logo

مقال: هل هذا هو الوقت المناسب لتجميد الميزانيّات للمجتمع العربي؟

بقلم : إياد شيخ أحمد، مدقّق حسابات، محامٍ، الكليّة الأكاديميّة سبير
24-08-2023 15:35:06 اخر تحديث: 24-08-2023 15:55:23

تثبت الأيّام القليلة الماضية مدى خطأ قرار وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وعدم كونه في الاتّجاه الصحيح، هذا هو الوقت المناسب لزيادة الميزانيّات للمجتمع العربيّ


إياد شيخ أحمد

الذي يغرق في مشكلات اجتماعيّة واقتصاديّة كبيرة، ومن دون تدخّل حكوميّ لا يمكن تغيّير هذا الوضع.

 تقع على عاتق الحكومة مسؤوليّة التحرّك لتغيّير الوضع الصعب الذي يعيشه خُمس السكّان في البلاد. لقد حان الوقت لتوسيع خطط تقليص الفجوات وليس لتجميد الميزانيّات، فالمجتمع العربيّ الذي يعاني من تسونامي العنف والفوضى وانعدام الأمن الشخصيّ الذي أدّى إلى مقتل 115 شخصًا في النصف الأوّل من عام 2023. وفقًا لمركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست، في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2023، كان 72% من إجماليّ القتلى في إسرائيل من المجتمع العربيّ. حتّى في عام 2022، من أصل 104 قضيّة قتل في المجتمع العربيّ، لم يتم فكّ لغز سوى 24 قضيّة. انعدام الأمن الشخصيّ ملموس بشكلٍ خاصّ في المجتمعات العربيّة بسبب عجز الشرطة وتقصيرها في القضاء على هذه الظاهرة. لأنّه على الرغم من أنّ جرائم القتل تُرتكب في المجتمع العربيّ ثلاثة أضعاف من عمليّات القتل في المجتمع اليهوديّ، إلّا أنه لم يتمّ تقديم سوى رُبع التهم مقارنة بالتهم التي قُدّمت ضدّ القتلة في المجتمع اليهودي. لذلك، فمن الواضح أنّه طالما ليس هناك ردع كافٍ، وما لم يكن مرتكبو هذه الأعمال خلف القضبان، فإنّ موجة العنف ستستمرّ في الازدياد بشكل مطّرد.

إنّ الوضع الاقتصاديّ والاجتماعيّ للمجتمع العربي خطيرٌ وصعب. أدّى ارتفاع أسعار الفائدة وغلاء المعيشة إلى زيادة الضائقة القائمة، وما يقرب من 40% من الأسر في المجتمع العربيّ تعيش تحت خطّ الفقر. إنّ الجمع بين الضائقة الاقتصاديّة والضائقة الاجتماعيّة أمر مُقلق للغاية ويمسّ بنمط الحياة الطبيعيّ والسليم في المجتمع العربيّ، في أربعة جوانب. الأوّل، إنّ الأزمة الاقتصاديّة تزيد من معدّلات الجريمة. منذ أكثر من 2000 سنة، أقرّ الفيلسوف اليونانيّ أرسطو أنّ "الفقر هو مُولّد الجريمة". ومنذ ذلك الحين، بيّن العديد من الدراسات وجود علاقة سببيّة بين الفقر وعدم المساواة وبين العنف. ومن الأمثلة الشائعة على ذلك تورّط الكثيرين في المجتمع العربيّ في القروض من السوق السوداء، ممّا يؤدّي إلى العديد من حالات العنف. يخلق الفقر وعدم المساواة أرضًا خصبة لتجنيد "الجنود" الذين سيكونون بمثابة الهيئة التنفيذيّة لمنظّمات الجريمة. والثاني، ضعف السلطات المحلّيّة، إلى جانب الافتقار إلى البنية التحتيّة المناسبة، المتنزّهات، المراكز الثقافيّة والأنشطة اللامنهجيّة، تؤدّي إلى غياب الأطر المناسبة للشباب في أوقات فراغهم. والثالث، أنّ ثقافة الاستهلاك القائمة على التقليد وعدم التطابق بين المصاريف والدخل، إلى جانب الافتقار إلى التربية الماليّة، تؤدّي إلى قرارات غير مدروسة مثل، اللجوء إلى القروض من السوق السوداء ذات الفائدة المرتفعة بغية الخروج في إجازة أو شراء سيّارة جديدة. والرابع، سوء الموازنة الحكوميّة لتقليص الفجوات القائمة وللتنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة في المجتمع العربيّ.

يستدعي الوضع الحالي الذي يعيشه المجتمع العربيّ تعاونًا فوريًّا بين الوزارات الحكوميّة، والحكم المحلّيّ ومنظّمات المجتمع المدنيّ، لإنقاذ المجتمع العربي من المأزق العميق الذي يعيشه. هذا هو الوقت المناسب لوضع خطط خمسيّة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإنشاء المناطق الصناعيّة وتطويرها، وتشجيع نقل المصانع وإقامة المصانع التي ستوفّر فرص العمل للنساء اللاتي لا يزال معدّل تشغيلهن أقلّ بكثير من معدّل التشغيل في المجتمع اليهوديّ. إن إنشاء مناطق صناعيّة جديدة سيحسّن الوضع الماليّ للعائلات في المجتمع العربيّ، كما سيعزّز مكانة السلطات المحلّيّة ويتيح لها منح سكّانها سلّة أفضل من الخدمات، وتوسيع ميزانيّات التعليم والثقافة، وإيجاد الأطر المناسبة لأبناء الشبيبة حتّى لا ينخرطوا في عالم الجريمة.

  إنّ حالة اليأس في المجتمع العربيّ كبيرة، والمجتمع نفسه لا يستطيع الخروج من هذه الأزمة دون مساعدة ودعم حكوميّين. لا تنتظروا حتّى يتفاقم الوضع أكثر.