logo

مقال: ‘ مسكينة هي شمس هذا النهار‘ - بقلم : المحامي شادي الصح

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
13-02-2024 17:07:37 اخر تحديث: 14-02-2024 05:57:24

سألته : ما اليوم؟ فأجابها بهدوء ( لأنه يعرف طباعها تثور بسرعة) أجاب بحذر شديد يوم من الأيام.. لكن ما اليوم! سألت بغضب ! فقال لا أدري..ولماذا انت غاضبة؟


المحامي شادي الصح 

هو يوم عالمي، أي نوع من الرجال أنت!! للأسف نعم لا ادري ولا اريد أن أدري ! ولماذا يتوجب علي بأن أعلم ؟! إنه عيد الحب أيها المغفل عيد القداسة ، أليست لك حبيبة؟ ألا تحتفل بالأعياد التي يقيمها العالم فرحا بالإنسانية؟ يبدو أن حبيبتك ستنزعج منك كثيرا! ألم تر كيف امتلأت الشوارع باللون الأحمر بالدببة بالقطط بالكلاب! أوَلم تلاحظ الشوارع قد تغيرت أولم تستمع او تشاهد التلفاز كيف يحيون هذا العيد! أولم تشاهد السماء تحتفل بهذا العيد! لم تلاحظ كيف غزا اللون الأحمر المحلات في اقدس مكان على وجه الأرض السعودية تزينت المحلات بقمصان النوم الحمراء في السعودية! ألم تسمع عن الاصدقاء الذين حجزوا قبل شهر في الفنادق والمطاعم احتفالا بقدوم العيد. إنه عيد الحب!! لقد خذلتني وتغيرت في نظري وخيبت آمالي وحطمت طموحاتي فلم تعد أنت الذي كنت مصدومة منك. ( لم يعد شرقياً أبيا عفيفاً طاهراً سويا) ..... لم يعد ذاك الرجل الذي له كلمة تريده كمطرب كمغني كممثل كعارض ازياء !!! هكذا تريده بأن يكون كي لا يخذلها ويصدمها تريدها أن يحضر دباً أحمر ووردة حمراء وكلب أحمر وتمثال أحمر وأحمر الشفاة وقارورة نبيذ أحمر لتكون ليلتها حمراء ( لا تستغربوا) بل وأكثر من ذلك..... وتتابع ... كيف ستلتقي بالإنسانية؟! 

تحول الحجاب الى اكسسوار:

وتلبس له الأحمر! وعلى رأسها تضع غطاء لونه أحمر ( مهو الجلباب صار اليوم موضة اكسسوار) عندما يتحول الحجاب الى اكسسوار. 

كثيرات هن على تلك الشاكلة وخاصة في المجتمع الشرقي التي تملأه العاطفة الجياشة!!هو الشرق الحبيب، والحب أتاه من الغرب، عيد الحب والقداسة !!! 

لا نعيش في هذا العالم العبثي:

دخلني شك في أني لا أعيش في هذا العالم العبثي، فكيف لي أن أكون وأنا لا أدري ما اليوم وما مناسبته! ثم إن هذه لا تدري أني غير مقيد بقواعد وإحتفالات العالم التافهة، كما لا تدري أني أحب شيئا أكبر من أن يختصر في عيد من الأعياد..فلماذا عليَ أن أحبك وأنت لست لا زوجتي ولا أمي ولماذا تنادين بالعشق المحرم.

ولماذا على الفتاة ابنة السابعة عشر أن تحب ولماذا عليها ان تقيم علاقات غير شرعية فاضحة تحت اسم الحب الأبدي !! ولماذا عليها أن تلبس اللون الأحمر وترسل صورتها الى عشيقها وهي تلبس اللون الأحمر !!!! وأن معظم حالات الطلاق سببها خيانة المرأة وحتى بعد أن تطلق تقوم ببناء وإنشاء علاقة حب وهي متزوجة واثناء المحاكمة وبعد الانتهاء، قبل وأثناء وبعد، لا ويقولون بأنها منطلقة وليست مطلقة نعم منطلقة فمنذ أن انطلقت لا شيء محرم الكل مباح ومستباح. 

