د. نيسيا شمير - صورة شخصية
وهذا صحيح، لكن أريد أن أزعم أن كيفية اختيار رجال الدين استخدامهم للمصادر وتفسيرها أمر بالغة الأهمية، وبوساطة التفسير المعتدل، يمكن للدين أيضًا أن يكون جزءًا من الحل، وليس جزءًا من المشكلة.
على وجه الخصوص عندما يتعلق الأمر باليهودية والإسلام، وهما ديانتان متقاربتان للغاية ومتشابهتان مع بعضهما البعض.
أريد أن أوضح هذه الفكرة باستخدام مثالين شاركت شخصيا فيها.
الحاخام الأكبر لإسرائيل يرد على حادثة المسجد في جنين
بعد الحادث الذي وقع في مسجد جنين فيه نادى جنود "شيماع إسرائيل" ، عبر نظام مكبر الصوت في المسجد، أرسل الحاخام يتسحاق يوسف، الحاخام الأكبر لدولة إسرائيل، رسالة إلى الحاخام العسكري الرئيسي العميد الحاخام إيال كريم. وأوضح يوسف أن " هذا الأمر محظور ويضر بشعب إسرائيل وصورته في العالم ".
وأضاف : " لا ينبغي المس بالمشاعر الدينية لأتباع الديانات الأخرى لأي سبب من الأسباب ".
وكتب الحاخام يوسف: "مارست مجموعة صغيرة من الجنود عادة تدنيس مساجد المسلمين أو الاستهزاء بالسكان المحليين في الضفة من خلال أنظمة الصوت الموجودة في المساجد. أو مارست عادة النهب والتخريب دون حاجة، في المنازل أو ممتلكات السكان" .
كما كتب الحاخام: "من الواضح أن كل ما لا يدخل في حاجة القتال لا يجوز استفزازه أو نهبه أو إفساده دون حاجة إلى قتال، خاصة في أمور دينية. ويجب أن يوضح لهؤلاء الجنود أنه لا يجوز المس بمشاعر أتباع الديانات الأخرى لعدة أسباب. أمة إسرائيل هي أمة فاضلة... ولذلك عليها توخي الحذر وتجنب الأعمال التي لا تفيد القتال وتلحق الضرر بشعب إسرائيل وصورتها في العالم".
هذه الترجمة التي قرأتموها الآن، هي ترجمتي أنا لكلام الحاخام، الذي نشر بالعبرية.
قررت أن أترجم هذا الحديث للغة العربية، لأنه حسب رأيي، مهم أن يصل هذا الخبر للمسلمين، بأن الحاخام الأكبر لدولة إسرائيل أصدر بيانا رسميا يدين السلوك الذي يضر بالأديان الأخرى حتى لو كان الأمر أثناء الحرب لأنه وفقا لليهودية، مثل الإسلام، حتى في الحرب – هناك أخلاق.
يضاف إلى ذلك، ما يفهمه الحاخام بشكل صحيح، بأن إسرائيل تحارب حماس، بعد ما حدث في السابع من أكتوبر، لكنها لا تحارب دين الإسلام، ويجب تجنب سوء الفهم كأن الحرب هي حرب بين الأديان.
كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي حول الحرب ضد " عماليق "
في بداية الحرب ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي خطابا، أشار فيه إلى آيات من التوراة تتناول الحرب ضد عماليق.
على إثر هذا الخطاب، نشرت في العالم العربي فيديوهات تزعم بأن الجيش الإسرائيلي يفعل في غزة ما أمره به رئيس وزراء إسرائيل، وفقا لما هو مكتوب في التوراة عن الحرب ضد عماليق ولذلك الحرب في غزة هي حرب دينية من قبل اليهود ضد المسلمين.
ردا على هذه الفيديوهات قمت بنشر فيديو على شبكة الانترنت، شرحت فيه ما يعنيه مفهوم العماليق من وجهة النظر اليهودية وما هي أخلاق الحرب حسب الدين اليهودي.
سأشرح هنا باختصار، أنه لا يمكن على الإطلاق القول بأن الفلسطينيين هم عماليق، لسببين رئيسيين: أولا، من ناحية النسب، حسب التوراة المسلمون هم من نسل إسماعيل عليه السلام وعماليق هو حفيد " عسيو"، الأخ التوأم لسيدنا يعقوب عليه السلام. اذا ليس للمسلمين أي صلة بعماليق.
ثانيا، لا يوجد شعب العماليق في عصرنا يجب على اليهود محاربتَه. وذلك وفقًا لجميع فقهاء اليهود، لأن العماليق لم يَعُد لهم كيان في أيامنا بعد الحروب التي شنّها ضدهم الملك طالوت والملك داوود عليهما السلام. لذلك، أي حاخام يقول إن هناك معنى عملي لمحو عماليق في عصرنا لا يتكلم بشكل صحيح وفقا للشريعة اليهودية.
أنا أعلم أنني لم أحل كل المشاكل ولم أستطع إنهاء الحرب من خلال هاتين القصتين، لكن قصصتها عليكم لأنه حسب رأيي، وخاصة ونحن موجودون في هذه الأزمة العميقة، ورياح التطرف تهب من الجانبين، الآن تحديدًا من المهم الإيمان بإمكانية التفسير الديني المعتدل، لأنه هو الحق وليس التطرف ! ويشهد على ذلك الطريقة الجميلة التي يواجه بها المجتمع اليهودي والمجتمع العربي معًا في هذه الفترة الصعبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* كاتبة المقال : الدكتورة نسيه شيمر - خبيرة في شؤون الدين الإسلامي والأديان السامية - جامعة بار ايلان
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]