(Photo by Emin Sansar/Anadolu Agency via Getty Images)
شيمشك في حكومته للتصدي لأزمة غلاء المعيشة ومشكلات أخرى.
وقال محللون إن تعيين شيمشك وزيرا للخزانة والمالية قد يمهد الطريق لرفع أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة في تحول ملحوظ في سياسة أردوغان التي ينتهجها منذ وقت طويل والمتمثلة في خفض أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع التضخم.
وبعد الفوز بجولة الإعادة في انتخابات الرئاسة الأسبوع الماضي، بدأ أردوغان (69 عاما)، الذي يحكم منذ أكثر من عقدين، ولايته الرئاسية الجديدة ومدتها خمسة أعوام بدعوة الأتراك إلى تنحية الخلافات جانبا والتركيز على المستقبل.
وتضم حكومة تركيا الجديدة جودت يلماز، وهو مدير اقتصاد تقليدي آخر، نائبا للرئيس، وهاكان فيدان، الرئيس السابق لجهاز المخابرات التركي، وزيرا للخارجية بدلا من مولود تشاووش أغلو.
وحضر مراسم تأدية أردوغان اليمين في القصر الرئاسي بأنقرة مسؤولون رفيعو المستوى من دول ومنظمات دولية، من بينهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان.
ويأتي التحول الواضح في السياسات الاقتصادية في الوقت الذي يقول فيه كثير من المحللين إن تركيا ذات السوق الناشئة الكبيرة تتجه إلى الاضطراب نظرا لنفاد الاحتياطيات الأجنبية والتوسع في خطة الودائع المحمية المدعومة من الدولة وعدم صحة التوقعات المتعلقة بالتضخم.
وحظي شيمشك (56 عاما) بتقدير كبير من المستثمرين عندما شغل منصبي وزير المالية ونائب رئيس الوزراء بين عامي 2009 و2018.
وذكرت رويترز الأسبوع الماضي أنه من شبه المؤكد أن يضم الرئيس وزير الاقتصاد السابق محمد شيمشك في حكومته الجديدة، ما قد يشير إلى عودة محتملة إلى سياسات اقتصادية تشمل رفع أسعار الفائدة في نهاية المطاف.
مسألة الاستقلال
يقول محللون إنه بعد حالات سابقة تحول فيها أردوغان إلى السياسات التقليدية وما يلبث أن يعود سريعا إلى أساليبه في خفض الفائدة، فإن أشياء كثيرة ستعتمد على مدى الاستقلالية التي سيتمتع بها شيمشك.
وقال إيمري بيكر المدير في مجموعة أوراسيا التي تغطي الشؤون التركية "يشير هذا إلى أن أردوغان اعترف بتقويض الثقة بقدرته على إدارة التحديات الاقتصادية التركية. لكن في حين أن تعيين شيمشك سيؤجل على الأرجح وقوع أزمة فمن غير المرجح تقديم إصلاحات طويلة الأمد للاقتصاد".
وأضاف "من المرجح أن يحظى شيمشك بتفويض قوي في وقت مبكر من فترة ولايته، لكنه سرعان ما سيواجه رياحا سياسة معاكسة شديدة السرعة لتنفيذ السياسات مع اقتراب الانتخابات المحلية في مارس 2024".
وشدد برنامج أردوغان الاقتصادي منذ 2021 على التحفيز النقدي واستهدف الائتمان لتعزيز النمو الاقتصادي والصادرات والاستثمارات، متسببا في الضغط على البنك المركزي للتحرك ومقوضا الثقة باستقلاله.
نتيجة لذلك، بلغ التضخم أعلى مستوى في 24 عاما عند 85 بالمئة العام الماضي قبل أن يتراجع.
وفقدت الليرة أكثر من 90 بالمئة من قيمتها في العقد الماضي بعد سلسلة من الانهيارات وحدث أسوأها في أواخر 2021. وهبطت إلى مستوى قياسي جديد لتتراجع إلى 20 ليرة مقابل الدولار الواحد بعد جولة الإعادة في 28 مايو أيار.
"سبل التصالح"
حصل أردوغان، أطول زعماء تركيا بقاء في السلطة، على 52.2 بالمئة من الأصوات في جولة الإعادة في 28 مايو أيار. وجاءت النتيجة على عكس توقعات معظم استطلاعات الرأي التي توقعت أن الضغوط الاقتصادية ستفضي إلى هزيمته.
والولاية الجديدة من شأنها أن تسمح لأردوغان بالمضي في سياسات تعد سلطوية بشكل متزايد وأدت إلى انقسام في البلد العضو في حلف شمال الأطلسي، لكنها ستسمح له أيضا بتعزيز موقع تركيا باعتبارها قوة عسكرية إقليمية.
وفي مراسم تأدية اليمين بالقصر الرئاسي، تحدث أردوغان بنبرة تشي بالتصالح.
وقال أردوغان "سنحتوي الخمسة والثمانين مليون نسمة بغض النظر عن آرائهم السياسية... دعونا ننحي استياء فترة الانتخابات جانبا. دعونا نبحث عن سبل للتصالح".
وأضاف "يجب أن نتطلع معا إلى الأمام ونركز على المستقبل ونحاول قول أشياء جديدة. يجب أن نحاول بناء المستقبل بالتعلم من أخطاء الماضي".
وتعهد أردوغان، وهو يؤدي اليمين الرئاسي في وقت سابق من يوم السبت، بحماية استقلال تركيا ووحدة أراضيها والالتزام بالدستور واتباع مبادئ مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية العلمانية الحديثة.
وأصبح أردوغان رئيسا للوزراء في عام 2003 بعد فوز حزبه العدالة والتنمية في الانتخابات في أواخر عام 2002 في أعقاب أسوأ أزمة اقتصادية شهدتها تركيا منذ السبعينيات.
وفي عام 2014، أصبح أول رئيس منتخب شعبيا في البلاد واُنتخب مرة أخرى في عام 2018 بعد الحصول على سلطات تنفيذية جديدة لمنصب الرئيس في استفتاء عام 2017.
وكان لانتخابات 14 مايو أيار وجولة الإعادة في 28 مايو أهمية بالغة نظرا لثقة المعارضة في الإطاحة بأردوغان وتغيير العديد من سياساته، بما في ذلك اقتراح زيادات حادة في أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، الذي بلغ 44 بالمئة في أبريل نيسان.
وقال أردوغان في خطابه بعد الفوز إن التضخم هو القضية الأكثر إلحاحا بالنسبة لتركيا.