بروفيسور ربيع خلايلة - صورة وصلتنا من الكاتب - تصوير : جامعة كليفورنيا - سان فرانسيسكو
بعدم زيادة التمويل التي تدفعه وزارة الرفاه لتفعيل المراكز النهارية للمسنين.
إن المطالبة بزيادة المساعدات المالية المدفوعة من قبل وزارة الرفاه لزيارة المسنين إلى المراكز النهارية هو مطلب مشروع وذلك بسبب الارتفاع الملحوظ في الاسعار وغلاء المعيشة وزيادة احتياجات المسنين الذين يزورون هذه المراكز. جزء كبير من هذه المراكز يعاني من العجز الكبير في الميزانيات ، مما اجبر بعضها الى تقليص نشاطات المركز من أجل الوصول إلى الموازنة في نهاية كل عام.
عدم إعادة النظر في تعديل الاسعار سيؤدي إلى تفاقم العجز المقدّر بملايين الشواقل ، الأمر الذي سيهدد استقرار واستمرار نشاط هذه المراكز وعملها ، بل ومن الممكن ان يصل الامر الى اغلاق بعض هذه المراكز.
الحفاظ على المراكز النهارية ودعمها هو "امر الساعة"
إن الحفاظ على المراكز النهارية ودعمها هو "امر الساعة" وهذه المراكز هي حقًا فرصة كبيرة للاستثمار في كبار السن ، لجلب السعادة والرفاهية لهم ، والاثبات بأن المجتمع ما زال يدرك ويقدر مساهمتهم.
في إسرائيل ، يتم تشغيل حوالي 180 مركزًا نهاريًا لكبار السن من قبل جمعيات مختلفة ، اللواتي يقدمن مجموعة متنوعة من الخدمات لأكثر من 17000 من كبار السن الذين يُعرفون بأنهم ضعفاء من الناحية الصحية والوظائفية وبحاجة للمساعدة اليومية في الاعمال الاساسية اليومية . ان إنشاء هذه المراكز النهارية تم وفقًا لتشريع فصل التمريض في قانون التأمين الوطني (1986) والذي تم تحديثه في (2018). هذه المراكز أسست لكي تمكن المسن من الحفاظ على العمل الوظيفي ومنع تدهور صحته وعافيته ، بالإضافة إلى توفير فعاليات اجتماعية التي تمكن المسن من الاستمرار في العيش بكرامة في اطار المنزل والمجتمع وليس في دور لرعاية المسنين. هذا الاستحقاق مخصص لمن بلغ سن التقاعد ، ويعيش في المنزل ، ويحتاج إلى مساعدة شخص آخر في القيام بالأنشطة اليومية (ارتداء الملابس ، والاستحمام ، والأكل ، والمشي في المنزل ، وما إلى ذلك). وحسب درجة الاستحقاق يقوم الشخص المستحق او العائلة باختيار الخدمات المناسبة له من السلة الموجوده، مثل: معالج / مساعد غريب في المنزل ، زيارة المركز النهاري ، الإشراف وتوريد جهاز إرسال الاستغاثة وخدمات الغسيل.
ارتفاع معدل متوسط الحياه سوف يزيد من الطلب على مراكز المسنين
ان ارتفاع معدل متوسط الحياه وازدياد عدد المسنين في السنوات القادمة، سوف يزيد من الطلب على مراكز المسنين. يبلغ عدد المسنين حاليا (65 عامًا فأكثر) في اسرائيل حوالي 1.1 مليون نسمة وهذه النسبة تنمو بمعدل سريع ، وقد ازدادت نسبه المسنين منذ قيام الدولة من 4٪ إلى 12٪ . وفي عام 2040 من المتوقع أن ترتفع نسبتهم إلى ما يقرب من 14 ٪. للمقارنة فان نسبة المسنين العرب اليوم هي 5% وسوف ترتفع الى 12٪.
في السنوات الاخيرة ، يزور المراكز النهارية كبار السن الذين بحاجة لمساعدة يومية عالية او رقابة لحمايتهم (مثل مرضى الخرف ، وما إلى ذلك) الامر الذي يزيد من تكاليف استضافتهم الى أعلى من المعتاد. تقدم المراكز ايضا رعاية طبية يومية وتساعد كبار السن على الحفاظ على صحة أفضل إلى جانب الخدمات الترفيهية والأنشطة المعرفية لتعزيز الصحة البدنية والذهنية.
