logo

النوم الصحي.. ودور هرمون الميلاتونين ومكملاته

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
11-06-2023 10:12:40 اخر تحديث: 14-06-2023 07:43:30

كيف تتم عملية ضبط ساعة الجسم البيولوجية، وما دور هرمون الميلاتونين في ذلك؟ حديثنا اليوم عن هرمون الميلاتونين، وصناعته وإفرازه عن طريق الغدة الصنوبرية..


صورة للتوضيح فقط - تصوير: fizkes - shutterstock

د. عمار عبد القادر تنكل، طبيب نمط الحياة، يشرح لنا هذه العملية بالتفصيل.

ما الميلاتونين؟
الميلاتونين هرمون تتم صناعته وإفرازه في معظم خلايا الجسم، وله وظائف حيوية عديدة؛ كونه يعمل مضاداً للأكسدة وللالتهاب، إلى جانب وظيفته في حماية الخلايا، من أهمها الأنسجة العصبية.
كما يعمل الميلاتونين على ضبط الساعة البيولوجية عن طريق إفرازه من قبل الغدة الصنوبرية، استجابة لتغير الضوء وشدته خلال اليوم. وظهر مكمل الميلاتونين بوصفه وسيلة مساعدة على النوم، وذلك بتأثيره في الساعة البيولوجية، وسهولة الدخول إلى النوم، والبقاء في وضعية النوم لفترة كافية.

ما الغدة الصنوبرية؟
اكتُشفت الغدة الصنوبرية منذ أكثر من 2000 عام، وعلى مدى التاريخ تم إطلاق العديد من المسميات على هذه المنطقة. لم تعرف الوظيفة الحقيقة لهذه المنطقة إلا عام 1958، وهي ضبط الساعة البيولوجية، عن طريق تنظيم إفراز هرمون الميلاتونين في الدماغ. كما تعمل الغدة الصنوبرية على تنظيم عمل الهرمونات الجنسية، مثل الهرمون الذكوري (التستوستيرون) والهرمون الأنثوي (الأستروجين). لذلك، فإن تأثر وظيفة الغدة الصنوبرية وعملها قد يؤثر في جودة النوم وباقي وظائف الجسم الحيوية.

ما مدى تأثير شدة الإضاءة الطبيعية والصناعية على هرمون الميلاتونين؟
توجد في العين خلايا وظيفتها اكتشاف التغير في شدة الإضاءة الخارجية التي تقاس بوحدة اللكس (lux)، على سبيل المثال فإن الضوء القادم من أشعة الشمس المباشرة يتراوح بين 32-130 ألف وحدة لكس. بينما ضوء الشمس غير المباشر تتراوح شدته بين 10-25 ألف وحدة لكس. وفي وقت الشروق والغروب تتراوح كون شدة الضوء بين 30-500 وحدة لكس. وفي المساء، تحت ضوء القمر الكامل، فإن شدة هذه الإضاءة لا تتجاوز وحدة لكس واحدة.
يعمل تغيّر شدة هذه الإضاءة الطبيعية على تنظيم الساعة البيولوجية عن طريق التأثير المباشر على إفراز الميلاتونين من الغدة الصنوبرية، مع الأخذ بالاعتبار أن الإضاءة الصناعية داخل المنزل أو في مكان العمل لا تتجاوز 100 وحدة لكس. لذلك، قد تتأثر وظيفة الغدة الصنوبرية وهرمون الميلاتونين، وبالتالي تغيّر الساعة البيولوجية وتأثر جودة النوم.

الساعة البيولوجية
مع زيادة شدة الإضاءة الطبيعية عن طريق ضوء الشمس، يقل إفراز هرمون الميلاتونين؛ ما يعطي الإشارة للجسم لطلوع النهار وإعطاء الحيوية للجسم لممارسة المهمات اليومية، ومع غياب ضوء الشمس تدريجياً يبدأ الجسم في إفراز هرمون الميلاتونين استعداداً للدخول إلى النوم. لذلك، فإن تعريض العين لضوء الشمس أثناء النهار مهم جداً لضبط هذه الساعة البيولوجية وتنظيم النوم. ومن الممارسات التي تقلل من تفاعل جسم الإنسان مع تغير شدة الإضاءة هو لبس النظارات الشمسية أثناء النهار التي تمنع من تفاعل العين مع ضوء الشمس. وأيضاً التواجد داخل المباني والغرف التي لا تدخلها إضاءة الشمس أثناء النهار قد يؤدي إلى اضطراب إفراز هرمون الميلاتونين، وبالتالي ظهور اضطرابات النوم.

