وسام بركات عمري - صورة شخصية
العقلاء حيارى! المخلصون في حجراتهم! التافهون يلمعون من الاضواء! الفاسدون يمرحون! العامة يأكلون ويشربون ويتناسلون!
سؤال الاسئلة عند كل الحيارى هو:
كيف يكون الإصلاح؟!
يقول البعض: لا جدوى من الكلام، فالصمت اعمق في هذه الأيام!
واخرون : لا أمل في التغيير!
واخرون : وليسعك بيتك!
انا لا أهذي ولا أحلم ، بل اعلم ان الله حق!
لذلك ارى ان واجب السعي الى الإصلاح يزداد واجبًا في هذه الحالة! لا الصمت ولا القنوط نهج المصلحين… مع شدة الحيرة .
حيارى هو عنوان هذه الأزمنة العصيبة والمقلقة ، تعترينا حيرة قاتلة مكبلة لفكرنا قبل حركتنا. ليست نابعة حيرتنا من عدم معرفة الحق أبدًا، بل نرى الحق كرؤيتنا للشمس في رابعة النهار ، واليقين في النفوس، ومعرفة الحقائق والدقائق في العقول ، والقلوب مطمئنة بأمر الله ، ولكن حيرتنا في احوالنا ، في نفوسنا ، في ذاتنا ، في افكارنا ، في طموحنا واطماعها.. دعوتي لكل مَن لا يرى أن وجودنا عبثي في حياة عبثية ، انه لا بد له من النظر والتأمل في كل ما ارتكبناه، طوعا أو مرغمين عليه، وما ارتكب الاخرون أيضًا!.
علينا أن ننظر بصدق في داخل نفوسنا وعقولنا وتفكيرنا، بعيدا من حالة الإنكار التي نستتر من ورائها ، لكي لا نتحمل مسؤولية الموقف وجهد العمل .
ثمة أمور كثيرة مررنا بها، منذ طفولتنا البريئة، أجد نفسي محاصرا في كل حدث وفي كل نقاش بكم من الأسئلة الاستفهامية والاستنكارية، غير قادر على استيعابها، ناهيك عن الإجابة عنها، حتى لا اقتنع بأجوبة الاخرين حين تكون مجترة مبتذلة مستكبرة مستوردة ..!
كم نحن مسؤلون عن هذه الحيرة السائدة؟!
هل نحن مسؤولون لأننا نشارك الحياة بالحياة؟!
هل نحن مسؤولون عن كل أنواع النفاق والخداع في هذا الكون؟! هل نحن مسؤولون لأننا سمحنا ( للاسد ان يأكل الثور الابيض!)؟! هل نحن مسؤولون لأننا نسكت عن الفساد حين كان في مصلحتنا الشخصية؟! هل نحن مسؤولون لأننا اتبعنا الهوى في امور حياتنا؟!
هل نحن مسؤولون لأننا رضخنا ان يتولى امرنا اراذلنا؟! هل نحن مسؤولون لأننا آثرنا الوهم على الحقيقة ؟!
هل نحن مسؤولون لأننا تجرأنا على اوامر الله وصمتنا عن ظلم الحكام؟! هل نحن مسؤولون لأننا نلهث وراء الشهوة والشهرة الزائفة؟! هل نحن مسؤولون لأننا نتبع ما وجدنا عليه الاباء والاجداد؟!
هل نحن مسؤولون لأننا سمحنا للعولمة ان تلعب فينا ؟! ربما يقول احدنا : مشاركون بنسب مختلفة، وليس مسؤولية تامة بما حدث ويحدث … نحن ضحايا، وفي الوقت نفسه، مشاركون في الكذبة الكبرى التي احاطت بنا وقت نومنا!
على كل حال مهما سألنا واستفسرنا واستفهمنا واستقصينا واستنتجنا … لا جدوى من اهمال السعي للاصلاح والتغيير بحجة عدم جدواه ! لولا اهمل ذلك مَن هم قبلنا ما حدث اي تغيير في التاريخ!.. ولا عرفنا العظماء من المتخاذلين!..، ولا حدث تداول للحضارات ، ولا انتشر دين …ولهلك الجميع .
كما أنه لا يصح بناء العمل على التأثير وعدمه، لأن التأثير وعدمه في الاصلاح والنهضة أمر غير ظاهر آنيًا ، وغير مقيّد ماديًا بشكل منضبط، بل هو تراكمي تدريجي بحاجة لوقت لقطف ثماره ونتائجه.
الحقيقة ان دعوات الصمت والقنوط والاستسلام غير منطقية، وغير صحيحة دينيا ولا اخلاقيا ولا فلسفيا .
تعالوا نتفق ان ما علينا الا ان تقوم مجموعة مخلصة من التحلل من الافكار البالية وتحطيم النمطية في تعاطي الحياة، وكبح كل عوامل الانحطاط …الى رسم معالم ثقافة جديدة نحو النهضة . فلا بد من أن يعطينا ذلك املاً وشعوراً بأن وظيفة الانسان وظيفة جادة، وظيفة عمل، اصلاح ، اعمار، خلافة ، عبادة… والله لا يضيع اجر من احسن عملا.