حب الآخر:

الحب! إنه لعنة من لعنات الآلهة للشرقيين وحبي بالأحرى مغاير للحب في مسماه العادي والبسيط " حب الآخر ".. نعم إني أحب أيضا الآخر، لكنه لا يتمثل في هيئة إنسان، ولا في هيئة عيد، ولا في أي هيئة من هيئاتكم الموقرة..إن الحب أكبر بكثير من أن يختصر في قاعدة إنسانية تحت مسمى " الإنسانية "، الحب إختراق للمألوف، إختراق للعادة.إختراق للتقليد.. وبمعنى أعم تجاوز للذات من حيث هي كذلك، وبهذا تكون قد وقعت حقا في " الحب " وليس حبا بالمعنى العام، فالعام متشابه المحتوى دوما.

رذيلة من شروق الشمس وحتى غروبها:

هو يوم اسمه (عيد الحب) ولكنه يوم ممتلئ بالرذيلة من شروق شمسه .. إلى غروبها ! مسكينة شمس هذا النهار الأحمر تطلع على الرذيلة وتغيب على الرذيلة والفسق. 

هل سمعوا اولئك عن الحب بمعناه الحقيقي…

الحب الحقيقي:

هل سمعوا عن أنين المنبر الذي تركه النبي صلى الله عليه وسلم ..؟

هل سمعوا عن بكاء الشجرة للنبي صلى الله عليه وسلم ..؟

هل سمعوا عن بكاء عشرات الألوف من الصحابة في لحظة واحدة حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟

هل سمعوا ضجيج المدينة حين شيعت جسد النبي الطاهر ؟

هل سمعوا عن آخر لحظة من حياته صلى الله عليه وسلم .. حين وضع رأسه على صدر عائشة .. 

وكأنه يقول .. على الحب والمودة نموت !

هل قرأوا إنجيل متى، سأل أحد علماء الشريعة قائلا: "يا معلم، ما هي أعظم وصيّة في الشريعة؟" فأجابه يسوع: “أحب الرب إلهك بكل قلبك، وبكل نفسك، وبكل عقلك". هذه هي الوصية الأولى والعظمى. والوصية الثانية مثلها: "أحب قريبك مثلما تحب نفسك. على هاتين الوصيتين تقوم الشريعة كلها وتعاليم الأنبياء".

في مثل هذه اللحظات يركع الحب .. ولا تبقى مفردات في قواميس المحبين والعشاق .. 

لأن الصورة تكفي لبيان حقيقة الحب !مساكين هم .. الحب لديهم شهوة تنقضي في لحظات.

أما الحب لدينا فهو يتجدد في كل لحظة.......

بين مؤيد ورافض:

هناك مؤيد فرح بحلول الحدث و باحث عما يسعده و بين رافض للفكرة بالأساس و نازل بالشتم و اللعنات عما يأتينا من الغرب من تقاليد عمياء تفصل هوية شبابنا عن الأصل و الجذور فلا تنبهروا بالآخر ولا تقلدوا تقليدا اعمى فما بالكم بالأم التي تلبس الأحمر والأب يراها والبنت فما مصير تلك العائلة ؟!حتى أن الأب يشارك لبس الأحمر ويضحك والأم ( خلص يزلمي مهو يوم ومارق وهو صامت يمسك بفنحان القهوة ماددا رجليه على الطاولة ويتنهد. خلص خليها. ) خليها تلبس أحمر وتشتري قارورة نبيذ حمراء وترجع في آخر الليل قبل طلوع الفجر لابسة الأحمر.

موروثنا:

إن ما يطلق عليه عيد الحب لا يمت إلى موروثنا الثقافي ولا إلى مرتكزات كياننا العقدي والفكري بأية صلة ولا إلى ديننا وإرثنا لكن الحب كقيمة تعد من صميم إنسانيتنا وديننا وأخلاقنا وقيمنا. 

هل نحن بحق أحوج أن نحتفل بهذه المناسبة و مآسي صور التشرد تلاحقنا فوق أرض الواقع و في الصفحات الزرقاء كلما فتحناها؟ أو ليس من الأجدر أن نتصدق بما نروجه في "الخاويات" لهؤلاء فنكسب بهذا الحب بعد ثواب الله قلوبا منكسرة، متشردة تنتظر الرحمة و الرأفة ممن ينتبهون للأمر أو حتى ممن يبعثرون أموالهم فيما يعتبر حسب الروايات انه عيد زانيين رجما حتى الموت بسبب فسقهما حتى سالت دماؤهما فكان سببا في اختيار اللون الأحمر لتخليد ذكراهما!؟!