المحامي شادي الصح
مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا !
ولا تنسوا المطبلين……..
أفضل وصف للمطبلين والعبيد.. قال سيد قطب رحمه الله: (العبيد لديهم حاسة سادسة أو سابعة "حاسة الذل"، لابد لهم من إروائها، فإذا لم يستعبدهم أحد أحسّت نفوسهم بالظمأ إلى الإستعباد.. وتراموا على الأعتاب يتمسّحون بها.. ولا ينتظرون حتى الإشارة من إصبع السيد ليخرِّوا له ساجدين).
لا يسعني في هذا المقال الا أن اقتبس ما جاء على لسان الشاعر نزار قباني الذي قال:
«لماذا نحن مزدوجون إحساسا وتفكيرا؟- لماذا نحن أرضيون.. تحتيون..-نخشى الشمس والنورا؟-لماذا أهل بلدتنا يمزقهم تناقضهم؟-ففي ساعات يقظتهم، يسبّون الضفائر والتنانيرا-وحين الليل يطويهم -يضمّون التصاويرا!».
ومن نزار الى يومنا هذا ! فهناك من هم مزدوجون احساسا وتفكيرا فيظهرون في الاعلام العبري بوجه مختلف تماما عما يظهرون به في الاعلام العربي، أي بوجهين ولسانين!
أين تكمن المأساة ؟
تلك هي مأساة العربي في شتى مناحي الحياة العربي الذي يعاني من ازدواجية في السلوك والتصرفات نراها تسيطر على جميع مناحي الحياة، في الاعلام فظهور العربي في الاعلام العبري يختلف عن ظهوره في الاعلام العربي لا بل يدير ظهره للاعلام العربي،هذه الازدواجيه سببت في مقتل العرب وافضل مثال على ذلك الازدواجيه في سياقة السيارات في البلدان العربية التي تختلف تماما عن السياقة في البلدات اليهودية لوجود الرقابة الذاتية من قبل العربي نفسه هذه الرقابة تختفي تماما في البلدات العربية. ونسمع كثيرا عن حوادث دهس يروح ضحيتها الأبرياء.وينسبون إزهاق الأرواح للبنى التحتية !! ويتناسون البنية الأخلاقية!!يدافعون عن من أزهق روحاً بتهوره !! يدافع!! من أي طينة خلقتم !!؟؟؟ان سبب هذه الازدواجية هو خلل في القيم والأخلاق حتى صارت الازدواجية صفة تلازم العربي والخلل في منظومة الاخلاق تجعل من الازدواجية "ريحا عاتية" تعصف بكل مناحي الحياة، تفشت ازدواجية المعايير في مجتمعاتنا العربية بشكل واضح لدرجة أن أصبح النفاق جزءا من سلوكنا الاجتماعي، والكيل بمكيالين في كل شؤوننا اليومية هو شيء إعتدنا على ممارسته بشكل تلقائي حتى انعدم الشعور بالذنب ومات تانيب الضمير وصرنا نعتدي على حقوق الآخرين حتى الحق في الحياة الذي يعتبر من أقدس المقدسات . وبذلك وجدت الازدواجية العربية المعروفة بين داخل الإنسان وخارجه، وأمام الذات وبين الناس. الأمر الذي رسخ كل الانحدارات الأخلاقية، والفساد المجتمعي، من غش وسرقة ورشوة ومحسوبية.
شعوب العالم قاست ولكن تعلموا الدروس!
من واجبي التذكير بأن جميع شعوب العالم عانت وقاست مما تعانيه الأمة العربية ولكن تعلموا من الدروس من دروس الماضي واستخلصوا العبر ونجحوا في ذلك وأما نحن فما زلنا نراوح أمكنتنا.
فالعربي يرغب بأن يظهر بمظهر صاحب الأخلاق والمبادئ والقيم والتقوى وسلوكه الحضاري وبنفس الوقت يتطلع لعيش رغباته الخاصة الدونية بعيدا عن الأعين سواء كانت رغبات مادية او شخصية وهذا يولد قوتين متضاربتين متنازعتين تنازع وصراع داخلي بين قوتين داخل نفسه الاولى قوة القيم والمثل العليا والثانية قوة الرغبات والشهوات ولكل قوة ميدانها وساحتها الخاصة بها فالقوة الاولى تجدها في الحلقات الاجتماعية في المساجد ومواقف التفاخر والمباهاة والثانية تتجلى في ميدان الحياة والعلاقات الشخصية . ومما لاشك فيه أن هذه الدوائر مجتمعة هي من أنتج هذه الشخصية المرتبكة، ولأن لا قيم للعربي خارج الدين، فلا يتم تربيته قيميا، بحيث تكون قيم مثل الصدق والأمانة واحترام الآخر وغيرها، أصيلة وعميقة وراسخة في وجدانه ووعيه خارج أي محفزات أو رقيب خارجي والتي أنتجت بدورها هذه الكوارث المتلاحقة ولفهم الموضوع وتبسيطه أعطي أمثلة فترى السائق العربي يسوق سيارته في البلدة العربية بتهور لأنه ليس هناك رقيب فيرتكب جميع المخالفات القانونية من سرعة فائة وتعريض حياة الآخرين للخطر والهلاك بينما نجد سياقته مختلفة تماما في الشوارع العامة والمدن اليهودية للرقابة القانونية الموجودة وترى صاحب محل يقفل دكانه ويسرع الى المسجد ليقف في الصف الأول ولكن عندما يخرج من المسجد يعود الى دكانه ليبيع بثلاثة اضعاف الثمن ناسيا بأنه صلى خلف الإمام وتلك التي تصرخ رافضة بأن يعالجها طبيب وتطلب طبيبة وما ان تخرج من المشفى حتى تراها ترتكب الآثام، ذلك السائق والمرأة والتاجر لم تمنعهم قيمهم بأن يمارسوا التناقض الصارخ ذلك لأن هناك مكاسب مادية كي يشعروا بالقبول الإجتماعي ما يبغاه كل انسان على هذه البسيطة إن المدخل الصحيح لمعالجة هذا الواقع، هو توفر الفكر السليم، الذي يقود ويحرك طاقات القائمين به. فالأمة العربية تحتاج الآن إلى رؤية فكرية مشتركة.
يجب التخلص من اسباب الازدواجية
علينا ان نتيقن ان الانسان العربي لايمكن ان يتخلص من إزدواجيته مالم يتخلص من اسباب الازدواجية فمن الضروري ان يسعى كل انسان للتقليل من مساحة الفجوه التي تفصل بين القيم والاخلاق التي يؤمن بها وتربى عليها وبين الواقع الذي يعيشه لكي لاينشأ ذلك الصراع الذي سبق وتحدثنا عنه،اما بالنسبه للمجتمع فيجب ان يدرك ذلك المحيط ان حب للمال والمكانه الاجتماعيه المرموقه موجوده عند كل انسان وهو حافز كامن في نفسه ولايمكن بسهوله التخلص منه لذا وجب ان يوفر هذا المجتمع الظروف المناسبه التي تجعل من الشخص انسانا سويا وتوفر تلك الظروف مرهون بالاستقرار الطويل الذي يجب ان يعيشه المجتمع لكي يتمكن ابناءه من الاصلاح والبناء على مدى بعيد وواسع في كل نواحي حياتهم لذا حين تتكاتف هذه الجهود بين المجتمع وافراده فعندها يمكن القول بأن هذه الازدواجية القاتلة في السلوك التي كانت سببا مباشرا في إزهاق الأرواح في طريقها الى الفناء.