logo

نوعا روبين - زافيت تكتب : إن كنتم من أعداء العتمة - فأنتم تحتاجون لممارسة الرياضة

18-01-2024 08:34:56 اخر تحديث: 18-01-2024 09:13:21

يمكن أن يشكّل التعرض المفرط للضوء، خلال ساعات الليل، خطرًا على سلامتنا، مما يسبّب مشاكل، من بينها مرض ضغط الدم. لكن، ليس عليكم الجلوس وحيدين في الظلام، لأن بحثًا جديدًا يشير إلى المشكلة،


صورة للتوضيح فقط - تصوير : Nudtarin Nirum shutterstock

 يعرض أيضًا حلًا لها، وهو التمارين الرياضيّة... الكثير من التمارين الرياضيّة.

في أقصر أيام السنة، وأكثرها ظلمةً، تحتفل العديد من الشعوب بالأعياد المرتبطة بالنور، كعيد الميلاد المسيحي، ومهرجان الديوالي الهندوسي، وعيد الحانوكا اليهودي، الذي يرمز إلى انتصار النور على الظلام. ولكن إلى جانب المعنى الرمزي، من المهم أن نتذكر، أن الظلام أيضًا مهم جدًا لصحتنا، والتعرّض المفرط للضوء، خلال ساعات الليل، يمكن أن يسبّب مشاكل صحيّة مختلفة.

ومع ذلك، ليس كل شيء أسود، فقد خلصت دراسة صينية جديدة، الى أن التمارين الرياضيّة، يمكنها أن تكون مفيدة للغاية، في مكافحة أمراض القلب، والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم، الناجمة عن التعرّض المفرط للضوء خلال ساعات الليل.

أيمكننا إطفاء الضوء؟

حالة التعرض المفرط للإضاءة، التي تتناولها الدراسة الجديدة، تُسمّى أيضا "التلوث الضوئي"، أي الإضاءة الاصطناعية الزائدة ليلًا، من داخل منازلنا، في المدن، والطرقات، والشواطئ، وبالقرب من المساحات الطبيعية. النظم البيئيّة، والمخلوقات المختلفة، ونحن من ضمنها، تتضرّر من هذه الظاهرة. من بين ما يمكن للتلوّث الضوئي أن يُسبّب، هو إضعاف القدرة على الوعي المكاني، لدي أنواع الحيوانات، التي تتنقل بين الأمكنة، باستخدام مصادر الضوء الطبيعية. أما بالنسبة لنا، نحن البشر، فقد يزيد التلوث الضوئي من خطر الإصابة بمرض السكري والسرطان، بالإضافة أن استخدامنا للهواتف، ومشاهدة الشاشات المضيئة بعد حلول الظلام، يُبطئ عمليّة إفراز الميلاتونين، (هرمون النوم)، وقد يسبّب اضطرابات النوم.

ركّزت الدراسة الجديدة على الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و22 عامًا، وذلك لأن الشبكيّة في عيون الجيل الشّاب، أكثر حساسية للضوء، مما يُسبّب تعرّضها الزائد له. وتُفسّر، الدكتورة راحيل جولان، الباحثة في كلية الصحة العامة بجامعة بن غوريون، ومديرة قسم الأبحاث في المنظمة غير الحكومية الإسرائيلية NALA، التي تعمل في البلدان الأفريقية للقضاء على الأمراض المعدية، قائلةً: " لقد تعرّض الشبّان والشابات، الذين تم فحصهم في الدراسة، للإضاءة المباشرة لسنوات عديدة، وهذا التعرّض التراكمي، قد يكون خطيرًا عليهم".

لقد خضع المشاركون في الدراسة لفحوصات ضغط الدم، وقاموا بكتابة سجلّات لساعات النوم، وراقبوا التعرّض للضوء الليلي، في غرفة نومهم، باستخدام جهاز قياس الضوء المحمول. وكانت مصادر الضوء التي تسببت في التلوّث، والتي تم توثيقها في الدراسة، هي الأجهزة الإلكترونية، والمصابيح الجانبيّة، وإضاءة الشوارع، وأضواء السيارات، وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، طُلِب من الأشخاص، وضع ساعة تقيس نشاطهم البدني، لمدّة أسبوع واحد.

أيها الشباب، لا تذهبوا إلى الضوء

وجدت الدراسة، أن الشباب الذين تعرّضوا لإضاءة ليلية أقوى، كانوا أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم. فقد عانى %8، من أولئك الذين تعرّضوا لإضاءة ليلية، أعلى من 3 لوكس (3 أضعاف ضوء القمر الكامل)، من ارتفاع ضغط الدم، في مقابل إصابة حوالي 3٪ فقط، من المشاركين الذين تعرضوا لإضاءة ليلية أقل من 3 لوكس.

