logo

أضرار السيجارة الإلكترونية

د. محمد محاجنة يكتب:
18-04-2023 13:45:44 اخر تحديث: 19-04-2023 07:17:08

سمع الجميع بالحدث المؤسف الذي أودى بحياة شاب ابن 16 ربيعا قبل ايام على خلفية تدخين سجائر إلكترونية. ما دفعني الى كتابة معلومات مهمة جدا حول

هذا الموضوع موجها للأهالي والمدارس والجهات المختصة في اتخاذ القرارات حول تسويق هذه المنتجات.

اولا، بالنسبة للشاب " ميدان " ، نقل في الأسبوع الماضي الى مستشفى (كبلان - رحوفوت) يوم عيد ميلاده على خلفية تدخين سجائر إلكترونية كما نشر الاعلام من المصادر الطبية. لا نعرف حتى الآن الشركة المنتجة ولا كمية المادة التي دخنها الشاب. وصل مع اعراض في ضيق للتنفس وتقيؤ. ويبدو أن حالته ازدادت سوءا خاصة قصور في وظيفة الرئتين، مما اضطر الأطباء الى نقله لمستشفى " شنايدر " حيث تتوفر المعدات اللازمة وخاصة جهاز " ايكمو -" وهو جهاز يقوم بوظيفة الرئات بعد انهيار تام في عملها، ومع ذلك انتهى الأمر إلى وفاته.
تدخلت الشرطة واخذت عينات من السيجارة الإلكترونية لفحص السوائل دون استبعاد الجانب الجنائي. وأوضح الأطباء أن الحالة التي مر بها الشاب تدعى مرض "Evali". وهو مرض يصيب الرئات إصابة حادة يبطل عملها. وصاحب المرض اعراض أخرى مثل ارتفاع حاد في ضغط الدم وارتفاع دقات القلب. واجمع الأطباء أن السبب نتج من تدخين سجاير إلكترونية.
الجدير ذكره، أن حالات وفاة لنفس السبب وقعت في دول أخرى في العالم، في سنة 2019 مات خمسة شباب وأصيب 450 شابا جراء تدخين سجاير إلكترونية في الولايات المتحدة. الظاهرة المؤسفة مثبتة طبيا وعلميا لدى الجهات الطبية العالمية.

انتشار سريع في صفوف المراهقين
وإليكم بعض الأرقام التي توضح سرعة انتشار هذه السجائر بين المراهقين: ارتفع عدد المدخنين من المراهقين خلال ثماني سنوات في الولايات المتحدة سنة 2011 من 1.5% الى 21% سنة 2018...!! أما وزارة الصحة في البلاد فقد أشارت الى أن المراهقين الذين يدخنون السجائر الإلكترونية ينتقلون بعد شهور الى السجائر التقليدية بنسبة سبعة أضعاف مقارنة بالبالغين.
ومن اهم المعطيات ان أكثر من 500 شركة حول العالم تنتج وتسوق سجائر إلكترونية، وغالبيتها شركات صينية ! لذلك يوجد في اسواقنا للأسف انواع مختلفة من السجائر التي لا نعرف خليط السوائل الذي تتم اضافته في مرحلة الانتاج.  القانون عندنا وفي الولايات المتحدة لا يلزم الشركات أن تخضع المنتج للفحص بوزارة الصحة، بدعوى انه ليس "دواءً" ! وفقط عندما تحدث الكارثة تبدأ السلطات في اتخاذ بعض الإجراءات. لكن مع ذلك لا تمنع تسويقها، ويمنع القانون بيعها لمن يقل عمره عن 18 سنة. لكن الجميع يعلم أن المراهقين يشترون كل شيء بطرق ملتوية من شخص لآخر وخاصة بقصد الربح المالي!!

