logo

من تراثنا : المقاثي

المربي محمد صادق جبارة يكتب:
17-05-2023 10:01:37 اخر تحديث: 17-05-2023 11:07:11

عُرف عن بلدة الطيبة بأنها بلدة زراعية منذ القدم، ومعظم سكانها من الفلاحين، لكثرة أراضيها التي تصل الى البحر، وحسب " الروزنامة " الشعبية والتقويم المحلي، تبدأ السنة الزراعية


المربي محمد صادق جبارة - صورة شخصية

مع بداية موسم الأمطار وتنتهي بعد الحصاد.
وهكذا نلاحظ أنه في كل فصل من السنة هناك موسم، ما يزخر بالعطاء والتجدد ويشهد على كرم الطبيعة. في الشتاء تجود بيارات البلدة بالبرتقال، وما أن يعتدل الطقس في حزيران حتى يبدأ موسم البطيخ والفقوس والخيار البلدي والشمام. في فصل الصيف أكل الفلاح الطيباوي مما يزرع، فهناك القثائيات ( البطيخ والشمام والفقوس )، وكانت هذه النباتات تزرع في سهول الطيبة في منطقة " اللصلاصة " و " أبو الذهب " و " السلمانيات " و " الهواتات " و " أبو غنايم " و " السحايل " و " البشانيق " و " الداهوديات " و " أبو الثلاثين "، و " الراشيديات الشرقية " و " الفراصيع " و " السبوبة " و " موارس الجامع " و " العنانيب " و " المحاريق " و " الجلديات " و " الشاميات " وغيرها من الأراضي .
فالبطيخ والشمام في مقدمة فواكه الصيف وفيها الكثير من الفوائد، فالبطيخ مثلا  يحتوي على نسبة عالية جدا من الماء، ولا ننسى نبتة " البقلة " التي تنبت بطريقة عشوائية في المقاثي بكثرة، وقد اعتمد الفلاح الطيباوي عليها كثيراً. ونبتة البقلة هي نوع من الأعشاب البرية حيث أنها تنبت بمفردها في الطبيعة بفصل الصيف وبشكل عشوائي وتحتوي على مواد كيميائية ومخاطية تجعلها تساعد في العلاجات الطبية لأمراض خطيرة.
ويعتبر البطيخ " ملك الفواكه الصيفية " المفضلة لدى الكثيرين من بلدتنا، فهي فاكهة حلوة المذاق، مبرد طبيعي في الحر، وفوائد هذه الفاكهة جمة، تطفئ العطش، قيمتها الغذائية عالية كما قلنا، ولطالما كانت فاكهة البطيخ وشقيقها الشمام متوفرة في بلدتنا على مر الازمان، لكن للأسف الشديد في هذه الأيام قلت الزراعة في الطيبة، خاصة زراعة القثائيات لعدة أسباب، فسابقاً كانت هذه المحاصيل تكفي احتياجات البلدة وتصدر كميات كبيرة منها لخارج القرية، واليوم المواطن الطيباوي يشتري هذه الفاكهة من خارج البلدة .
كان اهالي الطيبة يقومون بجمع البطيخ ونقله إلى مدينة يافا للتصدير قبل عام 1948 فزرعت القثائيات في سهول الطيبة وكان ذلك مصدر رزق لكثير من فلاحي الطيبة.
كان سكان الطيبة يحتفظون بالبطيخ حتى مطلع الشتوية من خلال تخزينه على أسطح المنازل وطمره بالقش، ليحافظ على لونه الأخضر ومذاقه الحلو. ويشار كذلك الى أن البطيخ البلدي كان يعرف في بلدتنا بـ " المحسيني "، وهو خلاف للأنواع الجديدة من البطيخ إذ تبلغ وزن البطيخة الواحدة من 15-20 كغم بدون أسمدة كيماوية وأغلبها بعلية.
وبما أن سهول الطيبة خصبة وغنية بالمياه، كان الفلاح الطيباوي يزرع القثائيات ونباتات أخرى في هذه السهول لخصوبتها .
كانت مقاثي البطيخ والشمام تحتاج الى الحراسة فتنصب العريشة ويبنى " الخُص " لإيواء الناطور من حر الشمس نهاراً ولإيوائه من الرياح والندى ليلا، وكذلك لوضع الأغراض فيه من فراش وملابس وأدوات زراعية مختلفة، ووظيفة الناطور عادة حراسة الحقل من الناس ومن رعاة الغنم والمواشي ومن الوحوش البرية ليلاً.

للبطيخ والشمام حضور في الأمثال الشعبية الطيباوبة :
1) أيام البطيخ إرفع الطبيخ
2) على السكين يا بطيخ
3) حط ببطنك بطيخة صيفي
4) لا قشور ولا بذور يا بطيخ
5) بلا حكي وبلا بطيخ
6) دود البطيخ من لبه
7) بطيخ يكسر بعضه
8) احمر يا بطيخ
9) خربت المقاثي
10) عسل يا بطيخ
11) الجيزة زي البطيخة
12) مخلي الوضع خيار وفقوس

وأيضاً كان أهل الطيبة يغنون للبطيخ والشمام
مرحبا لخضر زينته نباته
شمامو الحلو وبطيخاته
سبحان من خلق البطيخ بقشره
وأكثر خلايق البشر ما يفهموا العشرة
وهكذا تمر الأيام والأراضي والسهول حزينة تشتاق الى مزارعيها تشتاق الى أصحابها تشتاق الى الفزعات والتعاون بين الناس والمحبة ونحن في ظل التشديد على الفلاح ومضايقته من كل النواحي
ساق الله على تلك الأيام ..


الصور من كاتب المقال