تساقطت في العديد من المناطق بدون توقف تقريبا، وقد غذّى ذلك الأنهر والوديان التي عادت لتتدفق بها المياه بشكل بديع.
للحديث عن حالة الطقس وما ينتظرنا في الأيام القادمة، استضافت قناة هلا البروفيسور علي صغير - الخبير في علوم الكرة الأرضية والمحاضر في الكلية الاكاديمية العربية للتربية والتعليم في حيفا.
• كيف تقيم الشتاء حتى الآن من حيث الرواسب؟
لغاية الأن كمية الرواسب الجوية التي سقطت خصوصا في المناطق الماطرة في البلاد، مثل الجليلين الأعلى والأسفل مع الجولان والمنطقة الوسطى، هي كمية لا بأس بها، وفي بعض المناطق وصلنا المعدل وفي مناطق أخرى سوف نصل المعدل في المستقبل القريب، فلا يزال أمامنا شهر شباط وهو شهر ماطر أيضا.
• هل من الممكن القول أن خطر تعريف هذا العام كعام شحيح الأمطار قد زال؟
"أعتقد أن هذا الأمر واضح وصادق. هذه السنة ليست سنة محل زراعي ولا سنة محل ايديولوجي مائي. الرواسب التي سقطت لغاية الان كافية من مزروعات مع أن البلاد بظروف غير عادية. ولكن بالنسبة الى الرواسب الجوية، الكمية جيدة في المناطق الماطرة في الشمال والمنطقتين الوسطى والطرف الشمالي لسهل النقب".
• الكثيرون مع اشتداد البرد يتساءلون هل من الممكن أن تتساقط الثلوج في مناطق لا يتساقط فيها كل شتاء، مثلا منطقة القدس؟
"بالنسبة للمنظومة الجوية الحالية التي تؤثر على البلاد وعلى كل بلاد الشام شرقي البحر المتوسط، هي شبيهة بالمنظومة الجوية التي أثرت علينا في الأسبوع الماضي. هذه المنظومة الجوية تتكون من هواء بارد جدا، هواء قطبي أو شبه قطبي من شمال روسيا الى الغرب من جبال الأورال يتدفق نحو الجنوب ويلتقط كميات كبيرة من بخار الماء من سطح البحر الأبيض المتوسط الى الشرق من جزيرة قبرص. ونظرا لأن حرارة الهواء منخفضة نسبيا، فمن المتوقع أن تسقط الثلوج في المناطق المرتفعة على جبل الشيخ، هذا أمر واضح، والقمم المرتفعة في الجولان وفي الجليل الأعلى، وربما على قمم تزيد950 الى ألف متر عن سطح الأرض. قد تتساقط الثلوج بسبب هذه المنظومة الجوية التي تتكون حاليا من منخفض جوي على سطح البحر، ضغط هواء خفيف يرافقه منخفض جوي عنفي اي ضغط الهواء منخفض ابتداءً من سطح الأرض شرقي البحر المتوسط حتى ارتفاع ما لا يقل عن عشرة آلاف متر".
• نحن نعرف أن أعلى جبال بلادنا هو جبل الجرمق، وبيت جن قريبة منه هل هناك احتمال أن نرى ثلوجا هناك؟
"نعم هناك احتمال لتساقط الثلوج على هذه القمة مع أن ارتفاعها لا يصل الى ألف وخمسمئة متر، ولذلك الأمر وارد في الحسبان. أريد أن أذكر هنا نقطة هامة بالنسبة لتساقط الثلوج، بالرغم من أن كميات كبيرة نسبيا من الرواسب الجوية سقطت عندنا ولكن درجات الحرارة بشكل عام غير منخفضة، اي في العقود الأخيرة نحن لا نشعر ببرد الشتاء كما كنا نشعر به خلال سنوات الأربعين والخمسين من القرن الماضي بسبب معضلة ومشكلة الاحتباس الحراري، وهذا الأمر يؤثر على تساقط الثلوج عندنا لأن الحرارة إذا كانت مرتفعة نسبيا هذا الأمر لا يؤدي الى تساقط الثلوج، أي ان الأمطار تسقط عندنا على شكل سائل، والثلوج تحتاج الى درجات حرارة أدنى بكثير مما هو في الوضع الحالي. قد تسقط الثلوج في بعض المناطق المرتفعة جدا نسبيا بالنسبة الى تضاريس البلاد، ولكن الاحتباس الحراري العالمي وارتفاع درجات الحرارة، خصوصا في فصل الشتاء أيضا ليس فقط في فصل الصيف، هذا الأمر يعرقل تساقط الثلوج في حالات كثيرة".
• هل فعلا الشتاء لم يعد باردا في بلادنا كما كان عليه الحال في الماضي؟
"الشتاء عندنا منذ عدد من العقود على الأقل ثلاثة أو أربعة عقود، ليس باردا كما كان في الماضي، يعني نحن نعرف أن درجات الحرارة القصوى والدنيا خلال أشهر الصيف ارتفعت، وكذلك خلال أشهر الشتاء هنالك ارتفاع في درجات الحرارة عندنا في البلاد يزيد عن درجة ونصف بالمقارنة مع سنوات الخمسين من القرن الماضي. هذا الأمر نحن نشعر به وله تأثير كبير على النباتات. الشتاء لم يعد باردا كما كان في الماضي بسبب مشكلة الاحتباس الحراري العالمي".
• ماذا ينتظرنا في الأيام القريبة وفي الفترة المتبقية من فصل الشتاء؟ هل بالإمكان التفاؤل بمزيد من الأمطار؟
"أولا بالنسبة للمنظومة الجوية الحالية التي تتكون كما ذكرت لك في البداية من منخفض جوي ضغط عميق بالقرب من قبرص في البحر الأبيض المتوسط يرافقه منخفض جوي علوي، هناك فرق الضغط بين هذا المنخفض الجوي والمناطق المحيطة به ليس أقل من ثلاثين مليبار أي وحدة الضغط جوي. هذا المنخفض الجوي سوف تسقط منه أمطار هذه الليلة ونهار غد يوم الجمعة ويوم السبت أيضا. وقد تستمر الرواسب الجوية في السقوط من هذه المنظومة الجوية الى الشمال من هنا في شواطئ لبنان وفي الشواطئ الغربية لسوريا، وقد تصل الى خليج الاسكندرون من هذه المنظومة الجوية الحالية. أما فيما بعد ذلك فنحن لا نستطيع أن نعرف لأكثر من عدد من الأيام ماذا سوف يحدث في أحوال الطقس.
تصوير : جيل بينون - سلطة الطبيعة والحدائق