مركبات السائل في السيجارة الإلكترونية
لا يمكن معرفة جميع المركبات الكيميائية في السيجارة لكثرة الشركات المنتجة بهدف اقصى ربح مالي من هذه التجارة التي يقبل عليها المراهقون بشدة، حتى تحولت الى مظهر رجولي حضاري!!
المحتوى الأساسي في جميع السجائر هو النيكوتين. يصاف اليه مادة "جليسرين" التي تساعد على انتاج "البخار" الذي يشبه الدخان في السيجارة التقليدية. كذلك مادة برفلين جليكول وكحول لإذابة المواد الصلبة.
لكن اتوقف هنا على مخاطر النيكوتين وهو مصدر البلاء الاساسي:
1. مادة النيكوتين في السيجارة الإلكترونية يزيد تركيزه على 24 ملغ لكل ملم واحد، مقابل 8 ملغم في السيجارة الواحدة!! اي أن تركيز النيكوتين وحده يعادل ثلاثة أضعاف ما تحويه السيجارة التقليدية على الأقل!!
2. ثبت أن النيكوتين هي المادة التي تؤدي إلى الإدمان!! وهذا الإدمان يجلب كل الامراض او الموت. وهو سبب في انتقال المدخن الى مخدرات أخرى أكثر خطورة في زمن قصير!!
3. اثبتت الدراسات أن النيكوتين يعرقل تطور خلايا الدماغ وخاصة خلايا القشرة في السن المبكر، اي الجزء المسؤول عن التفكير والتعلم والذكاء!!
4. ثبت أن النيكوتين يؤدي إلى انقباض شرايين الدم مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وبالتالي الى ارتفاع دقات القلب.
5. تظهر دراسات كثيرة أن النيكوتين يسبب الإكتاب ويزيد من اعراض عدم التركيز والإنصات. ربما تضهر اضرار أخرى في المستقبل مع تقدم الأبحاث العلمية.

نصائح;
على خلفية خطورة السجاير الإلكترونية والتي ثبت أن خيرها لا يقل عن السجائر التقليدية، اتوجه إلى الأهالي الى الأم والاب، بعد أن تكلمت الام الثاكلة التي فقدت ابنها وتغيرت حياتها واخرتها راسا على عقب.
ارجو من كل ام وأب يخاف على صحة ابنه أن يلازمه ويعي تصرفاته، ويعلم من هم زملاؤه. ويتأكد أن يكون ابنه بعيدا عن هذه الفاسد التي للأسف لم تعد تقتصر على تدخين سجاير من اي نوع كانت بل هناك ما هو أخطر يباع عن طريق تطبيقات على الخليوي!!
اهلنا الكرام، معلمات ومعلمون الافاضل: اولادنا أمام تحديات متعددة وفطيرة قد لا تخطر على بال كثير منا. ونحن نربي الجيل الذي سيقود مجتمعنا بعد سنوات، نرجوا منكم أن يكون اولادنا وهم أمانة بين أيديكم أن تركزوا على سلوكهم، وأن تعرضوا عليهم مجالات ممتعة ومفيدة جدا لتكون الضمان في عدم وقوع المراهقين في التهلكة.
انصح الجميع أن يشجع الاولاد على ممارسة الرياضة، اي نوع رياضة يحبه اولادنا، على قدر الامكانيات. ويا حبذا لو تبذل السلطات المحلية جهدا في هذا المجال من بناء مراكز رياضية متنوعة مع برامج للتنافس وغيرها الكثير.

اخيرا، أود أن ألفت انتباهم الى علبة السيجارة الإلكترونية. لاحظوا ما يكتب عليها. واتساءل: ما هو تاريخ صلاحية هذا المنتج؟ الجواب صفر، لأن المنتج يخرج من المصنع منتهي الصلاحية، وهذا مكتوب صراحة على العلبة!! هل يقبل أحدنا أن يشتري كيس حليب منتهي الصلاحية؟ انها معركة الوعي والتوعية! والامر في ايدينا ولا حجة ولا مبرر بعد اليوم، ولكن خسارة فتى في مقتبل العمر درسا قويا للجميع، والسلام عليكم ورحمة الله، وكل عام واولادكم معكم في صحة وعافية وسعادة!

* مستشار للإقلاع عن التدخين في صندوق المرضى " كلاليت " وباحث في مجال الصحة العامة في مركز ابحاث المثلث، وعضو مؤسس للجمعية العربية لمكافحة التدخين