وسام بركات عمري - صورة شخصية
بدأت الحكاية … هناك ، قبل كل شيء ! في السماء على يد سيد الشرور والفساد ابليس ، حين عصى اللهَ فطرده اللهُ من رحمته.
وتكررت في الأرض ايضا منذ بدايتها ، وذلك عندما أقبل أحد ابني آدم على قتل اخيه، فأصبح من الخاسرين.
ثم قالها صراحةً جماعةٌ من قوم قارون عندما خرج قارونُ عليهم فى زينته وعنجهيته ، فسطّرها القران في آيةٍ عظيمةٍ من اياته : قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا يَٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِىَ قَٰرُونُ إِنَّهُۥ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍۢ.
وما زالت المقولة تتداول في اروقة النفوس وتسري كالدم في الشرايين عند البعض ، كلما رأوا نعمة وخير عند الناس ثارت الغيرة والحسد والحقد وخرجت من ثغورها الكامنة في القلب!.
واذا اردنا ان نغوص في اعماق المشكلة نجد ان الشخص الذي لديه تقدير منخفض لنفسه ، ولم يعرف عن الله شيء ، يكون من السهل أن ينقاد لوسوسة الشيطان ونفسه . أما من لديه العكس بحيث فهم عن الله، يكون الشخص واثقا بنفسه فهو لا يريد أن يسلب شيء من أي أحد ، ولا يرى في أي طرف آخر خطر وتهديدًا له! بل يفرح بفرح الاخرين.
وانا اعتقد أن لمفهوم الذات دورا هامًا في هذا الشأن إذ إن الأشخاص الذين لديهم مفهوم منخفض للذات أكثر عرضة لهذه الامراض النفسية.
ترفض هذا الجماعة الحاسدة الاعتراف بالحقيقة، لأن في ذلك اعترافا بأنهم في موقع حضيض ، وما اصعب على الانسان ان يعترف بفشله ، فهو على استعداد ان يلوم كل مَن حوله ، حتى يصل الامر ان يلوم اللهَ جلّ جلاله!
اخترت هذا المحور لانه من أهم المحاور خطورة ، بسببه زاد العنفُ وتقطعت كثير من الأواصر بين الناس ، وبسببه حصلت الكراهية والبغضاء ، ووقعت الشحناء ، وتنافر الناس عن بعضهم ، ونبع
حسدُ الأقران الذي نراه اليوم واضحاً جلياً بين الأئمة والعلماء والطلاب والتجار والرؤساء والمعلمين والاطباء … والبارزين في أعمالهم .
فحسد الأقران اليوم عقبة وحاجز كبير للوحدة والتكاتف والعمل الجماعي الذي بدونها لن يحصل اي تغيير ولن يحدث اي نهضة وهذا ما تعانيه مجتمعاتنا قاطبة اليوم. مما يؤدي الى خطر على الايمان وقد يخرج الانسان من دائرة الايمان بالقضاء والقدر ، لأنه فيه شرخ لجدار العقيدة الصحيحة ، وفيه خرق للخلق القويم ، وتشكيك سافر في عدل الله وحكمته!.
تغيير القناعات يؤدي لتغير السلوك فلابد من الاقتناع يقينا ان نجاح الاخر هو نجاح يساعدني للنجاح ايضا ، وهذا بحاجة الى تدريب النفس على اجبارها على الفرح لفرح الاخر، وتذليل النفس على تقديم العون والمساعدة لمن اساء لها، واستبعاد فكرة الانتقام من قاموس افكارنا واستبدالها بالعفو والاحسان… أعان اللهُ المخلصين في كل زمان ومكان.