خالد خليفة - صورة شخصية
والذي كان من المتوقع ان يلقي كلمة في وسائل الاعلام , الامر الذي ادخل نتنياهو في ضغط كبير حيث اعلن طاقمه انه سيقوم بالقاء كلمة مهمه في وسائل الاعلام للجمهور الإسرائيلي كي يتفادى ويستوعب خطاب جالانت 23 مارس 2023.
وبالفعل هذا ما كان في الساعة الثامنة من مساء الخميس بعد يوم حافل من التشويشات والمظاهرات القومية في البلاد
لقد توقع الكثيرون ان يعلن نتنياهو عن خطة لتجميد ما يسمى بالإصلاح القضائي وهذا ما لم يكن , فقد اعلن نتنياهو وبالحرف الواحد ان مصير هذه الخطة هو الاستمرار وانه من الصعب ان تتوقف هذه الخطة في خضم هذه الأيام العصيبة لإسرائيل، وبانه متأكد من صحة واهمية هذه الإصلاحات التي يقودها يريف ليفن .
واعلن في نفس الوقت انه سيتحرك في اطار معين للمصالحة مع الطرف الاخر على الرغم من تناقض المصالح في شانه القضائي الشخصي . ويعز الكثيرين ان إعلانه هذا جاء بعد ان اقر قانون التعذر بأغلبية 80 صوتا من الائتلاف الامر الذي يعزز موقفه السياسي أي انه سيكون من الصعب اقالته حتى لو ارادت محكمة العدل العليا والمستشار القضائي للحكومة بذلك.
لقد بدا واضحا ان نتنياهو يشعر بالارتياح وانه يتحاور مع مناهضيه ومعارضيه باستعلاء غير مسبوق، على عكس تدهور الوضع القائم يوميا بكل ما يتعلق بالمظاهرات الاحتجاجات وتصعيدها.
هذا ورفضت المعارضة مباشرة بعد خطابه أي حوار معه مطالبة بالحرف الواحد ان يكفوا عن الاستمرار في سن الإصلاحات القضائية .
اما واقع الامر فان الساحة الإسرائيلية بدأت تتضح معالمها وخاصة في أوساط القوى الأمنية والعسكرية والاقتصاد والمجتمع المدني . فعلى الصعيد الأمني تسود حالة واسعة النطاق من العصيان والتمرد في صفوف فرق النخبة كسلاح الجو السايبر , الكوماندو البحري والقوات الخاصة والقوة 8200 , حيث اعلن العديد من هؤلاء وخاصة في القوات الخاصة من الاحتياط انهم لا يريدون الخدمة في نظام دكتاتوري ملكي يجسده حكم نتنياهو الحالي .
وتزداد يوما بعد يوم الإعلانات والتوقيعات من هذه الوحدات العسكرية النخبوية للانسحاب من هذه الخدمة بسبب التشريعات التي يقوم بها الثنائي نتنياهو ولفين . وكانت مجموعة من القوات الخاصة قد أحاطت بوزير الدفاع غالانت عندما كان يتجول بالقرب من شاطئ هرتسليا واحاطوه واعلموه ان المئات من القوات الخاصة والكومندو البحري الذي كان يوما يقوده قد انسحبت من الخدمة في الاحتياط الامر الذي دفعه للتحدث وبسرعة مع نتنياهو .عن هذا الموضوع واعلامه بخطورة الوضع في قيادات الجيش ولكن نتنياهو لم يأبه بذلك .
كما توالت تصريحات العديد من قيادات الشاباك والموساد في الاعلام التي حذرت مما يحدث ومن خطورة ما يفعله نتنياهو من حيث الإصلاحات التي تحول الدولة وبرؤيتهم الى دولة دكتاتورية .
اما التصريح الأخطر فكان لرئيس الشاباك السابق نداف ارجمان في مقابلة مع الصحفية ياعيل دايان والذي هاجم بشدة هذه الإصلاحات قائلا انها ستؤدي الى تدمير المجتمع والدولة في إسرائيل وكذلك الامر مع رئيس الموساد السابق تامير باردو , والذي صرح تصريحات مشابهه كتصريحات ارجمان ,يورم كوهين وكرمي غيلون وهم أيضا رؤساء شاباك سابقون اجمعوا على خطورة ما يفعله نتنياهو .
وهنالك تحذيرات قوية بان استمرار هذه الإصلاحات سوف تؤدي الى مزيد من الانسحابات والتمرد في الخدمة العسكرية في إسرائيل ولكن نتنياهو وحكومته لا يأخذون هذا التمرد بجدية .
اما على الصعيد الاقتصادي فيبدو ان استمرار هذه الإصلاحات قد ضرب الاقتصاد الإسرائيلي ضربة موجعة وهروب الأموال الى البرتغال واليونان ودول أخرى وخاصة في حقل الهايتك إضافة الى تدهور الشيكل وارتفاع الدولار وتحذيرات رئيس بنك إسرائيل بان الوضع سيكون خطيرا اذا استمرت تلك التشريعات. كل ذلك من الصعب ان يكون عاملا وسببا كي يكترث نتنياهو لخطورة الوضع .
اما على الصعيد الدولي فمن الواضح ان هناك تصدع قوي في العلاقات الدولية لإسرائيل مع العديد من المجتمع الدولي , فالعلاقات مع دول التطبيع وخاصة مع أبو ظبي والبحرين بدا يسودها تدهور واضح حيث بدأت الامارات بالحوار مع ايران وإعادة العلاقات معها وأعلنت انها ستقلص التعاون الاقتصادي مع إسرائيل|. وعلى الرغم من ارسال احد وزراء نتنياهو الى أبو ظبي من اجل تحضير زيارة له هناك الا ان كل المحاولات هذه فشلت فشلا ذريعا ولم يتم دعوته حتى الان .
ويعتبر الضرر الأكبر على الصعيد الدولي هو ما يحدث بالعلاقة مع الولايات المتحدة حيث لم يدعى نتنياهو أيضا الى واشنطن منذ خمسة اشهر بل يقوم بايدن بتوبيخه من مرة الى أخرى.
وهناك استياء واسع النطاق منه وخاصة ما يفعله في المناطق الفلسطينية المحتلة عندما سنة حكومته قانون فك الارتباط مع منطقة شمال الضفة في جنين ونابلس , ويقوم يوميا بدعم المستوطنين والجيش بالهجوم على السكان هناك , ويطالب الادارة الامريكية بدعوته لإقامة مؤتمرات كمؤتمر العقبة وشرم الشيخ وفي نفس الوقت يعلن عن إقامة المشاريع الاسكانية والمستوطنات في الضفة الغربية الامر الذي يحرج الطرف الأمريكي .
وكل ذلك يضع نتنياهو في وضع لا يحسد عقباه وبات من المؤكد انه مستمر في هذه الإصلاحات التي ستؤدي الى انهيار اللحمة والاجماع الإسرائيلي ,حيث ستعيش إسرائيل في حالة عدم استقرار من الصعب ان نتوقع نتائجه على كافة الأصعدة .
واذا تم دحر نتنياهو وانهيار حكومته وإقامة حكومة بديلة من المعارضة وهذا امر ممكن , فان ذلك سيدخل إسرائيل أيضا الى عدم استقرار ,تناحر ودوامة سياسية لكافة القوى فيها الامر الذي من الصعب ان تعود وتكون قوى فاعلة ذات دور استراتيجي مستقبلا في المنطقة.