اياد أحمد - تصوير: موقع بانيت
من ضمن الذين نشروا عريضة الاحتجاج بروفيسور دنيئيل كهنمان الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، بروفيسور آبي بن باسات، بروفيسور عومر موآب الذي كان يقدم الاستشارة لوزير المالية الأسبق شتاينتس. ووفقًا لأقوال خبراء الاقتصاد فإنّ الاقتصاد الإسرائيلي يحظى بالتقدير الكبير من جانب المؤسّسات والهيئات الاقتصاديّة العالميّة. تمّ تحقيق هذا التقدير بفضل جهود طويلة ومتواصلة من جانب الحكومات من مختلف التيارات السياسيّة، وهذا التقدير نابع، من بين أمور أخرى، من استقلاليّة السلطة القضائيّة والخدمات العامّة. ولكن وجود قوّة سياسيّة كبيرة بيد المجموعة الحاكمة من دون التوازنات والضوابط القويّة من شأن ذلك أن يؤدّي بالبلاد إلى التخلّف الاقتصادي.
يحتاج النموّ والازدهار الاقتصاديّ إلى استقرار سياسيّ، وهذه الإصلاحات القضائيّة يمكن أن تُضعف الديمقراطيّة في الدولة، وهذا بالتالي سيؤثّر في مكانة دولة إسرائيل، وقد يؤدّي ذلك للحدّ من الاستثمارات الخارجيّة في الدولة، وخفض التصنيف الائتماني.
يبحث المستثمرون عن مكان يحصلون فيه على أرباح كبيرة مع حدّ أدنى من المخاطر. وبالتالي فثمّة تخوّفٌ كبير من قِبل رؤساء شركات التكنولوجيا الفائقة "هاي-تيك" التي في أمسّ الحاجة للاستثمار من خارج البلاد. وبناءً على ذلك، كانت هناك صرخة مدوّية من جانب موظّفي ومديري كبار هذه الشركات الذين يخشون من أن يكون هناك سحب وتقليص للاستثمارات من خارج البلاد، وهذا يعني ضربة قاصمة لهذا الفرع. يُعتبر قطاع الـ "هايتك" المحفّز الأساسيّ للنموّ الاقتصادي الكبير في دولة إسرائيل، ومن شأن الضرر في هذا القطاع أن يُلحق ضررًا كبيرًا في المرافق الاقتصاديّة في إسرائيل.
أوضاع لا تبعث على الارتياح
حسب رأيي، في هذه الفترة وفي مثل هذه الظروف التي يعاني فيها العالم من أزمة اقتصاديّة وموجة من ارتفاع نسبة التضخّم المالي ونقص في بعض السلع والمنتجات، كما أنّ الأوضاع الاقتصاديّة لدينا في البلاد لا تبعث على الارتياح، وهناك موجة من ارتفاع التضخم المالي، فإنّ ما نتوخّاه من الحكومة الحالية هو الاهتمام أوّلًا بالأوضاع الاقتصاديّة، ولكن ما يبدو في الوقت الراهن فإنّ الاهتمام ينصبّ على تمرير الإصلاحات في الجهاز القضائيّ، والسؤال المطروح ما هي الحاجة الملحّة اليوم للقيام بهذه الإصلاحات؟ لماذا لا تكون هناك مفاوضات مع المعارضة حول هذه الإصلاحات والاهتمام أكثر بتحسين حالة الاقتصاد وأوضاع المواطنين الذين يرزحون تحت طائلة ارتفاع الأسعار وارتفاع نسبة الفائدة البنكيّة، التي أدّت إلى ارتفاع تكلفة الديون وإلى زيادة العبء الكبير على كاهل أصحاب المصالح التجاريّة، لأن ارتفاع الفائدة البنكيّة أدّى إلى ارتفاع تكلفة تمويل هذه المصالح، التي تحتاج إلى التمويل من أجل الدورة الماليّة لهذه المصالح، والتمويل من أجل الاستثمار وتطوّر المصالح التجاريّة.
ومجمل القول، لن يكون هناك نموّ وازهار اقتصاديّ من دون استقرار سياسيّ. الضرر اليوم هو بالجهاز القضائيّ وبالذات بمحكمة العدل العليا، التي لها دور كبير في ديمقراطيّة الدولة، حيث يرتكز النظام الديمقراطي على ثلاث ركائز أساسيّة: السلطة التشريعيّة، التنفيذيّة والقضائيّة. وعندنا فإنّ محكمة العدل العليا هي الأداة الوحيدة من أجل مراقبة السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة وضمان إدارة حكم سليم.
فلا غرابة إذًا أن يبدي رجال الاقتصاد الكبار تخوّفهم من تأثير هذه الإصلاحات في الأوضاع الاقتصاديّة.
* مدقّق حسابات، الكليّة الأكاديميّة سبير وجامعة بن غوريون في النقب
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]