اخرى: اعلموا ايها الاخوة.. ان القائد الحقيقي هو من يحمل هم بلده واهل بلده جميعا ويطبق ذلك قولا وعملا.
ما أجمل البلد الذي يأكل من صحن ويشرب من كأس….!
وما أجمل الذي عمل من أجل ذلك…! ايها الاخوة يجب علينا جميعا ان نعلم علم اليقين.. ان الانتخاب ضمير ومصير. واعلم ان الله عادل يعيد لكل ذي حق حقه، فلقد نصحتك ان قبلت نصيحتي فالنصح أغلى ما يباع ويوهب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كاتب المقال : مستشار وزير الزراعة للشؤون العربية سابقا