ولكن هناك أيضا ضوء في نهاية النفق. لقد وجدت الدراسة، أن تأثير التلوّث الضوئي على زيادة ضغط الدم، لم يُسَجّل لدى الأشخاص الذين مارسوا نشاطًا بدنيًا معتدلًا حتى قاسيًا، لمدة ساعتين أو أكثر يوميًا. لهذا السبب، وفقًا للباحثين، تُعزّز الدراسة الادعاء، بأن مثل هذا النشاط البدني مهم لصحتنا، وللوقاية من أمراض القلب، والأوعية الدموية، بل إنه مهم بشكل خاص، لأولئك الذين يتضرّرون أكثر من غيرهم، من التعرّض للتلوّث الضوئي، مثل الشباب، وعمال النوبات الليلية، والأشخاص الذين يعيشون في مناطق يكثر فيها التلوث الضوئي بشكل خاص.

تقول جولان: "في العالم الغربي، أمراض القلب، والتي من مسبّباتها ارتفاع ضغط الدم، هي العامل الأكثر شيوعًا للوفاة، ولهذا السبب، من المهم للغاية أخذ هذه الدراسة على محمل الجد".

المتطفّل المسبّب للمشاكل: الضوء

وفقًا لتقرير حالة الطبيعة في إسرائيل، ترافق الإضاءة الليلية الإنسان، حاليًا، في كل مكان تقريبًا، على وجه الأرض، وتزداد شدّتها بمعدل %6 كل عام. وفي حالتنا، يتعرّض %92 من مساحة الدولة، لتأثير الإضاءة الليلية الاصطناعية، ويعيش %97 من السكان، في مناطق شدّة الإضاءة الليلية الاصطناعية فيها، تجعل من المستحيل رؤية مجرّة درب التبانة. علاوة على ذلك، فإن التلوث الضوئي لا "يقفز عن" الطبيعة، حيث يصل إلى العديد من المحميات وشواطئ البحر، وحتى عمق البحر، الذي انضم إلى تلك النسبة المئوية، بعد تشييد البنية التحتية للغاز البحري، منذ حوالي عقد من الزمان.

 يقول الدكتور نوعم ليدر، الخبير في مجال التلوّث الضوئي، ومدير قسم البيئة في قطاع العلوم في سلطة الطبيعة والحدائق: "نسبةً لمساحتها، فان إسرائيل هي من بين أكثر الدول إضاءةً في العالم، وتعاني من تلوّث ضوئي كبير، وعلى الرغم من أن الوعي لهذه الظاهرة آخذ في الازدياد، وتُبذل محاولات لإيجاد حلول أفضل للإضاءة، إلا أن تطوّر الصناعة، والبناء، والزيادة في عدد الطرقات المضاءة ليلًا، جميعها تُفاقم من التلوّث الضوئي الكبير".

ووفقًا لجولان، فإن التلوّث الضوئي، هو قضية غائبة عن التداول، على عكس مشاكل موازية، مثل تلوّث الهواء، وتشرح قائلة: "على الرغم من قلّة الحديث عن هذه القضية، إلا أننا جميعًا معرّضون للمشكلة، ويؤدي نقص الوعي، إلى ترك الناس المصابيح مضيئة في الليل، والنوم أمام التلفزيون، وغير ذلك".

نوركم كفاية...

إذن ما العمل؟ بادئ ذي بدء، ووفقًا لاستنتاجات الدراسة، يوصي الباحثون بالنّشاط البدني لأولئك الذين يعانون من التعرّض الكثيف للضوء خلال ساعات الليل، للوقاية من أمراض القلب، والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم.

علاوة على ذلك، من المفيد، بالطبع، معالجة المشكلة من جذورها، والتقليل من تعرّضنا للتلوث الضوئي. هنالك تقرير حول التلوث الضوئي والحد منه، والذي كتبته لجنة خبراء تابعة للجمعية الإسرائيلية للبيئة ، يوصي بعدد من الإجراءات، للتعامل مع التلوث الضوئي، بما في ذلك الاعتراف به كخطر بيئي، مما قد يشجع على فرض النُظم في هذا المجال. ويمكن أيضا أن البدء بخطوة صغيرة، وهي إطفاء الأضواء غير الضرورية، والتحكم في وجهة الضوء (على سبيل المثال، عن طريق أباجورة - خيار جمالي وفعال)، وتبديل مصابيح الإضاءة في المنزل بمصابيح LED اقتصادية، ذات ألوان داكنة، والتي تُسبّب ضررًا أقل على إطلاق الميلاتونين.

بالإضافة إلى ذلك، من المهم زيادة الوعي بهذه القضية. يقول جولان: "على جميعنا أن نعي المشاكل التي يسبّبها الضوء الذي يبقى مضاءً في المنزل ليلًا، أو أجهزة التلفزيون والهواتف التي تبقى مضاءة". وتختتم قائلةً: "وفقًا لذلك، علينا أن نتصرّف بحسب توصيات الدراسة الجديدة: تقليل الإضاءة أثناء الليل قدر الإمكان، ومواصلة النشاط البدني".

أعدّت المقال “زاڨيت" – وكالة الأنباء التابعة للجمعيّة الإسرائيلية لعلوم البيئة