د. احمد فياض محاميد - صورة شخصية
ويتمثل لأي تقدم علمي او فكري او فني. المبدعون هم ثروة الامة التي لا يمكن استثناها وهم الشموس التي تضيء ظلام التخلف، عقولهم تخترق قيود التقليد، وتبحر صوب المجهول. كلما استطاعت امة في الكشف عن الطاقات الإبداعية لا بناها والاستفادة منها، تكون أمة متقدمة ومتطورة حضاريا وكلما حاربتها تصبح امة ذليلة بين الامم .
وقد كان العرب يقذون لظاهرة الابداع، فمنهم من ألف عن الاذكياء لما له علاقة عضوية بالإبداع .فكان العرب في السابق حريصون كل الحريص على اكتشافه واحتضانه وتوفير الاجواء المناسبة لنموه، فظهر الكثير منهم في شطئ المجالات النظرية والتطبيقية من بينهم: الجاحظ، والمتنبي، وابن سيناء ، وابن الهيثم وبن رشد ، والائمة الاربعة اصحاب المذاهب الفقهية، وغيرهم الكثيرون مما شيدوا الحضارة العربية التي شموسها سطعت اوروبا الحديثة حالياً ...! لا نزال نعيش على ذاكرها.
تعريف الابداع:
والان دعونا نتساءل ، ما هو الابداع؟ الابداع عملية معقدة ومركبة يصعب تعريفها في مقال لصحافة، ولكن بتبسط يمكن استنتاج من الدراسات الحديثة حولة على تعريفين الاول: ابتكار الشيء على غير مثال سابق، على ان يكون الشيء جديداً في صياغته وان يكون هذا العمل مبتكرا بعيدا عن النمطية والتقليد وذا تايير في إيجاده . لذلك لا ينشئ الإبداع من فراغ، فهو يمر في مراحلة الاولى بالتقليد، ولكن لا يقتصر علية ، وبكلمات اخرى : إذا كان يقبل من الشخص المبدع ان يقلد غيرة ، فلا يقبل منة باي حال من الاحوال – ان يبقى اسير لهذ التقاليد، وإن كان ناجحاً ، لا يمكن اعتبره عملاً إبداعيا.
والشرط الثاني : ان يأتي هذه العمل الابداعي جديدا الى المجتمع والحياة ، بحيث يشكل إضافة نوعية وحقيقية للمجال الذي يتنمى إليه، ويؤثر تأْثير جوهري في محيطة (البيئة)، وألا كان مجرد لغوا لا قيمة له. فالإبداع لا بد ان يسهم في تطوير المجتمع ويخطط لمستقبل افضل وهذا هو الدور الحقيقي للمبدعين في مجتمعاتهم في أي زمان كان.ولعل القارئ يتسأل: هل المبدعون موجودون في كل مجتمعات العالم؟ نعم 5% من جميع مجتمعات العالم هم اصحاب مواهب إبداعية، لكن توجد مجتمعات تعمل كل ما في استطاعتها لتجفيفهم.
ميزات شخصية المبدع :
المبدع هو شخص اخر من طراز خاص يمتاز عن غير من البشر بميزات خاصة تجعله جديرا ان يكون مبدعا على سبيل المثال الاْحساس الذي يجعله ان يشعر بما لا يشعر به الاخرون من غير المبدعين ، وينتبه إلى ما لا ينتبه إليه غيرة؟ المبدع هو صاحب خيال واسع في بداية الامر يرسم ابتكار في الخيال بشكل صوار او افكار من قبل ان يخرجه الة حيز التنفيذ، الخيال الواسع يمكنه من اكتشاف علاقات جديدة بين الاشياء او العناصر لم تكن موجودة من قبل ، كما يساعده الخيال على تصميم نماذج جديدة ، وصياغة أْطر مبتكرة وذلك يتأتى له بالذكاء والفطنة. لذلك في امكننا ان نصف المبدع بانة شخص عبقري من طراز فريد من نوعه.هو شخص موهوب ولكي بنمي موهبة لا بد له من القيام في تجارب .لذلك فهو بحاجة ماسة الى حرية حقيقية لكي ينطلق من قيود اسر الواقع والتفكير النمطي الذي مستأسر في سجن الافكار المؤلفة لذلك لكي ينمي أفكاره فهو بحاجة ماسة الى اجواء خاصة. من هنا التقاليد الصارمة والافكار النمطية هي بمثابة سم قاتل وتقضي على مواهبة وتشل تفكيره وخيالة.
