صورة للتوضيح فقط - تصوير: shutterstock_PaeGAG
ويفعل ذلك العيدي من المؤسسات في فلسطين مثل البنك العربي.
ولم ينص قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م على هذه الحال، وبالتالي يُثار السؤال حول الطبيعة القانونية لهذا الشرط، وأثره على تصنيف هذا العقد بين عقد محدَّد أو غير محدَّد المدَّة، كما يُثار السؤال حول مشروعية قيام صاحب العمل بإنهاء عقود عماله عند بلوغهم سن الستين .
وقد استقرت محكمة النقض الفلسطينية على اعتبار عقود العمل التي تتضمن مثل هذا الشرط (شرط الستين سنة) عقدا غير محدد المددة اذا تجاوزت مدة خدمة العامل السنتين المنصوص عليها في المادة 25 من قانون العمل الفلسطيني، ولم تعتبره – بحق- عقدا محدد المدة .
الا ان محكمة النقض الفلسطينية لم تستقر على اعتبار انهاء عقد العمل الذي يتضمن شرطا بانهائه عند بلوغ العامل سن الستين فصلا تعسفيا ام لا ، حيث قضت باعتبار هذا الانهاء فصلاً تعسفياً في بعض الأحيان وفصلاً غير تعسفي في أحيان أخرى ([1]). وفي حكم حديث لها في العام 2019 ، اعتبرت ان هذا الشرط يخالف نص المادة 35 من قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000 الذي حدد بشكل حصري حالات انتهاء عقد العمل الفردي ، والتي ليس من بينها بلوغ العامل سن الستين ، وقضت باعتبار الفصل تعسفيا يستلزم تعويض المدعي تعويضا عن الفصل التعسفي وفق نص الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000 [2].
ونحن نرى أنَّه لا داعي لهذا التناقض، حيث أنَّ المسألة الرئيسية هنا، هي تقرير ما إذا كان عقد العمل الذي يَتضمّن بنداً بإنهائه عند بلوغ العامل سن الستين عقداً محدَّد المدَّة أم غير محدَّد المدَّة، فإذا اعتبرنا هذا العقد محدَّد المدَّة – وهو غير ذلك- فإنَّه لا يمكن تطبيق الفصل التعسفي عليه حيث أنَّ الفصل التعسفي أمر محصور في العقود غير محدَّدة المدَّة كما هو منطوق المادة 46 من قانون العمل رقم 7 لسنة 2000م.
وقد نصت المادة (25) من قانون العمل لسنة 2000م، على أنَّه (لا يجوز أنْ تزيد المدَّة القصوى لعقد العمل محدَّد المدَّة لدى نفس صاحب العمل بما في ذلك حالات التجديد على سنتين متتاليتين). ولذلك فإنَّ العقود التي تزيد مدّتها عن سنتين تُعتبر عقوداً غير محدَّدة المدَّة، وتُطبّق عليها نظرية الفصل التعسفي إذا توافرت شروطه التي حدّدتها المادة 46 من القانون. وعلى هذا فإنَّ إنهاء عقد العمل بسبب بلوغ العامل سن الستين ليس سبباً مشروعاً لإنهاء العقد ويُعتبر تعسفياً إذا لم يكن الإنهاء مستنداً إلي أسباب موجبة وحقيقية ولغير هذا السبب.
وقد تناول القضاء في مصر والأردن هذا النوع من العقود، وقضت المحاكم المصرية باعتبار وضع سن معينة لتقاعد العامل يؤدي إلى إنتهاء العقد تلقائياً ببلوغ العامل هذه السن دون حاجة إلى إخطار سابق من قبل أي من الطرفين، واعتبرت محكمة النقض المصرية أنَّ استمرار العامل في عمله بعد بلوغ سن التقاعد تلك وبموافقة صاحب العمل، يعني أنَّ عقداً جديداً غير محدَّد المدَّة قد نشأ بين الطرفين، ولا يجوز إنهائه بدون إخطار سابق ودون أسباب موجبة للإنهاء([3]). أمَّا محكمة التمييز الأردنية فقد تناقضت قراراتها بهذا الشأن، إلى أنْ استقر قضائها باعتبار إنهاء عقد العمل عند بلوغ العامل سن التقاعد المحدَّدة في اللائحة الداخلية للمُنشأة غير تعسفي، مما يعني أنها اعتبرت هذا النوع من العقود غير محدَّد المدَّة ([4]).