logo

تعديل ميزانية الدولة للعام 2023 - بقلم : مدقق الحسابات إياد شيخ أحمد

20-12-2023 19:53:50 اخر تحديث: 21-12-2023 08:59:20

تم التصديق على ميزانية الدولة المعدّلة لعام 2023 بالقراءة الثانية والثالثة، بأغلبيّة 59 مؤيّدًا مقابل 44 معارضًا، تم تعديل الميزانية نهاية العام بسبب الحاجة إلى الزيادة الكبيرة في نفقات الدولة


اياد شيخ أحمد - صورة شخصية

 وبموازاة انخفاض العائدات من الضرائب، وبما أنّه لا يسمح للحكومة بتجاوز حد الإنفاق، فقد اضطروا في وزارة الماليّة إلى تعديل الميزانيّة بأثر رجعي عبر التشريع، وتبلغ ميزانيّة الدولة لعام 2023، 636 مليار شيكل وسيكون حد الإنفاق 510 مليار شيكل، جميع الزيادة تقريباً، حوالي 90%، ستأتي من زيادة العجز المالي من خلال زيادة الدَّين الحكومي من قِبل الدولة، تم رفع سقف العجز المالي هذا العام بنسبة 3.7%، ولم يأتِ سوى 10% من المصادر لميزانية الحرب حوالي 3 مليارات من زيادة الترشيد في ميزانية الدولة، ومن هنا الجدل العام الذي كان بسبب عدم تقليص المبالغ المالية المخصصة للائتلاف الحكومي بشكل كبير، وعدم إلغاء بعض الوزارات الحكومية التي كان الهدف منها إيجاد وظائف ومناصب وهي في الحقيقة لا حاجة لها.

بعد التصديق على تعديل الميزانية 2023، فإنّ السؤال المطروح الآن هو ماذا سيحدث لميزانية 2024 عندما منحت لجنة الماليّة الحكومة تأجيل التصديق على هذه الميزانية في الكنيست حتى 19 شباط/ فبراير. وتُطرح أسئلة كثيرة حول ما إذا كان سيكون هناك تقليص عرضي في الميزانية، وما إذا كانت الحكومة ستتخذ خطوات لزيادة الضرائب وخفض المزايا الضريبية، وتجميد الرواتب والمخصصات، خاصة وأن التوقعات بأنّ العجز المالي في نهاية عام 2023 سيكون أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي نحو 111 مليار شيكل، وأنّ وزارة المالية ترغب في خفض العجز إلى مستوى 4.5%-5% ممّا سيضطر الحكومة إلى تقليص الإنفاق وزيادة الضرائب.

" التصرف بعقلانية "

لا شكّ أننا نمر بفترة أزمة اقتصادية، لذلك يتحتّم على كل واحد منا أن يتصرّف بحكمة وعقلانيّة في هذه الفترة، فنحن لا نزال في فترة لا يزال سعر الفائدة مرتفعًا فيها على الرغم من أنّ التقديرات توحي بأنّ بنك إسرائيل سوف يعمل على خفض نسبة الفائدة، لكنّها لن تعود إلى المستوى المنخفض الذي كانت عليه قبل عام، وتظهر المعطيات انخفاضًا حادًّا في استخدام بطاقة الائتمان في الشهرين الأخيرين بشكل رئيسي في اقتناء الملابس والمنتجات الكهربائية وفرع المقاهي، هذا يذكّر بالانخفاض الذي كان خلال فترة كورونا، وممّا لا شكّ فيه أنّ غلاء المعيشة يسهم أيضًا في هذا الوضع بالإضافة إلى إحالة عدد كبير من العمال إلى الإجازة غير مدفوعة الأجر .

لكن على الرغم من التوقعات المتشائمة للاقتصاد، فإنّ الاقتصاد الإسرائيلي قويّ، حيث بلغت نسبة النمو المثير للإعجاب في عام 2022 6.5%، ومستوى البطالة كان منخفضًا 3% فقط، واحتياطي العملات الأجنبية عند مستوى 200 مليار دولار، وحجم الدَّين القومي في إسرائيل أقلّ بحوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل حتّى بالنسبة لجزء كبير من الدول المتطورة، وهذا يسمح للحكومة بزيادة العجز ويسمح لها دون أدنى شك بالحصول على قروض من أجل ضخ الموارد للمرافق الاقتصادية ولاحتياجات الحرب ولتقديم تعويضات لأصحاب المصالح التجارية وغير ذلك. فعلى سبيل المثال، خلال فترة كورونا ارتفع الدَّين بـ 10% ولكنّه لم يزعزع المرافق الاقتصادية، وهذا يعني أنّنا في الواقع في حالة أزمة اقتصادية والمتوقع هو أنّ عام 2024 سيكون أيضًا عامًا اقتصاديًا صعبًا بشكل خاص إذا تم رفع الضرائب وسيكون هناك تقليص عرضي في الميزانية. كل واحد منا سيشعر بذلك في جيبه، ولكن في رأيي هذا الأمر مؤقّت لمدة عام واحد فقط، بالطبع يعتمد ذلك على عوامل كثيرة ولا أحد يمكنه أن يتوقّع ما يحمله معه المستقبل. لكن المعطيات الاقتصادية الجيدة التي كانت في عام 2022 ستسهم بلا شك في إنقاذ الاقتصاد. صحيح أنّنا نمر بأزمة اقتصادية ولكنّنا بعيدون جداً من حالة الانهيار الاقتصادي.

* كاتب المقال : مدقّق حسابات، محاضر في الكليّة الأكاديميّة سبير وجامعة بن غوريون في النقب