الاجواء المتطلبة لنمو والابداع :
الابداع – أيا كان فكريا او ادبيا – يحتاج الى عوامل متهيئة تساعد على نموه. الإبداع شبة في البذرة او الشجارة لكي تنمو فكلهما بحاجة الى ارض خصبة واجواء مناسبة لنموه، على سبي المثال لو اخذنا شجرة حمضيات من منطقة الساحل وزرعنها في منطقة الجنوب من المتوقع نتيجة الاجواء الصحراوية فلن تكتب لها الحياة وهكذا المبدع بحاجة الى تربة خصبة وبيئة ملائمة تتناسب مع موهبة المتميزة : بـ : رهافة الحس، وسعة الخيال، والذكاء، والحرية والدمقراطية. لا يعقل من المستحيل ان ينمو الابداع في اجواء عديمة الدمقراطية والمنافع الشخصية المبنية على المحسوبيات الحسب والنسب هذ هي بمثابة اجواء صحراوية قاتلة لنموه
واقع الابداع العربي:
في هذه الصدد يمكننا ان نجزم في كل تأكيد ودون أي ترُدد بان معظم المجتمعات العربية اينما كانت تُعاني من كارثة وازمة حقيقية في الابداع ،اما على مستوى دول عربية واما على مستوى انظمة محلية التي، تعتُبر عبارة عن نسخة شبة الاصل للأنظمة الرسمية. وهذ يعود الى افكار لها علاقة عضوية في حُب الذات نمطية وعدم النظرة الى الغير في مساوة. وهذه الظاهرة ما زالت مُسيطرة بمجتمعاتنا وسأتناول بعضها ومن ضمنها ما يلي :
1- على مستوى الدولة جمع الدول العربية تفتقر الدمقراطية أي الحرية ولقد ذكرنا في سياق المقال احد الشروط لنمو الْابداع الدمقراطية أي المبدع بحاجة الى مساحة دون حدود لتنمية مواهبة وبما ان الانظمة العربية تقمع حرية التفكير فان مناخها غير ملائم لنموه .
2- كل ما ذكر بخصوص الابداع فهو يشمل الجنسيين الرجل والمرأة وهو يميز المرأة اكثر من الرجل لا أنها اذكاء من الرَجُل في الذكاء الكلامي، ولا توجد فروق ذات دلالة احصائية في الذكاء المنطقي للرجل. ومن الجذير بالذكر بان المجتمعات العربية رجولية ولا يمكن للأبداع ان ينمو في مناخ يشل حقوق الطرف الاخر. وهكذا 50% من المواهب النسائية الربانية سُلبت نتيجة افكار نمطية لا تعتمد ولا على أي قاعدة علمية.
3- معظم اصحاب المناصب المرموقة تم تعينهم بناْءً على الحسب والنسب أي بمعنى اخر لم يتم تعينهم حسب مهاراتهم وإنما حسب انتماءاتهم السياسة او العائلية أي عديمي الكفاءات فهولا الاشخاص عادتا يعانون من الشعور في النقص وعدم لثقة في النفس، لعدم مؤهلاتهم لذلك هم يعتبروا كل مبادرة جديدة من شأْنها ان تهدد مستقبلهم واستمرارية عملهم لذلك هم يرفضون كل مبادرة مصدرها من طرف آخر ومن يقف من وراءها .
4- مؤسسات التربية التي اخذت على عاتقها " تدجين الطلبة " وقصر نشاطهم على الحفظ والتلقين مما لا شك بان هذا السلوب يقتل موهبتهم الابداعية، خاصة في المراحل الابتدائية. اضف الى ذلك ما تجاهل هذه الشريحة وعدم مراعاة الفروق الفردية. بينهم نجد الطالب المبدع يتعلم في نفس الصف مع الطالب صاحب القدرات المتواضعة. مما يؤدي الى ملل لدى الاول والى الشذوذ ذهنياً عند الثاني وبالتالي لا يستفيد الصنفان من هذه السلوب. وكل ما سبق يتم تحت شعار مقدس ، وهو غرس القيم الانسانية " بصورة غير انسانية "!.
مثل: الاحترام ، والطاعة العمية ، والاخلاص لنظام و" الحاكم في امر الله " . والنتيجة المرتقبة هكذا يتحول الطلبة المبدعون إلى أْداة رضخة، والى أذن صاغية ، تصبح عقولهم مجرد اوعية لا تصلح إلا للحشو من قبل الاْساتذة بما يريدون من معارف وافكر واراء غير قابلة _معاذ الله –لا ي نقد ، فهي لا يأتيها ابدأً لباطل من بين يديها ولا خلفها
5- التسلط الأبوي نعم توجد هناك فروقات عن بعض العائلات ولكن كما هو معروف من نتائج الابحاث المختلفة انه ُيقتل روح الابتكار والمغامرة لدى الاطفال الموهبين، كما ان تنميطهم وإخضاعهم لنمط سلوك الكبار يعيق نمو وجدانهم ، ويشل تفكيرهم ، ويُكبل خيالهم الابداعي ، لان الابداع خيال واستكشاف.
6- المحيط ومجموعة الجيل " أسنده لنفسها " وظيفة القيام في الاحباط وعدم تشجيع المبدع من ممارسة مواهبة وذلك يعود في معظم الاحيان نتيجة غيرة وضغينة وهكذا نشل في ايدينا احتضان الموهوبون ونحمل المسؤولية "للعدو الصهيوني البغيض"
ولنعود اخيراً الى متى ستستمر هذه الكارثة بحق المبدعين؟ ما دامت انظمتنا على المستويات الرسمية وشبة الرسمية تفتقر لدمقراطية وحرية الفكر سيبقى الابداع مشلول وفي الاسر الى ما لا يعلمون ..!
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]