logo

مقال: الأونروا والحرب على غزة - بقلم : أسامة خليفة

بقلم : أسامة خليفة باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
05-02-2024 09:00:55 اخر تحديث: 11-02-2024 05:59:43

في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل وحملة الإبادة الجماعية في غزة، صار الفلسطينيون أحوج ما يكون إلى دعم وكالة الغوث وليس وقف الدعم والمساعدة عنهم،



صورة للتوضيح فقط - تصوير : insta_photos shutterstock

وفي حلقة جديدة من الحملات الإسرائيلية على ووكالة الغوث الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين وحق العودة، اتهمت إسرائيل زوراً لبعض الموظفين في وكالة الغوث بالضلوع في هجوم السابع من أكتوبر، تأتي هذه الاتهامات في الوقت الذي يعتمد فيه أكثر من مليوني شخص في غزة على المساعدات الضرورية التي توفرها الوكالة منذ بداية الحرب.

تريد إسرائيل تحميل وكالة الأونروا كل المسؤولية بدلاً من حصرها بأفراد، وهو ما يفسر تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تتحدث عن نهاية الأونروا، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس السبت 27/1 إن بلاده ستسعى لمنع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من العمل في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، واتهم الوكالة بأن لها صلات مع مسلحين في غزة.

وغرد كاتس على موقع «إكس» للتواصل الاجتماعي: «حذرنا على سنوات: أونروا تطول أمد قضية اللاجئين، وتعرقل السلام، وتخدم كذراع مدنية لحركة حماس في غزة، ويجب أن تدفع ثمن أفعالها»، وكتب كاتس عبر منصة إكس أن وزارة الخارجية تهدف إلى ضمان «ألا تكون الأونروا جزءاً من المرحلة» التي تلي الحرب، وطالبت الخارجية الإسرائيلية بـإجراء تحقيق معمق بشأن أنشطة حماس وغيرها من المنظمات «الإرهابية» داخل الأونروا.

كما عبّر كاتس عن دعمه لقرار الولايات المتحدة بوقف المساعدات المالية للأمم المتحدة ولوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، إذ سعت الخارجية الإسرائيلية إلى حشد الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأطراف مانحة أخرى رئيسية، استجابت فوراً للطلب الإسرائيلي الدول المؤيدة للعدوان والمتآمرة على الأونروا، دون أن تتحقق من الرواية الإسرائيلية، حيث أعلنت الولايات المتحدة ودول أخرى أنها «ستعلّق» التمويل للأونروا على خلفية الاتهام، وأعلنت بريطانيا انضمامها إلى الولايات المتحدة في «الوقف المؤقت» للتمويل الموجه إلى الأونروا في قطاع غزة في المستقبل، وقالت إنها تراجع «الاتهامات المقلقة» بشأن ضلوع موظفين في الأونروا في هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني السبت 27/1 أن بلاده قررت تعليق تمويل الأونروا، كذلك أعلنت كندا وقفاً مؤقتاً لأي تمويل إضافي للوكالة، وأنها ستنقل مساعدات إنسانية إلى الفلسطينيين في غزة، من خلال هيئات أخرى، حتى انتهاء التحقيق. كما علقت كل من أستراليا وألمانيا وهولندا، تمويلها للأونروا.

أما سويسرا فقد أعلنت السبت 27/1 أنها لن تتخذ قراراً بشأن دفع المساعدات المتوقعة للأونروا حتى يتم توضيح «الاتهامات الخطيرة» الموجهة ضد عدد من موظفيها، وبحسب وزارة الخارجية السويسرية فإن مساهمة البلاد السنوية للأونروا، والتي بلغت حوالي 20 مليون فرنك سويسري (23 مليون دولار) في السنوات الأخيرة، لم تتم الموافقة عليها بعد للعام 2024، يبدو أن بعض الدول تبحث عن مبرر لقطع المساعدات والتنصل من الالتزامات نحو الوكالة، لكن لهذه الحملة ما بعدها في الجانب السياسي للقضية الفلسطينية ليس فقط في حق العودة، بل أيضاً المساهمة في حرب التجويع الإسرائيلية في غزة.

ولو افترضنا أن الاتهامات صحيحة فهذا التعليق للمساعدات هو نوع من العقاب الجماعي غير المبرر للشعب الفلسطيني بأكمله، ويشكل إضافة قاتلة إلى الحرب على الغزاويين تستهدف قتلهم وإبادتهم جوعاً، أو بالقنابل وآلات القتل التي تصل كمساعدات لإسرائيل التي لا تنقطع رغم قرار منظمة العدل الدولية بوقف تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، وتزويدها بالسلاح الذي تبيد به الشعب الفلسطيني، هذه الدول تنضم إلى إسرائيل في حرب الإبادة، وتتطلع إلى مزيد من معاناة الشعب الفلسطيني من أوضاع صعبة بسبب الحرب العدوانية الإسرائيلية ليضيف لها الغرب حرب تجويع، الممارسة أصلاً من قبل حكومة الاحتلال الصهيوني، فكيف سيكون حالهم إن توقف عمل الأونروا؟. وتوقفت المساعدات المحدودة التي تقدمها للاجئين الذين يتجمعون بالآلاف في المدارس والمخيمات، وتحت بقايا سقوف الأبنية المدمرة؟.

