محمد آغا - صورة شخصية
فسجل الشباب حضوراً بارزاً منذ السنوات الأولى للنكبة وما قبلها وصولاً لإنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ومن بعدها الإنتفاضات وجميع المراحل والمحطات النضالية لشعبنا، لقد أخذ الشباب الفلسطيني على عاتقه مهمة التصدي للمشروع الصهيوني , حتى قبل أن تتشكل التنظيمات السياسية الفلسطينية، وحاول أن يبني العديد من الأطر لمواجهة المشروع الذي يهدد الأرض الفلسطينية , والتاريخ يحمل الكثير من الإسهامات النضالية لقادة شباب قدموا أنموذجاً في العمل الوطني وهم الذين شكلوا الخميرة الأولى لتأسيس المنظمات السياسية والشعبية والأحزاب السياسية بأطرها ومشاريعها المختلفة .
وشكل الشباب ركناً رئيسياً في العمل المقاوم الذي كان يسمى في حينها ( العمل الفدائي ) عندما كان مركز ثقل العمل الوطني الفلسطيني في الخارج , فانضم الآلاف من الشباب في مخيمات الشتات إلى صفوف المنظمات الفلسطينية في حينها في الأردن ومن ثم في لبنان وسوريا وتشهد المخيمات من خلال مقابر الشهداء في اليرموك وعدد من المخيمات والذين فيهم عدداً كثيراً من الشباب .
انتفاضة الشباب 2015 -2016-2017
انتفاضة الشباب والتي انطلقت عام 2015 والتي كانت على شكل مواجهات بطولية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بين الشباب الفلسطيني الثائر وجنود وشرطة الإحتلال والمستوطنين , ولا يمكن التقليل من حجم هذه الإنتفاضة التي جسدت أن الشعب الفلسطيني موحد مهما تفاقمت الخلافات السياسية , ويمكن القول أن مافعله الشباب الفلسطيني مطلع تشرين الأول 2015 هو فعل انتفاضي لانه يمثل انتقالاً في الوعي والإدراك والواقع المعاش انتقالاً من مرحلة إلى أخرى من مرحلة الإنتظار والمراهنة على المفاوضات الفلسطينية دون أن تجلب للشعب الفلسطيني سوى مزيد من القهر والظلم والإستيطان , إلى مرحلة أدرك بها الشباب الفلسطيني أنه لاخيار له للوقوف في وجه العربدة الصهيونية سوى بالمقاومة وبالمواجهة الميدانية وكان أحد ثمار هذه الإنتفاضة تراجع الإحتلال الاسرائيلي عن مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى كما نجحت في إعادة الإعتبار للقضية الفلسطينية على جدول الأعمال الإقليمي والدولي بعد تراجع الإهتمام الدولي بها , وللأسف في هذه الانتفاضة خرج رئيس جهاز المخابرات في السلطة الفلسطينية ليعترف أنهم ( نجحوا ) في احباط أكثر من 200 عملية فدائية كان يحضر لها الشباب الفلسطيني وفي الوقت نفسه فرضت الأجهزة الأمنية طوق أمني على الجامعات والمعاهد وفرضت اجراءات تفتيش صارمة للبحث عن السلاح الأبيض ومن هنا وصفت هذه الانتفاضة أيضاً " بإنتفاضة السكاكين " .
المنظمات الشبابية الفلسطينية ودورها في العمل المقاوم
إن هذه المنظمات تعتبر هي أذرع العمل الشبابية والطلابية للفصائل الفلسطينية في مختلف ساحات العمل الوطني وهي تتقاطع مع أحزابها وفصائلها بشكل مطلق بالسياسية والفكر والبرنامج وهذا طبيعي في حالة الأحزاب السياسية .
شكلت المنظمات الشبابية التي تتبع للأحزاب السياسية الفلسطينية عاموداً فقرياً لهذه الأحزاب منذ تأسيسها ولغاية اللحظة , وإن جميع الاحصائيات المسجلة تفيد بأن نسبة مايزيد عن 70 % من العمل المقاوم الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس كان عمادها من فئة الشباب وخاصة الشباب المؤطر.
لاشك أن هذه المنظمات من خلال فصائلها تلعب دوراً هاماً في العمل المقاوم في الضفة بالشباب الذي يتمتع باستعدادية عالية من الكفاح والتضحية .
