logo

ذبابات تزيل القمامة

يونتان شر يكتب:
07-05-2023 10:30:49 اخر تحديث: 10-05-2023 12:16:07

عنوان مفاجئ، أليس كذلك؟ لكن اتضح أن بعض أنواع الذباب يمكن أن يساعد بالفعل في التخلص من النفايات: يقترح باحثون إسرائيليون إرسال يرقات إحدى أنواع الذباب المسماة "ذبابة الجندي الأسود"


ذبابة الجندي الأسود - تصوير - غدعون فينترس 

 الى وادي عربة " العراباه " التي تواجه مشكلة النفايات الزراعية، حيث يمكن لهذه الذبابة أن تستهلك كميات كبيرة من النفايات العضوية المتواجدة هناك.
منذ سنوات عديدة، لم تعد العربة مكاناً نائياً، فقد نجح مزارعو المنطقة في تحويل المنطقة إلى واحدة من أكبر مصانع الخضار والفاكهة والزهور في البلاد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المنطقة صحراوية - وهذا إنجاز غير عادي.

ومع ذلك، فإن الكثير من النفايات التي تتراكم في نهاية كل موسم زراعي أصبحت تهدد المنطقة والطبيعة الصحراوية على حد سواء. ومع عدم وجود حل للمشكلة وخلافًا للقانون، يضطر المزارعون في بعض الأحيان إلى حرق القمامة التي تراكمت، مما يتسبب في مخاطر بيئية. ما الذي يمكن فعله أيضاً؟ أن ينشروا اليرقات هناك بسخاء، نعم نعم، قرأتم جيداً.

بناءً على سلسلة من الأبحاث الجديدة التي تم عرضها في مؤتمر حول الزراعة والبيئة بتمويل من صندوق هان بوينت التابع لجمعية إسرائيل لعلوم البيئة ووزارة الزراعة، طور الباحثون وثيقة عمل لاستخدام يرقات "ذبابة الجندي الأسود"، في للمناطق المعزولة - مثل وادي عربة.

وأشار الباحثون إلى أن تلك اليرقات قادرة على استهلاك السماد العضوي بكميات كبيرة وبسرعة مدهشة، ونتيجة لتلك العملية فهي تترك وراءها هدية هي سماد طبيعي، يمكن استخدامه لزراعة المحاصيل القادمة. ولا تنتهي هذه العملية الخضراء هنا، حيث يقترح الباحثون تحويل حتى الذبابات نفسها (بعد قيامها بأعمال الصرف الصحي) - إلى وجبة غنية بالبروتين للأسماك أو الدجاج. فحين تهضم، تنتج السماد، ثم تتحول بنفسها الى وجبة. فمن كان يعلم أن يرقات الذباب قادرة على كل هذا؟

يرقات + مزارعون = حب

أجرى هذا البحث الجديد الدكتور جدعون فينترز من قسم البحث والتطوير في الصحراء والبحر الميت بوزارة العلوم تحت رعاية جامعة بن غوريون في النقب، بالإضافة الى طاقم من الباحثين.

إن الحاجة إلى يرقات متعددة الاستخدام واضحة تمامًا في وادي عربة. يقول فينترز "بينما تتم زراعة 60٪ من صادرات الخضار الطازجة في إسرائيل في هذه المنطقة، فإن قضية النفايات الزراعية ليست في مركز الاهتمام، وعلى الرغم من أن الجميع هنا يفهم أننا نعيش في بيئة حساسة بيئيًا - على سبيل المثال، المسافة بين الطبيعة والمزارع الزراعية قليل جداً - فإن مسألة التعامل مع النفايات الزراعية ليست موضوع نقاش".

بالإضافة إلى ذلك، قد تكون العربة ملكة الزراعة، لكنها أيضًا معزولة. يقول فينترز: "في حالة وجود بلدات تبعد 90 كيلومترًا عن بعضها - ليس من المنطقي أن يقوم الجميع بنقل نفاياتهم إلى نفس الموقع". وهذا هو بالضبط المكان الذي تأتي منه اليرقات، والتي قد تحل محل كل شاحنات القمامة.

ذبابات جائعة

إذن من هي تلك الحشرة التي يكتب الباحثون بروتوكولات حول قدراتها؟ إنها ذبابة الجندي الأسود- وهي حشرة كبيرة تزن 10 أضعاف ذبابة المنزل المألوفة والمزعجة. هذه الحشرة هي أفضل صديق للمزارع، لأنها على عكس الأنواع الأخرى - فهي لا تلحق الضرر بالمحاصيل. "إن ما يميز ذبابة الجندي الأسود هو أنها غير مدللة من حيث قائمة الطعام، ويمكنها أن تأكل كل شيء - اللحوم والخضروات والفواكه".

