logo

حكم من أوصى بماله قبل موته لبناء مسجد

28-08-2023 07:44:22 اخر تحديث: 28-08-2023 07:44:57

السؤال: طلبت مني والدتي -رحمها الله- قبل وفاتها بحوالي سنة أن أجمع تركتها، وأنا ابنها الأكبر، وأبني لها به مسجدا، وبشهادة والدي، وزوجتي، وكنت قد سجلت لها تسجيلا مصورا بكلامها،


صورة للتوضيح فقط - تصوير: Tamer Adel Soliman - shutterstock

 ولا يزال محفوظاً لدي، ومعلوماتي تفيد بأنه لا يجوز أن نتصرف إلا بثلث تركتها في المشروع الذي طلبت مني عمله، أو ما يشابهه، فهل كلامي هذا صحيح؟ أم علينا إنفاذ وصيتها؟
وشكرا.

الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لوالدتك الرحمة، والمغفرة، وأما سؤالك: فالظاهر أن والدتكم أرادت أن تبنيَ لها مسجدا بعد وفاتها بما تركت من مال، وإذا كان الأمر كذلك، فهذه الصورة في حقيقتها وصية، والوصية تنفذ بعد وفاة الموصي، وتكون في ثلث التركة، إلا أن يجيز الورثة البالغون الرشداء، إنفاذ ما زاد على الثلث منها.
قال ابن قدامة في المغني: الوَصِيّةَ لغيرِ الوارِثِ تَلْزَمُ في الثُّلُثِ، من غير إجَازَةٍ، وما زادَ على الثُّلُثِ يَقِفُ على إجَازَتِهِم- أي الورثة- فإن أجازُوه جازَ، وإن رَدُّوه بَطَلَ، في قولِ جَمِيعِ العُلَماءِ. 
وعليه؛ فإذا كان ثلث ما تركته أمكم يكفي لبناء مسجد -ولو كان صغيرا- فابن لها به مسجدا، وإن لم يكن كافيا لبناء مسجد، فيمكن أن تُرغِّب من كان بالغا رشيدا من الورثة أن ينفذوا تلك الوصية، حتى يبنى لها المسجد الذي أوصت به، فإن إنفاذ الوصية فيما زاد على الثلث من التركة موقوف على إجازة الورثة، فإن وافقوا -فالحمد لله- وإلا فساهم بثلث تركتها في بناء مسجد.
قال ابن قدامة في المغني: وإن وَصَّى أن يُشْتَرَى عَبْدٌ بأَلْفٍ، فيُعْتَقَ عنه، فلم يَخْرُجْ من ثُلُثِه، اشْتُرِي عَبْدٌ بما يَخْرُجُ من الثُّلُثِ، وبه قال الشافِعِىي -رَضِي اللَّه عنه- وقال أبو حنيفةَ: تَبْطُلُ الوَصِيّةُ؛ لأنَّه أمَرَ بشِرَاءِ عَبْدٍ بأَلْفٍ، فلا يجوزُ لِلْمَأْمُورِ الشِّرَاءُ بِدُونِه، كالوَكِيلِ، ولَنا، أنَّها وَصِيّةٌ يَجِبُ تَنْفِيذُها إذا احْتَمَلَها الثُّلُثُ، فإذا لم يَحْتَمِلْها وَجَبَ تَنْفِيذُها فيما حَمَلَهُ.
والله أعلم.