logo

مقال | النوّاب العرب والحاجة الى رؤية مستقبليّة

بقلم: خالد خليفة
08-02-2023 07:14:53 اخر تحديث: 08-02-2023 07:52:37

بعد ثلاثة أشهر من انتهاء الانتخابات وحصول الأحزاب العربية على عشرة مقاعد، وصعود اليمين المتطرف، ‏ينتاب نواب القوائم العربية حالة من الضياع وعدم الاستقرار بكل ما يتعلق بالأداء السياسي


خالد خليفة - صورة شخصية

 والتوجه قدمًا إلى الأمام ‏من حيث الرؤية وإطلاع المواطن العربي على ما يحدث ويجري على الساحة السياسية الإسرائيلية بخطا متسارعة، من أحداث جسام ‏تمس في الصميم مكانة الإنسان العربي في هذه البلاد، حيث إن مكانته بدأت تنقلب رأسًا على عقب، سياسيًا، دستوريًا ‏وعمليا من حيث ‏سن القوانين الموجّهة بالأساس ضد المواطنين العرب وضد القوة الليبرالية في هذه البلاد.

‏ إنّ الحكام الجدد لإسرائيل لم ينتظروا كثيرًا، فسرعان ما قاموا بتعيين وزراء متطرفين، والعديد منهم من المستوطنين الذين يحملون أجندات سياسية ضد المواطنين العرب، وأهمهم سموتريتش الذي عُيّن وزيرًا للمالية وبن غفير وزيرًا للأمن القومي وأوريت ستروك مسؤولة عن ملف الجليل والاستيطان وألموغ كوهين مسؤولا عن ملف السكان بالنقب والمسؤول عن التحريش ومصادرة الأراضي ووضع سكان الجنوب العرب في غيتوهات مغلقة، إضافة الى العديد من الوزراء الذين أخذوا ملفات الاستيطان والتغيير الديمغرافي في المناطق الفلسطينية.

 كما أننا نرى التحرك السريع لهذه الحكومة في إطار وضع استراتيجية دستورية بهدف تحقيق تلك الأهداف، أو ما يسمى الإصلاح القضائي الذي يهدف بالذات الى تحقيق أهداف عينية وسريعة ضد المواطنين العرب.

وفي واقع الأمر فإن ما يحدث في هذه البلاد هو تغيير دستوري شامل يهدف الى قمع المواطنين العرب وقمع الحريات الدستورية للقوى الليبرالية اليهودية واستمرار الاحتلال في الضفة الغربية كاحتلال على المجتمع الفلسطيني الى الأبد.

 وفي الوقت الذي نرى فيه كيف بدأت تتحرك قوى المركز والليبراليون اليهود داخليًا وخارجيا ضد ما يحدث دستوريًا، حيث نرى المظاهرات الأسبوعية الاحتجاجية المناهضة لما يحدث، ونرى كيف أن الودائع والاستثمارات بدأت بالفعل تتدفق الى الخارج وبخطا سريعة، الأمر الذي كشف وبسرعة ما يحدث نتيجة هذا الانقلاب الدستوري الذي تقوم به هذه الحكومة، حتى أن الولايات المتحدة ومسؤوليها الكبار أتوا الى إسرائيل، كأنتوني بلينكين وآخرين، لإنقاذها من نفسها.

