صورة من العائلة
مُصاب بمرض عضال، كي يتمكن من تلقي رعاية طبية متخصصة وقضاء ما تبقى من حياته مع عائلته. ويعاني دقة، 62 عامًا، من مرض رئوي مزمن ومن سرطان النخاع الشوكي، فيما تفتقر عيادة سجن أيَلون الإسرائيلي (المعروف سابقًا باسم سجن الرملة) إلى التجهيزات اللازمة للتعامل مع حالته. وبعد تشخيص إصابته بالسرطان العام الماضي، منعته مصلحة السجون الإسرائيلية من إجراء عملية زرع نخاع عظمي كان من المحتمل أن تنقذ حياته بعد رفضها نقله إلى مستشفى مدني".
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "تبرز حالة وليد دقة مدى قسوة النظام القضائي الإسرائيلي في تعامله مع الفلسطينيين، بمن فيهم المصابون بمرض عضال أو مَن يُحتضرون. وتفاقمت حالة وليد الصحية أصلًا بسبب الإهمال الطبي من جانب مصلحة السجون الإسرائيلية، فعندما أصيب بجلطة في وقت سابق من هذا العام، رفضت نقله إلى مستشفى مناسب لمدة 11 يومًا، وهو تأخير أدى إلى مضاعفات هددت حياته. يواجه وليد دقة الآن احتمالية الموت المؤلم خلف القضبان”.
واضافت: "ينتهك حرمان السجناء من الحصول على الرعاية الطبية المناسبة المعايير الدولية لمعاملة السجناء، وقد يرقى إلى التعذيب. يجب على السلطات الإسرائيلية الإفراج عن وليد دقة لدواعٍ إنسانية في القريب العاجل، وضمان توفير الرعاية الطبية التي يحتاجها بصورة ماسة”.
وورد في البيان: "قضى وليد دقة حكمًا بالسجن مدته 37 عامًا لمشاركته مع جماعة مسلحة اختطفت وقتلت جنديًا إسرائيليًا في العام 1984. وأنهى مدة محكوميته هذه في مارس/آذار 2023. على الرغم من ذلك، فقد حُكم عليه بالسجن عامَيْن إضافيَيْن في 2018، بتهمة محاولة تهريب هواتف نقالة إلى أسرى فلسطينيين آخرين. ومن المنتظر الآن إطلاق سراحه في مارس/آذار 2025، وهو موعد قد لا يعيش دقة ليراه".
واضاف البيان: "في 26 يونيو/حزيران 2023، رفضت لجنة خاصة معنية بالإفراج المشروط طلب وليد دقة بالإفراج المبكر عنه في ضوء وضعه الصحي. وفي 7 أغسطس/آب 2023، رفضت المحكمة المركزية في اللد التماس وليد دقة ضد قرار اللجنة المذكورة. ويوضح تقرير منظمة العفو الدولية حول نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، والذي نُشرَ في 2022، التمييز الممنهج الذي يمارسه نظام القضاء العسكري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وحرمانهم من الحق في المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة".
" الإهمال الطبي "
واردف البيان: "في 2022، شُخِّصَت إصابة وليد دقة بسرطان التليف النقوي، وهو نوع نادر من سرطان نخاع العظام. كما أنه مُصاب بمرض الانسداد الرئوي المزمن. في أعقاب تأجيل مصلحة السجون الإسرائيلية نقل وليد إلى المستشفى لتلقي العلاج الطارئ بعد الجلطة الدماغية التي ألمّت به في فبراير/شباط، تعرّض لمجموعة من المضاعفات، بما فيها الالتهاب الرئوي والفشل الكلوي، واضطر إلى استئصال معظم رئته اليمنى".
وتابع البيان: "وراجعت منظمة العفو الدولية تقييمًا طبيًا لحالته، أجراه اختصاصي أمراض الدم الإسرائيلي موشيه جات، الذي طلبت مشورته منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل في يناير/كانون الثاني 2023. مع تدهور حالة وليد الصحية، واصلت مصلحة السجون تجاهل توصية د. جات بضرورة نقله إلى بيئة نظيفة وصحية. وأبلغت سناء سلامة، زوجة وليد دقة، منظمة العفو الدولية أن زوجها تعرض لإهمال طبي “منهجي” ومطوّل في السجن. كما اطلعت المنظمة على تقييم طبي أجراه ديمتري كلوتزكي، أحد كبار المسؤولين الطبيين في مصلحة السجون الإسرائيلية، الذي قال إن تشخيص حالة وليد كان “سيئًا للغاية” وإنه بحاجة للعون لممارسة جميع الأنشطة اليومية".