توفر هذه المراكز رعاية يومية خلال ساعات النهار ، إلى جانب شبكة اجتماعية واسعة ، وهي تمنح للمسن الشعور بالامان والرفاه وتحسين جوده حياتهم. وتوفر هذه المراكز الخدمات الاجتماعية والوظيفية والطبية وإعادة التأهيل. إلى جانب ذلك ، فهي تقلل العبء على المستشفيات والمراكز الطبية. كما تساعد المراكز النهارية العائلات التي تهتم بالمسن في المنزل على افساح المجال لهم في الانخراط في روتينهم اليومي والتركيز على عملهم وحياتهم الشخصية في ساعات النهار.
حان الوقت لاحداث "ثورة اجتماعية" لاقرار قانون تأمين اجتماعي شامل للمسنين
مشكلة المراكز النهارية ما هي إلا راس الجليد الذي يخبئ وراءه في الاعماق اهمالا طويل الامد من قبل الحكومة لتامين حياة امنة لكل مسن والعيش باستقرار وكرامة في إسرائيل.
حان الوقت لاحداث "ثورة اجتماعية" لاقرار قانون تامين اجتماعي شامل للمسنين. مثل هذا القانون سيكفل الضمان الاجتماعي الشامل لكل شخص عند بلوغه سن الشيخوخة وسيضمن "سلة من خدمات الرعاية الأساسية والمجتمعية، تامين تمريضي وتغطية تكاليف الدخول الى بيوت رعاية المسن، وتغطية معاشات تقاعدية لكل مسن بغض النظر اذا كان المسن وفر او لم يوفر في صندوق التقاعد ، وذلك حسب معايير سيتم اقرارها في اطار القانون.
تمويل هذا القانون سيكون من خلال فرض ضريبة رفاه كما هو الحال مع ضريبة الصحة ، بإلإضافة الى تمويل من ميزانية الدولة. سن مثل هذا القانون سيسمح لكل مسن بالعيش بالكرامة التي يستحقها . كما هو معروف فهنالك عدد كبير من دول العالم التي لديها بالفعل ما نسميه التأمين الاجتماعي الشامل لكبار السن ، وهو نظام تأمين يوفر تغطية التقاعد وخدمات الرعاية الأساسية مجانًا لكل شخص مسن. على سبيل المثال في بلدان مثل الدنمارك وفنلندا وهولندا والنرويج والسويد ، تستند السياسة إلى مفهوم الحقوق الاجتماعية ، على نموذج أجر يتسم بالمساواة النسبية ، وهو الحد الأقصى لضمان المساواة الاجتماعية والاقتصادية.
في الختام ، يواجه المسنون في اسرائيل ازمة كبيره في تلقي خدمات اجتماعيه لضمان حقوقهم وضمان العيش بكرامة . في ظل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المسنون في اسرائيل، فان ازمة مراكز الرعاية النهارية المهددة بالاغلاق في إسرائيل بسبب عدم تغطية الميزانيات التي يحصلون عليها من قبل وزارة الرفاه ، تكاليف تشغيل هذه المراكز، ستؤدي الى تفاقم مشكلة عدد كبير من المسنين. إن إهمال كبار السن ، رفاهية وحقوق المسنين الذين أدوا واجباتهم بإخلاص طيلة حياتهم قد يضر بشكل كبير في رفاه وصحة المسنين. إن الحفاظ على مراكز الرعاية النهارية للمسنين في إسرائيل أمر في غاية الأهمية ، وهو حق لضمان شيخوخة مثالية لكبار السن وإظهار الاحترام لهم. الاستثمار في هذه المراكز هو استثمار للمجتمع بأكمله.
* البروفيسور ربيع خلايلة باحث دولي وخبير في علوم الشيخوخة ، ونائب الرئيس للشؤون الأكاديمية في كلية صفد الأكاديمية وزميل باحث في مركز صحة الدماغ بجامعة كاليفورنيا ، سان فرانسيسكو.