" تغييرات خطيرة "
أما مندوبونا ونوّابنا العرب فإننا لا نراهم يتحركون كمنتخبي جمهور، ليضعوا استراتيجية لمواجهة هذا الركب العنصري المتفاقم والمتدحرج باتجاه المواطنين العرب. فبعد ثلاثة أشهر من الانتخابات لم نسمع أية تصريحات واضحة المعالم من هؤلاء النواب كأيمن عودة، أحمد طيبي، منصور عباس وآخرين تجاه ما يحدث. ولا نرى أي استراتيجية يبلورها هؤلاء يشرحون فيها التغييرات الدستورية الخطيرة التي تتبلور ضد المواطنين العرب، حيث إن هنالك قوانين عينية تُسنّ ضد مواطنين عرب باقتراح من أوريت ستروك، كمنح الجنود المسرحين اليهود قسائم أرض في الجليل، بهدف تهويد الجليل بدون أن يُعطى للعرب أي شيء، بل تُفرض قوانين تزيد من ضائقتهم السكنية، وكذلك الأمر ما يحدث في النقب حيث يقترحون تسيير دوريات للحرس الوطني هناك، بهدف تقييد حركة المواطنين العرب في الجنوب، إضافة الى اقتراح الوزير ديختر بعدم الاعتراف بالشهادات الاكاديمية التي تعطى في جامعات الضفة الغربية وإعطاء المنح الهائلة للطلاب اليهود لدراسة الطب والمحاماة، بهدف القضاء على "هيمنة" العرب في هذه المجالات. وكل ذلك نسمعه وبشكل سريع ومتسارع في الإعلام الإسرائيلي ولا نسمع عن أي تحرك لهؤلاء النواب العرب ولا أي تصريح لمواجهة هذه السياسة.

وعلى الرغم من أنه من حق أحمد الطيبي أن يعيَّن نائبًا لرئيس الكنيست في هذه الدورة، إلا أن رفضه لهذا التعيين في هذه الحقبة بالذات لإدارة كنيست متطرفة والاكتفاء بأن يكون نائبًا عاديًا، يمكن أن يكون بمثابة استنكار لما يحدث داخل هذا الائتلاف المتطرف. وكذلك الأمر بالنسبة لأيمن عودة بخصوص رئاسة لجنة التكنولوجيا في الكنيست. أما منصور عباس فحدث ولا حرج، حيث لم نسمع منه البتة عن مواجهته لهذه السياسات، ولا من جميع شركائه في القائمة الموحدة، بل سمعنا من النائب ياسر حجيرات من الموحدة بأنه يؤيد التجنيد للعرب في هذه البلاد وفي هذه الظروف الحالكة، مقابل نيل بعض الحقوق المادية للسكان العرب. فهنالك إسدال واسع النطاق على كيفية تحرك النائب منصور عباس، حيث كان يطلق تصريحات تنطوي على مهادنة هذا الائتلاف المتطرف، ولكن سرعان ما رفضوه. ثم بدأ يفكر في استراتيجيات أخرى تتمثل بأدوار أخرى مع دول التطبيع الجديدة. وكان قد صرح عن ذلك بالإعلام المحلي. ومن الواضح للعيان بأن منصور عباس تحرك بشكل شخصي بدون التعاون مع قاعدته الإسلامية والجماهيرية، إذا كانت له هذه القاعدة، حيث لا نعرف بالضبط الى أين تتجه أنظاره.

مهما يكن من أمر، فإن التخبط وعدم وجود الرؤية هو المسيطر على تحركات كافة النواب العرب المذكورين، ففي الوقت الذي تستنكر كافة المحاور الدولية والإقليمية ما يحدث داخل إسرائيل، سواء أكان ذلك في الولايات المتحدة وفرنسا أو الأمم المتحدة التي بدأت بمحاكمة ما يجري في الضفة الغربية فإننا نرى أن هؤلاء الأعضاء ما زالوا يحملون نفس الرؤية القديمة، ولا يتمشون مع الزمن من حيث التطورات الخطيرة التي تحدث على الساحة الإسرائيلية. فالانقلاب الدستوري والسياسي والتمسك بالاحتلال هو أمر مقلق من الدرجة الأولى، ولكن نوابنا العرب لا يغيرون خطابهم ولا أداءهم السياسي ولا يضعون رؤية، سواء أكانت تحليلية أو مستقبلية للجماهير العربية، للمستقبل القريب أو البعيد، يوضحون من خلالها ما العمل وماذا نحن فاعلون، بل إن خطابهم ما زال خطابًا قديمًا مهترئًا، بنفس الأسلوب الذي اتّخذوه في بداية الخمسينيات وتطور لاحقًا في منتصف السبعينيات!

 وأخيرًا، لا يصحّ إلا الصحيح، عليهم العمل الدؤوب والسريع لوضع استراتيجية، إذا كان ذلك باستطاعتهم، لمواجهة ما يحدث بسرعه متناهية داخل الساحة الإسرائيلية.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]