واضاف البيان: "لطالما وثقت منظمات حقوق إنسان فلسطينية مثل مؤسسة الضمير السياسة الإسرائيلية المتمثلة بالإهمال الطبي ضد الأسرى الفلسطينيين. كما أثارت منظمة الصحة العالمية والمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية مخاوف بشأن معاملة مصلحة السجون الإسرائيلية للأسرى الفلسطينيين المرضى. وتنص قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على أنه ينبغي أن يحصل السجناء على نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع، وينبغي أن يكون لهم الحق في الحصول على الخدمات الصحية الضرورية مجانًا ومن دون تمييز على أساس وضعهم القانوني”.
" الحبس الانفرادي العقابي "
وتابع البيان: "اعتُقل وليد دقة، وهو فلسطيني من حملة الجنسية الإسرائيلية، في مارس/آذار 1986. وبعد ذلك بعام، أدانته محكمة عسكرية بتهمة قيادة جماعة مرتبطة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اختطفت وقتلت الجندي الإسرائيلي موشيه تمام في 1984. ولم يُدَن بارتكاب جريمة القتل بنفسه، بل بإصدار أمر إلى آخرين في المجموعة بقتل موشيه تمام. وقال وليد دقة إنه تعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء التحقيق. وحُكم عليه بالسجن المؤبد، لكن الحد الأعلى لهذا الحُكم حُدد في العام 2012 بـ 37 عامًا أكملها دقة في مارس/آذار 2023".
واردف البيان: "تدين منظمة العفو الدولية مقتل موشيه تمام باعتباره انتهاكًا لاتفاقيات جنيف القاضية بالحظر المطلق لممارسة العنف ضد حياة وشخص أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، بمن فيهم المحتجزون. وقد كتب وليد دقة في السجن العديد من المقالات حول تأثير السجن على المجتمع الفلسطيني، ونشر رواية لليافعين والعديد من الرسائل التي تصف الحياة في السجن، حُوّلت إحداها إلى مسرحية. وبعد نشر روايته لليافعين، زجت مصلحة السجون الأسرائيلية بوليد في الحبس الانفرادي العقابي".
وورد في البيان: "ورفضت السلطات الإسرائيلية التماسات وليد وزوجته سناء بالسماح بزيارة زوجية. ويُحرم جميع الفلسطينيين المصنفين على أنهم “سجناء أمنيون” من هذا الحق، الذي يُمنح عادة للسجناء الإسرائيليين اليهود الذين يحملون التصنيف ذاته. في 2019، تمكن وليد وسناء من تهريب حيواناته المنوية إلى خارج السجن، وولدت ابنتهما ميلاد في 2020. وزُجّ بوليد في الحبس الانفرادي بعد ولادة طفلته ميلاد ولم يُسمح له برؤيتها إلا بعد مرور 18 شهرًا. ويخطط أفراد عائلة وليد دقة لتقديم استئناف للمحكمة العليا الإسرائيلية، ولكنهم، كما أخبروا منظمة العفو الدولية: "لا نملك ترف الوقت".
"قسوة مجانية"
وختمت هبة مرايف حديثها بالقول: "لا ينبغي لوليد دقة وعائلته أن يشقوا طريقهم عبر متاهة قانونية في مثل هذه الأوقات المؤلمة. وفقًا للتقييمات الطبية التي اطلعنا عليها، فإن أمام وليد عام أو عامان، وإن إبقاءه محتجزًا حتى 2025 هو عبارة عن قسوة مجانية. نحث السلطات الإسرائيلية على الإفراج عن وليد دقة، وإنهاء الحرمان الممنهج من الرعاية الطبية الكافية للأسرى الفلسطينيين المرضى، والتأكد من احترامها لجميع المعايير الدولية لمعاملة الأسرى".