صورة من جامعة دار الكلمة
ومركز «السبيل» المسكونيّ للاهوت التحرّر (فلسطين)، وبمشاركة 21 خبيرةً وخبيراً في اللاهوت والجيو-سياسيّ والعلوم الإنسانيّة من فلسطين، ولبنان، ومصر، وسوريا، والعراق، عُقِدَت في لارنكا يومي ١٣-١٤ حزيران / يونيو 2023 حلقة تشاوريّة إقليميّة بعنوان: «الكفّ عن تسييس الدين وتديين السياسة».
توزّعت أعمال هذه الحلقة على جلساتٍ خمس. الجلسة الافتتاحيّة أدارها القسّ الدكتور متري الراهب، وعَرَضت فيها المؤسّسات الشريكة رؤيتها والتزاماتِها في الشأن العامّ. أمّا الجلسة الأولى تحت عنوان «كيفيّة التعامل مع الخيارات السياسيّة التي يتحكّم فيها الدين»، فأدارها زياد الصّائغ، وتحدّث فيها المحامي الدكتور محمد فريد مطر، والدكتورة خلود دعيبس. الجلسة الثانية تحت عنوان «الأديان وحقوق الإنسان – إقصاء أم تدبّر بنّاء؟» أدارها الأب الدكتور خليل شلفون، وتحدّثت فيها الباحثة شادن نويهض هاني والدكتور جورج ثروت فهمي. الجلسة الثالثة في اليوم الثاني حملت عنوان «كم من الدين يمكن أن يتحمّله الفضاء العامّ؟» أدارتها إلهام مرشي، وتحدّث فيها الدكتور إيهاب بسيسو والدكتور سيمون كشر. ثمّ كانت جلسة مناقشة للبيان الختاميّ أدارتها سوسن بيطار، وجلسة ختاميّة أدارها ميشال نصير، وناقش فيها المشاركاتُ والمشاركون أفكاراً لاستراتيجيا مستقبليّة وخارطة طريق.
في هذا السياق، وبالاستناد إلى المداولات، خلُصَ المشاركاتُ والمشاركون إلى ما يأتي:
" أوّلاً: إنّ العلاقة المتبادلة بين الدين، كلّ الأديان، والسياسة في منطقتنا العربيّة قائمة على جدليّة شديدة التّعقيد، ما يقتضي تفكُّراً عميقاً في المساحات المشتركة التي تجمَع بينهما. إنّ تصويب هذه العلاقة الجدليّة لا يستقيم سوى بالعكوف على تشييد عمارةِ نهضةٍ في المنطقة العربيّة أساسُها قِيام دولة مواطنة يسودها القانون والدستور، وتُحتَرَم فيها الحرّيّات والتعدّديّة وكرامة الإنسان، ويسمو فيها الخير العامّ على سياسات النفوذ والاستبداد والاستقطاب بكلّ أشكاله.
ثانياً: انسجاماً مع القيم الكونيّة لحقوق الإنسان، نرى أنّ ثمّة صلةً في المفاهيم بين الأديان وهذه الحقوق، وتلاقياً في انحياز كلٍّ منهما مبدئيّاً إلى الخير العامّ (خلافاً لاستخدام هذا المفهوم أحياناً على غير مقاصده). لكن وبفعل التِباساتٍ في الرؤية والاستراتيجيا والسلوك، هناك ما يستدعي إعادة تظهير واضحة المعالم لمضامين هذه الحقوق، وأشكال تحقّقها، ونُظُم صونِها، مع فَهم لطبيعة المخاطر التي قد تشوب نبلَ مَقاصدها. وتالياً من الواجب استعادة حقيقة ارتباطهما معاً بالسياق الذي يتفاعلان معه لصالح صون القيم، حيث الفرد والجماعة يتكاملان ويتضامنان في الفضاء العامّ.
ثالثاً: إنّ الفضاء العامّ بقواه المجتمعيّة الحيّة معنيّ باستمرار النضال من أجل سيادة الدستور والقانون لصون الكرامة الإنسانيّة وسلام المجتمعات. هذه القوى مدعوّة إلى الحوار مع المؤسّسة الدينيّة لضمان حرّيّة الفرد والتعدّديّة بكامل امتداداتها الدينيّة والثقافيّة والمجتمعيّة والإثنيّة واللغويّة.
بالاستناد إلى كلّ ما سبق، تلتزم المؤسّسات الشريكة، كما المشاركات والمشاركون في الحلقة التشاوريّة الإقليميّة، متابعةَ التعاون ضمن مسارات فعّالة تُسهم في تطوير رؤية نهضويّة تخدم كلّ إنسان في منطقتنا العربيّة المأزومة والمكلومة، والتي تتطلّع إلى مستقبل أفضل " .