صورة للتوضيح فقط - تصوير: IURII BUKHTA - istock
الشريك الثاني بالمجهود، ورأس مال 20%.
الشريك الثالث فقط برأس المال 10%.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة تجمع بين الشركة والمضاربة؛ حيث اشتركت أموال الشركاء الثلاثة، مع بدني اثنين منهما، فكانا مضاربين في مال الثالث، وفي صحة هذا النوع من الشركات خلاف بين أهل العلم، وكذلك في اشتراط أن يكون للشريك العامل من الربح حصة زائدة على رأس ماله.
قال ابن قدامة في «المغني»: إذا دفع إليه ألفا مضاربة، وقال: أضف إليه ألفا من عندك، واتجر بهما، والربح بيننا، لك ثلثاه، ولي ثلثه. جاز؛ وكان شركة، وقراضا. وقال أصحاب الشافعي: لا يصح؛ لأن الشركة إذا وقعت على المال، كان الربح تابعا له، دون العمل. ولنا، أنهما تساويا في المال، وانفرد أحدهما بالعمل، فجاز أن ينفرد بزيادة الربح، كما لو لم يكن له مال. وقولهم: إن الربح تابع للمال وحده. ممنوع، بل هو تابع لهما، كما أنه حاصل بهما. فإن شرط غير العامل لنفسه ثلثي الربح، لم يجز. وقال القاضي: يجوز، بناء على جواز تفاضلهما في شركة العنان. ولنا: أنه اشترط لنفسه جزءاً من الربح لا مقابل له، فلم يصح، كما لو شرط ربح مال العامل المنفرد، وفارق شركة العنان؛ لأن فيها عملا منهما، فجاز أن يتفاضلا في الربح؛ لتفاضلهما في العمل، بخلاف مسألتنا. وإن جعلا الربح بينهما نصفين، ولم يقولا مضاربة، جاز، وكان إبضاعا كما تقدم. وإن قالا: مضاربة. فسد العقد. اهـ.
وقال أيضا: وأما المضاربة التي فيها شركة، وهي أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما، مثل أن يخرج كل واحد منهما ألفا، ويأذن أحدهما للآخر في التجارة بهما، فمهما شرطا للعامل من الربح إذا زاد على النصف، جاز؛ لأنه مضارب لصاحبه في ألف، ولعامل المضاربة ما اتفقا عليه بغير خلاف. وإن شرطا له دون نصف الربح، لم يجز؛ لأن الربح يستحق بمال وعمل، وهذا الجزء الزائد على النصف المشروط لغير العامل، لا مقابل له، فبطل شرطه. وإن جعلا الربح بينهما نصفين، فليس هذا شركة، ولا مضاربة؛ لأن شركة العنان تقتضي أن يشتركا في المال والعمل، والمضاربة تقتضي أن للعامل نصيبا من الربح في مقابلة عمله، ولم يجعلا له ههنا في مقابلة عمله شيئا. وإنما جعلا الربح على قدر المالين، وعمله في نصيب صاحبه تبرع، فيكون ذلك إبضاعا، وهو جائز، إن لم يكن ذلك عوضا عن قرض، فإن كان العامل اقترض الألف، أو بعضها من صاحبه، لم يجز؛ لأنه جعل عمله في مال صاحبه عوضا عن قرضه، وذلك غير جائز. اهـ.
وقال المرداوي في «التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع»: (ليعملا فيه)، أو أحدهما بشرط أن يكون له من الربح أكثر من ربح ماله، ويكون عنانًا ومضاربة، فلا تصح بقدره؛ لأنه إبضاع، ولا بدونه لأخذه جزءاً من ربح مال صاحبه بلا عمل. اهـ.
وعلى ذلك، فينبغي أن يكون للشريكين العاملين من الربح قدرا زائدا على حصصهما من رأس المال، بحسب ما تتفقون عليه. ثم تقتسمون بقية الربح على قدر رؤوس الأموال.
والله أعلم.