الباحث الدكتور حسين الأحمد - صورة من الجامعة العربية الأمريكية
كنتاج لدراسة علمية استغرقت ثلاثة سنوات بعنوان نمط شرق أوسطي لأعلمة السياسة والصراعات: هل أخذت التقاطعات الإقليمية والمحلية في الاعتبار؟ كتبه الباحث الدكتور حسين الأحمد، أستاذ الإعلام والاتصال في كلية الدراسات العليا في الجامعة العربية الامريكية.
انجاز تحقق على يد الدكتور الأحمد حيث أضاف للمساهمات النظرية المتعلقة بالمفاهيم الأساسية لنظرية "أعلمة السياسة والمجتمع The Mediatization of Politics and Society" كنظرية "تلوية Metatheory" ذات نطاق أبستمولوجي واسع، تتناول عبره التأثيرات الإعلامية ودورها في تشكيل سمات المجتمع الإنساني المعاصر
قال الدكتور حسين الأحمد "يأتي النموذج الجديد "قوة المساومة The Bargaining Power" كإضافة علمية للنماذج النظرية الأربعة المتوفرة بجهود علماء الاعلام والاتصال في تفسير التأثيرات الإعلامية ودورها في تشكيل السمات المختلفة للمجتمع الإنساني، وهي: نموذج "صناعة التوافق Manufacturing Consent" لنعوم تشومسكي وصمؤيل هيرمان (Chomsky & Herman 1988a)؛ ونموذج "تنافس وسائل الإعلام Media Contest" لجادي ولفسفيلد (Wolfsfeld, 2003)؛ ونموذج "ثقافة الإعلام Media Culture" لدوغلاس كيلنر وميناكشي دورهام (Durham & Kellner, 2006)، ونموذج "أعلمة السياسة The Mediatization of Politics" لجاسبير سترومباخ (Strömbäck, 2014).
وأضاف قائلا، "يمثل النموذج الجديد تجربة جادّة وناجحة في تفسير تغطية الإعلام الإخباري للفضائيات التلفزيونية ودوره في تشكيل الثقافة السياسية ومسارات العملية السياسية للمجتمعات العربية خلال تغطية الصراعات المندلعة في المنطقة بعد ثورات "الربيع العربي"، متخذاً من أحداث الانقسام الفلسطيني حالة دراسية".
وتابع قائلا، "باتخاذي لاستراتيجية استقرائية في استقصاء المسألة قيد البحث، استطعت تقديم تفسيرات امبريقية مكنتني من تعريف مفاهيمه النظرية بدقة واختبار افتراضاته ببيانات أولية موثوقة، ومكنتني كذلك من تجاوز أوجه القصور النظرية في النماذج الأربعة المذكورة أعلاه، والنابعة في أصولها من الفروق والتعقيدات السياقية بين البيئة التي تم فيها تطوير النظريات الأربعة (المجتمعات الغربية الديموقراطية) وبيئة عمل الفضائيات حيث أجريت الدراسة (مجتمعات الشرق الأوسط)".
ويرتكز النموذج المستحدث في تحليله لعملية التواصل السياسي خلال تغطية الصراعات إلى "منطق المساومة" بين منطق الإعلام ومنطق السياسة، حيث يتناوله كتفاعل جرى بين متغيري "القيمة الإخبارية" التي تقدمها صحافة الفضائيات و"الحاجة للتمويل" التي تساوم بها القوى السياسية بالمقابل، كمحور لإطار تفاعلي اتضح من خلال التحليل أنه قدم نمط جديد من أنماط "البروباغندا الممنهجة Systematic Propaganda"، كنمط يحكم العلاقات المتبادلة بين مؤسستي الإعلام الفضائي والنخب السياسة في المنطقة. وتضّح هذه العلاقة بتركيز النموذج الجديد على تحليل عملية تأطير الأخبار في صحافة الفضائيات للأحداث بما يخدم مصالح القوى السياسية، كمسألة يجمع عليها علماء الحقل بأنها تشكل مدخلاً أساسياً في عملية إنتاج الأخبار، ومحدداً حاسماً لكيفية تأثيرها في مسارات الصراع، وسمات المجتمع الذي تجري فيه.
يشار الى ان بناء هذه النظرية يعد مساهمة هامة لجهود أحد كوادرنا الأكاديمية في قسم الإعلام والاتصال في كلية الدراسات العليا، فقد سهل النموذج تحليل تغطية الفضائيات للصراعات الدائرة ودورها في امتداد التأثيرات السياسية والأيديولوجية للقوى السياسية المهيمنة في الإقليم عبر صحافتها، لتمارس تأثيراً قوياً على مسارات السياسة المحلية في الصراعات المشتعلة، وفي تشكيل مجرياتها وأحداثها، كمشكلة رئيسية لم يتم حلها من قبل، وقدم أدلة تجريبية توضح كيف يختلف الواقع السياسي في "عالم الإعلام" عنه في "العالم الحقيقي". كما ساهم النموذج النظري الجديد بإضافة نوعية للمفاهيم الأساسية لنظرية "أعلمة السياسة والمجتمع The Mediatization of Politics and Society" كنظرية "تلوية Metatheory" تتناول على نطاق واسع التأثيرات الإعلامية ودورها في تشكيل سمات المجتمع الإنساني المعاصر.