أعلنت عدد من الدول وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في خطوة تهدف إلى إنهاء دور الوكالة «كشاهد على حق العودة» والتي تعاني أصلاً من نقص التمويل للإيفاء بتعهداتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين خاصة بعد ارتفاع أعدادهم من مشردي قطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلي الغير مكتفٍ بالتهجير لسكان غزة بل شن جيش الاحتلال حملة ممنهجة لمنع وصول الحاجات المعيشية الضرورية إلى السكان المدنيين في سياسة التجويع والإبادة التي تمارسها إسرائيل.

وعلّقت الخارجية الفلسطينية على هذه الحملة الإسرائيلية على وكالة الغوث: «إن التحريض الإسرائيلي على الأونروا مبيّت وأحكامه مسبقة لتصفية قضية اللاجئين وحقوقهم، مطالبة الدول التي علقت المساعدات بالتراجع عن إجراءاتها ضد الأونروا». وأكدت السلطة الفلسطينية أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في حاجة إلى الدعم ليس وقف الدعم والمساعدات، وطالبت الدول التي أعلنت عن وقف دعمها للأونروا بالعودة فوراً عن قرارها الذي ينطوي على مخاطر كبيرة سياسية وإغاثية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: «إن المنظمة الدولية سوف تحاسب أي موظف متورط في أعمال «إرهابية»، مطالباً الدول المانحة بعدم معاقبة عشرات آلاف من العاملين لحساب المنظمة، مؤكداً أن التمويل الحالي لن يسمح بتلبية كل الحاجات في فبراير.

وسارعت الأونروا إلى إنهاء عقود الموظفين المتهمين التسعة وفق الاتهامات الإسرائيلية، واعدة بتحقيق شامل في الاتهامات، وبررت وكالة الأونروا هذا التسرع في فصل الموظفين بدلاً من إيقافهم إلى حين اكتمال التحقيق إلى أن الوكالة الأممية تريد لملمة الأمر قبل أن تتسع الأزمة وتستهدف وجودها، ومن شأن اتخاذها للقرار بسرعة أن يظهر حيادها، وأنها لا تسمح باختراق الوكالة والعمل تحت مظلتها لفائدة جهة أخرى. وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في بيان: « من أجل حماية قدرة الوكالة على تقديم المساعدات الإنسانية، قررت إنهاء عقود هؤلاء الموظفين على الفور وفتح تحقيق حتى إثبات الحقيقة دون تأخير، وكلّ موظف تورط في أعمال «إرهابية» يجب أن يُحاسب».

وصف فيليب لازاريني قرار عدد من الدول بتعليق تمويل الوكالة بأنه «صادم» داعياً إياها إلى العدول عن قراراتها، واصفاً هذه القرارات بأنها تهدد العمل الإنساني الجاري حالياً في المنطقة خاصة في غزة.

تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء المزاعم بأن 12 موظفاً لدى الأونروا «قد» يكونون متورطين في الهجوم «الإرهابي» الذي شنته حركة حماس على إسرائيل، ولم تكن الولايات المتحدة والدول التي تجاوبت مع الاتهام الإسرائيلي لوكالة الأونروا قلقة إزاء ما كشف عنه لازاريني أن منشآت أونروا في قطاع غزة لم تعد آمنة، وأكد تعرض 40 مبنىً تابعاً للأونروا في قطاع غزة بينها مدارس ومستودعات، لأضرار إثر الغارات الإسرائيلية.

ولم تكن قلقة لوجود نحو 600 ألف شخص في 150 منشأة تابعة للأونروا، نزحوا من مناطقهم ومنازلهم بسبب الغارات الإسرائيلية، ويعيشون في ظروف غير صحية، في ظل محدودية توافر المياه النظيفة، وشح الطعام والأدوية، بل وقصفت إسرائيل مباني الأونروا وقتلت العديد من اللاجئين إليها طلباً للحماية الأممية، ولم يكن ثمة مبرر لهذا الاستهداف كما يقول لازاريني: «على أن هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لا يبرر الجرائم المستمرة التي ترتكبها إسرائيل ضد السكان المدنيين في غزة».

هذه الدول التي تحارب الشعب الفلسطيني من خلال وكالة الغوث غضت الطرف عما يتعلق بدخول عدد قليل من الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، حيث انتقد لازاريني الترحيب المبالغ فيه بهذا الإنجاز، وقال إن هذه الشاحنات تمثّل تدفقاً ضئيلاً، وليست تدفقاً لمساعدات يتطلبها وضع إنساني بهذا الحجم، ووفقاً لمفوض الأونروا، كانت غزة تتلقى حوالي 500 شاحنة من المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات يوميا قبل 7 تشرين الأول /أكتوبر، بما في ذلك 45 شاحنة وقود لتشغيل سيارات القطاع ومحطات تحلية المياه والمخابز.

واستنكرت حركة حماس بشدة إنهاء الأونروا عقود بعض موظفيها، وقالت الحركة: «تلقينا باستنكار شديد قرار الوكالة بإنهاء عقود عدد من موظفي الأونروا في غزة بناء على معلومات إسرائيلية حول تورط مزعوم لهؤلاء الموظفين في أحداث السابع من أكتوبر»، وفي بيان لها دعت حماس الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية إلى عدم الرضوخ لتهديدات وابتزازات" الإسرائيليين.