صورة للتوضيح فقط -تصوير : Maylim shutterstock
يرزق من يشاء ويهب لمن يشاء بفضله، ويغفر الذنوب جميعا.
نصطدم أحيانًا كثيرة بمعاني ومفرداتٍ، كأنها قيست علينا بالتفصيل، تأتينا بغتة أو على غفلة من أمرنا تفسر ما يجول بمخيلتنا، وترسم طريق لليسر من حيث لا ندري كيف وأين!
استهليت على اسمٍ من اسماء الله الحسنى، فتح لي ذاكرة بيضاء فيها تجلية أمام واقع الحياة. فرغم زحام السويعات ومرارة الانشغال بملهيات الدنيا إلا أن لله اسماءٌ كلما تفكرنا في تدبرها زادت سبحان الله من روعة المعنى واللفظ .
ها هو اسم الله الفتاح، ينشق من بين مئات الكتب المقروءه، ومليارات الكلمات التي مررت عليها سهوًا أو عن قصد، لأقف طويلًا ناظرة متأملة إلى كل حرفٍ بأقصى درجات الشغف والحب.
ففتح الله لي بكرمه ومنه علي أفاقًا، لولا رحمته ما تعاظم هذا الاسم في نفسي وجوارحي، رأيت في كل حرف مسيرة ألف ميل؛ ففي الفاء- فتوح العارفين، اما في التاء- فتهليل ميسر وفرقان بين الحق والباطل، وفي الالف- ارادة الله في الفتح المبين. والحاء- حاء الحامدين، الذين أكرمهم الله وفتح عليهم علمه ورزقه.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم بصيغة المفرد وهو الفتاح: (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ ٱلْعَلِيمُ).
الله الفتاح العليم، الذي يفتح بين عباده، والقادر على الفتح، الذي ارادة فتحه فوق الجميع.
استشعر اسم الله الفتاح في كل صباح عند الاستيقاظ من نومي حين أقول: (يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم)
استفتاح اليوم بالفتاح الذي ربط اسمه الفتاح بالعليم، والذي فتح لنا خير الابواب المغلقة، يفتح باب التوفيق بفضله، يفتح باب الرزق بكرمه، يفتح باي الزواج والعمل والدراسة بقدرته. ويفتح لمن يشاء بيده الخير كله.
يقول عز وجل في سورة الفتح لنبيه وحبيبه رسول الله صل الله عليه وسلم:(إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا). وذلك في صلح الحديبية، الذي وعد فيها الله عز وجل رسوله الامين بالنصر العزيز.
ومعنى الفتح المبين اي الفتح الواضح ظاهر المعالم، وهنا نرى معجزة الله في البيان.
الله الفتاح الذي يفتح مغاليق القلوب، يفتح قلوب الملحدين والكفار ومنهم العاصي والبعيد عن الله. يألف الله قلوبهم للاسلام، قال تعال: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا مَّآ أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
هو الله الفتاح الذي فتح قلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه للاسلام وهداه للحق.
والفتاح الذي يفتح على عباده ابواب رحمته، قال رسول الهدى صل الله عليه وسلم: (اذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك). فحين يفتح الله ابواب رحمته تفتح معه ابواب العبادة والخضوع والخشوع لله عز وجل.
اللهم افتح لنا ابواب رحمتك وفضلك وعطائك وأنت خير الفاتحين.
وكذلك ذكر الله اسم الفتاح بصيغة الجمع في كتابه العزيز: (رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَٰتِحِينَ)
قال العلماء في ثمرة معرفة اسماء الله الحسنى: (إنَّ معرفة أسماء الله تعالى وصفاته تلمُّ شعث القلب، وتفتح للعبد آفاقًا واسعة للتلذُّذِ بالطاعة والعبادة، وترفع حُجب الغفلة والشك والإعراض.
فمن كان بالله أعرف؛ كان منه أخوف، وبحبّه أقرب، وعن معصيته أبعد، وفي رجاء رحمته أطلب).
فاسماء الله كلها حُسنى قال تعال: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ).
فيا فتاح افتح لعبادة الابواب المغلقة، وافتح عليهم بعلمك وبفضلك ويسرك، افتح يا فتاح على قلوبهم بالخير والعطاء، واجعلنا يا الله ممن تفتح لهم ابواب السماء بالعلم والحكمة والمعرفة، وافتح لنا في شؤون دنيانا وما يصلح به معيشتنا، وتستقر به نفوسنا، وتكشف عنا الكرب، وارزقنا فتحًا مبينا.