logo

مقال: ‘ عبقري وحيد …غير كفيل ! ‘ - بقلم : وسام بركات عمري

بقلم : وسام بركات عمري
27-05-2023 09:24:09 اخر تحديث: 28-05-2023 04:04:08

يمتلك الانسان عقلًا مذهلًا وقوةً جبارة. نرى الانجازات والابتكارات العظيمة التي انجزها الانسان في الماضي والحاضر ، والامثلة لا نستطيع عدها ولا حصرها في مقال!.


وسام عمري - صورة شخصية

لكن مع تأكيدنا على تشجيع المبدعين والعباقرة وتأمين لهم كل الادوات والوسائل لحثهم على الابداع والتميّز! إلا انه لاحداث اي تغيير مجتمعي او لانشاء موسسة تدير ازمة ، او لحل مشكلة عامة مثل العنف، الجهل ، الفقر.. او اي خطوة نحو النهضة او لتحسين الجو العام في اي مكان، بدايةً من الاسرة الى المؤسسة الى المجتمع … الى الامة! لا يكفي ان يكون افراد متناثرين متباعدين متناحرين .. فوسطنا العربي مليء بالشخصيات الفذة ولا ينقصنا علماء ومبدعون ولكنهم مجرد افراد …والعمل الفردي مهما كان ناجحا يبقى إنجازًا فرديا وأثره محدود على المحيط والمجتمع ، لذلك يجب ان يكون العمل جماعيًا يربط كل الافراد المختارة بعناية في مجموعة متناسقة متلائمة نحو هدف ورؤية.. كما لوحة الفسيفساء لا يظهر جمالها الا عندما تنتظم جميع مكوناتها بدقة وابداع ! وفي هذا الجانب نحن مقصرون جدًا! لماذا؟! لأن هناك بعض الشروط الضرورية لانجاح العمل الجماعي وهي غير موجودة -حسب رأيي-:

- التربية من الصغر على اهمية الوحدة والعمل الجماعي وزرع ثقافة "نحن" مكان "أنا" والتخلي عن الأنانية ( مدخلنيش بحدا!، مِن وراي تخرب جرش!، حَادَت عن ظهري سليمة!، الف أم تبكي وأمي ما تبكي!…) مقولات غير صحيحة دينيًا ولا فلسفيا ولا اخلاقيا ! بل هي تربي جيلًا كاملًا مع امراض نفسية التي تصل لحد تقديس المادة والذات وعقد نفسية معقدة، بحيث لا تستطيع ان تتعامل معها في ابسط الامور، فما بالك في بناء مجتمع سليم ونهضة ! هيهات!.

- الاخلاص والنية الصادقة السليمة، والتضحية من دون انتظار مقابل مادي او مدح زائف، واحترام اصحاب التخصصات والعلم.

- قبول اختلاف الاراء ، وعدم اتهام الاخر بالكفر والخيانة لمجرد تعارض في الاراء او الافكار بل الاقتناع ان الاختلاف سُنة ضرورية وصحية ولا مانع منها حتى الوصول الى حل مشترك يُلزم الجميع .

- وجود هدف مع رؤية واضحة وموجزة ويسهل على أيّ شخص فهمها، كما يجب أن تتكوّن من جملة أو جملتين قصيرتين، على سبيل مثال وليس الحصر : اطلاق صاروخ للفضاء! التحاق كل خريجي الثانويات في الجامعات المحلية، الوصول الى نسبة صفر للبطالة والامية خلال فترة معينة، محاربة العنف والجريمة حتى دحضها واجتثاثها من جذورها وغيرها …

- وجود قائد مهني فذ ، حسن السيرة والسلوك يحسن التعامل مع الجميع فيكون بمثابة الملهم والمرشد الامين، الذي يقود الجماعة لتحقيق الاهداف والوصول الى الرؤية المتفق عليها ، واذا اخفق يتم تبديله بطريقة سهلة وسريعة. بناء على ما ذُكر اعلاه ولكي تكون كلماتي أفعالًا ، اقول : ان جامعة جماهير الوسط العربي واقصد "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية" بالرغم اني اكنّ الاحترام والتقدير لكل افرادها فردا فردا من الرئيس الى الاعضاء ، ولا مشكلة لدي بالاسماء ولا لانتمائهم الحزبي، جميعهم من ابناء شعبي حتى لو اختلفت معهم هنا وهناك! ولكن للاسف منذ تأسيسها سنة 1982 لم يحدث تغيير في البنية الهيكلية ولا في نهجها ، وبما انها لا تتبع اختيار اعضائها بالانتخاب !. اضع بين ايديكم فكرة مبدئية سهلة التطبيق وحيوية وخطوة هامة في طريق العمل الجماعي الصحيح وهي : تأسيس" لجنة المتابعة العربية الجديدة" او "مجلس شورى"او " حكماء الوسط العربي" او اي اسم يطلق عليها عن طريق نظام "تكنوقراطية" بمعنى اختيار جميع علماء حاملي شهادة الأستاذية (بروفسور) في علم السياسة والاجتماع والاقتصاد والتربية والنفس والفلسفة والفكر والإعلام والعلم الشرعي ، وأئمة المساجد وكهنة الكنائس ومشايخ الدروز في كل بلدات الوسط العربي بدون استثناء لأحد ولا انتماءات حزبية! بل كل واحد منهم قامة بحد ذاته يحمل بين جنبيه علمه وخبرته ورأيه المهني الشخصي فقط ، وقلبه النابض بحب هذا الشعب ، ونفسه المحبة للنهوض ..حتى لو وصل عددهم الى مئات او اكثر! -ليس مهما -.

هذه المجموعة تقع على عاتقها أولًا إعادة ثقة الجماهير العربية لذاتها ومن ثم البدء في دراسات جدية تبحث في المجتمع العربي في كل النواحي، ووضع خطط عمل وبناء دستور كامل ، حلول سريعة لقضايا حارقة، رؤية استيراتيجية مستقبلية، طرق لمتابعة قضايا الجماهير العربية في كل المجالات، إيجاد ميزانيات ، واساليب لانتزاع صلاحيات من مؤسسات ووزارات الدولة، والتواصل مع محيطنا العربي الكبير عن طريق الجامعة العربية او البرلمانات العربية ، ومع المحيط الدولي عن طريق الامم المتحدة او البرلمانات في دول العالم، وطرق كل باب ممكن طرقه في العالم.. وعلى مكونات لجنة المتابعة الحالية من احزاب ورؤساء مجالس وجماعات .. ان تكون داعمة ومساندة بل مبايعة لها والتعهد بانجاحها والالتزام في قرارتها المستقبلية. هذا عرض لفكرة بشكل عام ! اما التفاصيل والحيثيات مفتوحة للنقاش بكل رحابة صدر. ولكن لخروج الفكرة إلى حيّز الوجود، وتجاوز هذه المرحلة الصعبة التي يمر شعبنا والى قطف الثمار لا يأتي من فراغ، إنما هي حصيلة عمل مهني جاد وخبرات امتزجت مع الاخلاص ووحدة المصير مع همة عالية تجعل منه حلًا واضحًا. قد يكون الحل الذي وصلت إليه ليس الافضل لكنه الأنسب لظروف الحالة التي نحن في صددها.