الشيخ سعيد فالح بكارنة
ففي الثاني عشر من شهر ربيع الأول عام 570 للميلاد - عام الفيل - ولد النبي العربي القرشي الهاشمي محمد بن عبد الله في مكة المكرمة في أشرف بيت من بيوت العرب .
واهتزت الأرض إجــلالاً بمولــــده =شبيهة بعروس هزهـــــا الطــــرب
المـــاء فاض زلالاً من أصــــــابعه = أروى الجيوش وجوف الجيش يلتهب
والظبي أقبل بالشكوى يخاطبه = والصخر قد صار منه الماء ينسكب
خير النبيين لم يذكر على شفة = إلا وصلت عليه العجم والعرب
خير النبييين لم يقرن به أحد = وهكذا الشمس لم تقرن بها الشهب
خير النبيين لم تحصر فضائله = مهما تصدّت لها الأسفار والكتب
وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أفضل الخلق على الإطلاق، وقد أثنى عليه رب العالمين وزكاه ُ في آيات تتلى إلى يوم الدين، فقد زكى عقله فقال : "ما ضل صاحبكم وما غوى " وزكى قوله فقال : "وما ينطق عن الهوى" وزكى شرعه فقال "إن هو إلا وحي يوحى"، وزكى فؤاده فقال :"ما كذب الفؤاد ما رأى،" وزكى بصره فقال: "ما زاغ البصر وما طغى" ، وشرح له صدره فقال " :ألم نشرح لك صدرك" ورفع ذكره فقال :"ورفعنا لك ذكرك" ، ووضع عنه وزره فقال: "ووضعنا عنك وزرك" ،وزكاه ُ كله فقال : "وإنك لعلى خلق عظيم".
إن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان إيذانا بزغ فجر جديد على البشرية ، فجر يغلب فيه النور الظلام ، ويسود فيه العدل ، ويقهر الظلم وتعم فيه الرحمة على العالمين من مسلمين وغير مسلمين كما قال الله تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " (سورة الأنبياء آية 107) .
فعن رحمته بالمؤمنين قال تعالى :" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " (سورة التوبة آية 128 )
ويقرر صلى الله عليه وسلم أنه رسول الرحمة فعن أبي موسى الأشعري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي نفسه أسماء فقال :أنا محمد والمقفي والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة " . ( رواه مسلم )
ويرفض صلى الله عليه وسلم أن يدعو على المشركين الذين آذوه وظلموه وقتلوا أصحابه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه : قيل : يا رسول الله ادع على المشركين قال إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة " ( رواه مسلم ) .
كما يرفض النبي صلى الله عليه وسلم أن يهلك كفار مكة عندما جاءه جبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال قائلا له : إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين وهما جبلان عظيمان محيطان بمكة . فيقول عليه الصلاة والسلام : " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا " .
وها هو صلى الله عليه وسلم يضرب لنا مثالا عظيما في الرحمة و العفو والتسامح عندما دخل مكة فاتحا وإذا به يعفو ويصفح عمن آذوه أشد الأذى كوحشي قاتل حمزة وعكرمة بن أبي جهل ويقول لهم : " اذهبوا فأنتم الطلقاء ".
وفي هذه الذكرى العطرة ندعو الجميع إلى دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم والاقتداء بنهجه القويم والسير على دربه القويم والتخلق بخلقه العظيم كي نكون من الفائزين في الدنيا والآخرة .