ما هي متطلبات هذه الذبابات من حيث قائمة الأطعمة الخاصة بها؟ "في إحدى التجارب، وضع الباحثون 0.1 جرام من بيض الذباب في حاويات بها كيلوغرام واحد من نفايات الخضار والفاكهة (ومع 2 جرام من النبات الغني بالبروتين)، في ثلاث حالات مختلفة: حاوية بها نفايات خام، حاوية بها نفايات مقطعة يدويًا، وحاوية بها نفايات مطحونة. يقول فينترز: "بعد أسبوعين-ثلاثة، بقي 42% من وزن النفايات الأصلية في حاوية النفايات الخام، و 4% من الحاوية مع النفايات المقطعة، و 2% فقط في الحاوية مع النفايات المطحونة".

بالإضافة إلى قدرة الالتهام الرائعة لهذه الذبابة، أظهر فحص المادة المتبقية في الحاوية أن "بقايا الطعام" تشكل سمادًا عالي الجودة للمزروعات. يقول فينترز: "القمامة المتبقية هو نوع من الذهب". "فهي مادة مليئة بالعناصر الغذائية التي تم إنشاؤها من إفرازات اليرقات مع الأمونيا والفوسفور والبوتاسيوم."

تأكل ويتم أكلها

بصرف النظر عن حقيقة أن هذه الذبابات هي ملتهمة جيدة، ومنتجة للأسمدة أيضًا - فهي تتحول الى وجبة مليئة بالبروتين للأسماك الصالحة للأكل، والتي يكون لإطعامها ثمنًا بيئيًا واقتصاديًا مرتفعًا إلى حد ما. يقول فينترز "معظم الأسماك التي نأكلها تحصل على غذاء تجاري يسمى دقيق السمك – وهي نفايات تنتج من تصنيع الأسماك وتكلفتها البيئية عالية". "بالإضافة إلى ذلك، فإن إطعام الأسماك يشكّل عبئًا ماليًا، خصوصاً عندما يتعلق الأمر ببرك تربية الأسماك البعيدة، مثل تلك الموجودة في وادي عربة، والتي يكلف نقلها تكاليف باهظة."

في إحدى التجارب، قدم الباحثون هذه اليرقات كوجبة للأسماك الصالحة للأكل، بهدف فحص قائمة الطعام المناسبة لهم، ولمدة 100 يوم، أطعم الباحثون أسماك البلطي النيلي بأربع وجبات مختلفة: وجبة تعتمد على الطعام التجاري العادي، ووجبة تتكون من 80% من مواد الطعام التجارية و 20% من اليرقات، ووجبة تتكون من 20% من الطعام التجاري و 80% من اليرقات، ووجبة كاملة تتكون من اليرقات.

في هذه التجربة، وجد الباحثون أفضل نظام غذائي لهذه الأسماك: أظهرت نتائج التجربة أنه عندما استهلكوا 80% من اليرقات و 20% من الطعام التجاري، ظل معدل اكتساب الوزن للأسماك مستقرًا. يقول فينترز: "تشير النتائج إلى أنه من خلال ذبابة الجندي الأسود، من الممكن تحقيق توفير كبير في التكلفة البيئية والاقتصادية لتربية الأسماك، دون جهد كبير".

من العربة وحتى افريقيا

يقول فينترز، لهذه التجارب مع الذبابة الجائعة مفهوم واسع. "لقد أظهرنا هنا عملية اقتصادية دائريًا حيث يتم استخدام النفايات من منتوج واحد لإنتاج منتوج آخر، على عكس النموذج الذي يتم فيه شراء المواد من "الخارج"، حيث تنتج نفايات يجب التخلص منها." ويضيف "إن هذا النموذج مناسب لمنطقة العربة النائية، وأيضًا للأماكن المعزولة الأخرى حول العالم. "في النموذج الذي نحلم به، ستكون كل أسرة في إفريقيا أو مزرعة في وادي عربة قادرة على إدارة هذه الدائرة المغلقة بنفسها: السماد الزراعي، الذي يستخدم لتغذية الذبابات، التي تنتج السماد العضوي للمنتجات الزراعية وتصبح في النهاية الغذاء للأسماك".

يعمل الباحثون بجد ونشاط لإتمام المشروع. يقول فينترز، من أجل أن تستطيع أي عائلة أو مزرعة منعزلة استخدامه دون تعقيدات - نعمل هذه الأيام على إنشاء نموذج أولي للآلة التي ستجعل العملية بأكملها تلقائية: ستدخل النفايات من جانب، والسماد سيخرج من الجانب الآخر مع الذبابات. نأمل أن يتم الانتهاء من هذه الخطوة قريبًا من أجلنا ومن أجل مزارعي وادي عربة.

أعدت المقال زاڤيت - وكالة الأنباء التابعة للجمعية الإسرائيلية لعلوم البيئة والبيئة


تصوير - غدعون فينترس