مكمل الميلاتونين
انتشر استخدام مكمل الميلاتونين للمساعدة في التخلص من الأرق، وتحسين جودة النوم، على الرغم من كونه غير مصرح به من قبل هيئة الغذاء والدواء الأميركية في علاج الأرق حتى الآن. ففي دراسة حديثة عن طريق التحليل التلوي، بمراجعة وتقييم 23 دراسة، أوضحت أن مكمل الميلاتونين له أثر إيجابي في تحسين جودة النوم لبعض المصابين بالأمراض المزمنة التي تؤثر في جودة النوم، مثل: أمراض الجهاز التنفسي، والأمراض الاستقلابية مثل السكري، واضطرابات النوم. بينما لم تظهر فائدة لتحسين جودة النوم لدى المصابين بالأمراض النفسية، وبعض الأمراض العصبية وأمراض الجهاز الهضمي.

نمط الحياة وتحسين جودة النوم
تؤثر جودة النوم في المساء بشكل مباشر على جودة الحياة ونشاط الإنسان وفعاليته في أداء المهمات اليومية. وهناك العديد من العوامل التي تؤثر في جودة النوم، من أهمها: التعرض لضوء الشمس أثناء النهار، وطبيعة الأكل وجودته وتوقيته، والنشاط البدني الحركي، مثل ممارسة الرياضة. لذلك، فإن الاهتمام بتناول غذاء متكامل ذي جودة عالية، والانتظام على ممارسة الرياضة، والاهتمام بتعريض العين لضوء الشمس المباشر وغير المباشر من العوامل الرئيسية التي تحسن من جودة النوم، من دون اللجوء إلى المكملات والعلاجات الدوائية التي تساعد على النوم.

الغذاء وجودة النوم
يصنع هرمون الميلاتونين عن طريق هرمون السيروتونين (هرمون السعادة والاستقرار النفسي)، وهناك بعض الأمراض، خصوصاً الأمراض النفسية، التي تؤثر في صناعة هرمون السيروتونين. يقوم الجسم بصناعة هرمون السيروتونين داخل الدماغ عن طريق الحمض الأميني التربتوفان القادم من الغذاء الغني بهذا الحمض الأميني.
محتوى الوجبة من البروتين والكربوهيدرات ونوعيتها وكميتها وتوقيتها يؤثر في قابلية الدماغ لاستقبال التربتوفان وصناعة هرمون السيروتونين، وبالتالي صناعة هرمون الميلاتونين. لذلك، فإن سوء التغذية، مثل قلة تناول البروتين، واستهلاك السكريات والكربوهيدرات المكررة، مثل الخبز الأبيض، ونحوها بكميات كبيرة، قد يؤثر في قدرة الدماغ على صناعة هذه الهرمونات؛ ما يؤثر في جودة النوم.
يشير بعض الدراسات إلى أن تناول وجبة تحتوي على بروتين كافٍ وكربوهيدرات معقدة غنية بالألياف، مثل الحبوب الكاملة، بكمية معتدلة قبل النوم بأربع ساعات على الأقل؛ يؤثر بشكل إيجابي في جودة النوم، وأن تأخير الوجبة عالية الكربوهيدرات يؤثر بشكل سلبي في جودة النوم.

النشاط البدني
تظهر إحدى الدراسات الحديثة عن طريق المراجعة المنهجية والتحليل التلوي لنحو 22 دراسة، أن النشاط البدني والتمارين البدنية الذهنية لها تأثير إيجابي في تحسين جودة النوم.
وجدت هذه الدراسة أن التأثير قصير المدى للانتظام على النشاط البدني (ثلاثة أشهر) له تأثير أقوى من الانتظام طويل المدى (أكثر من ثلاثة أشهر). ممارسة الأنشطة البدنية متوسطة الشدة، سواء أثناء النهار أو المساء، لها التأثير نفسه على جودة النوم، بينما يشير بعض الدراسات إلى أن النشاط البدني منخفض الشدة في الفترة المسائية لدى كبار السن له تأثير أكبر في تحسين جودة النوم.

الميلاتونين وجودة الحياة
لا يعني الاهتمام بالميلاتونين ودوره في تنظيم الساعة البيولوجية أن الفائدة الوحيدة لهذه الهرمون هو تحسين جودة النوم، فهناك بعض الحالات الصحية التي يقل فيها صناعة وإفراز هرمون الميلاتونين من معظم خلايا الجسم؛ ما يؤثر في جودة الحياة. وللميلاتونين دور مهم بوصفه مضاداً للأكسدة وللالتهاب، وحماية الخلايا العصبية وصحة بيت الطاقة (الميتوكوندريا).
كما أظهر العديد من المراجعات العلمية الأثر الإيجابي لهرمون الميلاتونين، سواء بإفرازه بشكل طبيعي كما ذكرنا سابقاً، أو تناوله بوصفه مكملاً غذائياً في تحسين عمل الخلايا، ومقاومة تأثير بعض الأمراض المزمنة وتحسين جودة الحياة.

هل استخدام مكملات الميلاتونين آمن للمساعدة على جودة النوم؟
تعدّ الدراسات في تأثير هرمون الميلاتونين والصحة حديثة نوعاً ما، وحتى الآن لا توجد دراسات تثبت أن استخدام مكمل الميلاتونين يعدّ آمناً لجميع الأشخاص والحالات الصحية.