بالنسبة لهم ويحتاجون إلى تناول الأدوية بشكل يوميّ لمواصلة روتينهم الحياتيّ. مع ذلك، ووفقًا للدراسات، تبيّن أنّ أكثر من 30% من هؤلاء المرضى لا يستجيبون للأدوية أو لأيّ علاج آخر مقبول عند تعرّضهم لضرر بالغ في أدائهم ونوعيّة حياتهم، وبالتالي إلى ارتفاع كبير في خطر الانتحار. الآن، ولأوّل مرّة في مجمّع رمبام الطبّيّ، يتمّ إجراء عمليّة جراحيّة لزراعة جهاز ضابط مبهم (Vagus Nerve Stimulation – VNS)، وهو علاج يرتكز على تحفيز العصب المبهم (فاغوس) الأيسر في منطقة الرقبة. هذا العصب هو إحدى طرق الاتّصال الرئيسيّة بين الجسم والدماغ. ومن خلال إنشاء نبضات كهربائيّة تخرج من الجهاز الضابط مباشرة إلى العصب عن طريق أقطاب كهربائيّة دقيقة، يكون هناك تحفيز للنشاط الكهربائيّ، الأمر الذي ينتج تغييرات في الروابط التي بين مناطق مختلفة ويساعد في التقليل من أعراض الاكتئاب بشكل كبير. وتجدر الإشارة إلى أنّ الـ VNS معتمد على نطاق واسع كعلاج لمَن يعانون من الصرع المقاوِم".

وتابع البيان: "الشخص الذي نفّذ هذا الإجراء هو د. ليئور ليف-طوف، وهو طبيب كبير في قسم جراحة الأعصاب، وقد عاد مؤخّرًا من تأهيل إكلينيكيّ وبحثيّ استمرّ 3 سنوات في ستانفورد في الولايات المتّحدة، حيث اكتسب خبرة في هذا المجال تتمثّل في استخدام الأدوات المبتكرة المستعارة جزئيًّا من عالم الصرع. مع هذا الفهم البحثيّ، حضر د. ليف-طوف إلى طاولة العمليّات الجراحيّة مؤخّرًا، وقام بزرع جهاز ضابط متقدّم ومبتكر من نوع VNS لدى معالَجة لم تستجب منذ فترة طويلة لخطوط العلاج النفسيّ المعروفة واضطرّت إلى مواجهة أعراض اكتئاب صعبة ومعقّدة لديها، وذلك بعد عدّة محاولات انتحاريّة".

واضاف البيان: "إنّه علاج مبتكر قمنا به لأوّل مرّة في رمبام. نحن نتحدّث عن علاج فعّال يتّسم بدرجة أمان عالية ومعترف به في العالم الغربيّ، وهو يسمح باستعادة سيطرة المعالَجة على حياتها، إلى جانب تحسين نوعيّة الحياة من خلال إعادة تأهيل واضحة. من المهمّ أن نفهم أنّ هذا النوع من العلاج يتيح تأثيرًا متزايدًا ومتواصلًا بمرور الوقت. ورغم أنّ النتائج ليست فوريّة، إلّا أنّ المعاناة التي واجهتها المعالَجة حتّى الآن دون وجود أيّ خيار آخر، ستتناقص بشكل كبير، وهو ما سيُعيد لها تدريجيًّا جودة حياتها."

لماذا يحتاج المعالَج الذي يعاني من اكتئاب إلى مثل هذا الإجراء التغلغليّ؟
وورد في البيان: "هناك العديد من الطرق العلاجيّة للتعامل مع أعراض الاكتئاب لدى المعالَجين، ولكنّ نحو 30% من هؤلاء المعالَجين يعانون من مقاومة الأدوية والعلاجات النفسيّة، فيضطرّون إلى التعامل مع خطوط علاجيّة إضافيّة، مثل العلاج بالصدمات الكهربائيّة (بثّ الطاقة الكهربائيّة بكثافة عالية للحثّ على حدوث تشنّجات هادفة)، المجالات المغناطيسيّة، استخدام الموادّ المخدّرة وغيرها من الطرق المقبولة وفقًا للأدبيّات الطبّيّة السائدة. في مثل هذه الحالات، نقوم نحن بتجنيد تكنولوجيا مبتكرة من عالم الصرع من أجل إقامة روابط في دماغ المعالَج تمكّن من الحدّ بشكل كبير من الأعراض الاكتئابيّة".

الآن، ولأوّل مرّة في رمبام، تمّ إجراء عمليّة جراحيّة لزرع ضابط العصب المبهم في الرقبة لغرض الاستخدام النفسيّ. "من ناحيتنا، هذا يوم عيد"، يقول د. ليف-طوف، "لأنّه سيمكّن جميع سكّان الشمال من تلقّي علاجات متقدّمة للمرضى النفسيّين، من أجل التعامل مع الأمراض المستعصية التي تتطلّب إعادة تأهيل كبيرة. من المهمّ أن نفهم أنّ هؤلاء المعالَجين عانوا حتّى اليوم. اليوم يمكننا في رمبام أن نوفّر لهم أكثر الأدوات تقدّمًا في العالم لكي نعيد لهم نوعيّة الحياة التي فقدوها حتّى اليوم ".

هذه العمليّة الجراحيّة هي بمثابة نقطة الانطلاق لمركز علاجات التعديل العصبيّ المتقدّمة للمرضى النفسيّين. الفكرة هي استخدام تقنيّات مبتكرة لعلاج المرضى النفسيّين الصعبين الذين يقاومون العلاجات الدوائيّة، كما كان حتّى الآن.

أين ترى هذا المجال بعد 10 سنوات من اليوم؟
يوضّح د. ليف-طوف: "بعد عقد من الآن، ستكون أقسام الطبّ النفسيّ مختلفة تمامًا عمّا نعرفه، وبالتالي فمن المتوقّع أن يتغيّر بروفيل وسلّة العلاجات". سنرى المزيد من العلاجات التي ستتمحور حول الفيزيولوجيا المرضيّة، أي في آليّات المرض الأساسيّة في الدماغ، ومن خلال التدخّل باستخدام تقنيّات متقدّمة سنتمكّن من معالجة الدوائر المريضة في الدماغ بطريقة محدّدة الهدف وحلّ الأعراض التي لم يكن لها حلّ حتّى الآن، مثل الاكتئاب، الفصام، اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب الوسواس القهريّ، كلّ ذلك مع تقليل الأعراض الجانبيّة إلى أقصى حدّ".

تصوير : مستشفى رمبام