إن اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني / أشد/ الإطار الشبابي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كنموذج لهذه المنظمات يرفع وبإستمرار داخل منظماته في الضفة الفلسطينية والقدس شعار " المقاومة الشعبية بكافة أشكالها " ويترجم هذا الشعار من خلال الإشتباكات الميدانية على الأرض مع جنود الاحتلال والمستوطنين , وقدم خلال العام 2022 ثلة من شبابه شهداء على طريق الحرية والاستقلال والعودة ومنهم " الشهداء الأبطال (علي حسن حرب، مهدي لدادوة، يامن جفال، فايز دمدوم، محمد توفيق بدارنة) وبالطبع هذا حال المنظمات الشبابية الأخرى التي دائماً ما تشكل رديف هام للعمل المقاوم بكافة أشكاله على امتداد ساحة الوطن .
ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر احصائيات العام 2022 والي تفيد باستشهاد 173 شهيداً في القدس والضفة الفلسطينية منهم 142 شهيد تتراوح أعمارهم ما بين 15 عام إلى 35 عام أي بنسبة 83% والنسب متقاربة فيما يتعلق بالأسرى والجرحى .
وفيما يتعلق بالعام الحالي ولغاية 11/4/2023 فقد بلغ عدد الشهداء 100 شهيد منهم 86 شهيد أعمارهم بعمر الشباب أي بين (15 و35 عام)، ومن المهم ذكره أن غالبية هؤلاء الشباب قد استشهدوا وهم يتقدمون الصفوف الأمامية للنضال في مسيرة شعبنا كما أن جزء كبير منهم قد مارس العمل المقاوم المسلح والمشتبك مع الاحتلال .
أن هذه الأرقام والإحصائيات تأتي نتيجة لعملية تراكمية طويلة من التحشيد والوعي والتعبئة لهؤلاء الشباب، قامت بها المنظمات والأطر الشبابية الحزبية وذلك من أجل :
أولاً: من أجل تمليك الشباب الروح والمفاهيم والأدوات النضالية من خلال نقل المعارف إليهم من قادة سبقوهم بالنضال والعمل المقاوم.
ثانياً: لخلق ثقافة وطنية مقاومة ترتكز على الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني , وتؤمن بأن المقاومة بكافة أشكالها قادرة على انتزاع حقوق شعبنا بالعودة والحرية والاستقلال .
على امتداد تاريخ النضال الوطني الفلسطيني تعددت أشكال النضال وادواته وأساليبه تراوحت تاريخياً بين (المؤتمرات، التظاهرات، المسيرات، الاضراب، العصيان المدني، الكفاح المسلح، المقاومة الشعبية، الانتفاضة بكافة أشكالها العمليات العسكرية، استخدام السكاكين، الحجارة، الدهس ...) والآن تعود المقاومة بكافة أشكالها ومنها المقاومة المسلحة (إن كان من خلال مجموعات منظمة ومرتبطة بتنظيمات وفصائل، أو من خلال عمليات فدائية بطولية ينفذها شباب فلسطيني دون مرجعيات تنظيمية).
من الضروري توفير الحاضنة الوطنية والسياسية للشباب الفلسطيني واستثمار طاقاته ونضالاته باعتبارهم الثروة الأساسية التي تمتلكها الحركة الوطنية الفلسطينية وهم مستقبل النضال وضمانة ديمومته، هم المرشحون للمساهمة بفعالية في التصدي للتحديات التي مازالت تواجه شعبنا الفلسطيني، هذا ما يحتاج إلى المزيد من الاهتمام بقضايا الشباب وإيجاد الحلول لمشكلاتهم على كافة الصعد .
إن خيار المقاومة هو خيار الشعب الفلسطيني في مواجهة خيارات السلطة القائمة على الالتزام باستحقاقات وشروط أوسلو ومسارات تفاهمات العقبة – شرم الشيخ المزلة لشعبنا وهذا ما يعكس غياب الاستراتيجية الموحدة وكما يعكس حالة الانقسام الذي يلحق الضرر بالعقبة. من هنا تكمن أهمية ضرورة صون الوحدة الميدانية لشعبنا وتطويرها نحو وحدة وطنية شاملة باعتبار أن الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى بيد شعبنا ومقاومته على طريق تحقيق أهداف شعبنا الفلسطيني بالحرية والاستقلال والعودة والنصر القادم لفلسطين.