logo

مقال | هل يتناقض الابداع مع الإسلام؟ - بقلم: د. أْحمد فياض محاميد

27-01-2023 13:40:34 اخر تحديث: 27-01-2023 13:50:51

الابداع هو سلوك تحد يخترق التفكير المألوف والتقليدي ويأتي بإنجاز افضل للمجتمع من شأنه تغير نمط الحياة للمجتمع ولسائر المجتمعات الاخرى.


د. أحمد فياض محاميد - صورة شخصية

قبل ان نخوض في الابداع وميزاته، لعلنا نتساءل سويا، هل الابداع متوفر في مجتمعات مُعينة ومعدوم عند الاخرة؟ هل الابداع متوفر لدى طبقة مُعينة في المجتمع ومفقود عند الباقي؟
وما موقف الاسلام من الابداع ؟ وما الفرق بين الابداع وبين البِدع؟
الابداع متوفر لدى جميع مجتمعات العالم بنسبة 5%، من كل مجتمع في العالم.
لكنهم على سبيل المثال مهمشين في المجتمعات العربية، حتى هم يحاربون من قبيل مؤسسة الساسة، لأنهم بمعتقدهم يشكلون خطرا على مكانتهم، لذلك نجدهم في معظم الاحيان اما في السجون او تحت الارض او طُردوا من اوطنهم قسراً.
اما البدعة، فمن خصائص الشريعة الإسلاميّة الغرّاء أنّها جاءت شريعة كاملة، اشتملت على كثيرٍ من الأحكام والتشريعات والمسائل الفقهيّة التي تهمّ الناس بجميع جوانب حياتهم، وإن هذه الخاصيّة بلا شك من تمام الدين الذي نصّت عليه الآية الكريمة التي تلاها نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: 3] وتعني خاصيّة شموليّة الشريعة الإسلاميّة وكمالها أنه لا يجوز استحداث أمر أو مسألة في هذا الدين ما لم تكن موافقة للكتاب والسنة، وإلا كانت بدعة من البدع التي حذّرت منها الشريعة الإسلاميّة، فما هو مفهوم البدعة في الإسلام؟ وما هي أنواعها والأمثلة عليها؟

تعريف البدعة في الإسلام
تُعرّف البدعة في الإسلام بأنها استحداث للشيء من غير مثالٍ سابق، ومن هذا اللفظ قوله تعالى عن نفسه جل وعلا: (بَدِيعُ السَمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [البقرة: 117] ومعنى ذلك أن الله تعالى قد خلق السموات والأرض من غير مثالٍ سابق، ومنها كذلك قوله تعالى: (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِنَ الرُسُلِ) [الأحقاف: 9] أي لم يكن النبي محمد عليه الصلاة والسلام أول رسولٍ ونبي يُبعث للناس، بل بُعث قبله الكثير من الأنبياء والرسل.
ووفق هذا المفهوم فإنّ لفظ البدعة في حد ذاته هو لفظٌ لغوي غير مذمومٍ في ذاته ومعناه العام، وإنما يُحكم عليه من خلال تعلّقه بالأمور والأشياء والسلوكيّات فيُقال بدعة حسنة، أو يُقال بدعة سيئة.
اما الابداع فهو ينخرط في السلوك الحسن، والاسلام وضعة في سولم اولويته شريطة ان لا يتنقذ مع الكتاب والسُنة النبوية.
توجد هناك علاقة عضوية بين الاسلام والعقلية البشرية، والابداع لا يتنافى مع الشريعة الاسلامية، بل العكس هو الصحيح، الاسلام حث على الابداع،
والاسلام أْولى الشخصية الانسانية عناية فائقة ، حيث جعل بناءها وتطويرها من اْولوياته التي تقوم على معايير محددة في غاية الدقة بعكس المعايير البشرية التي تتركز في معظم الحالات على الاْهواء الشرية والمصالح الضيقة.
المقصود بالشخصية النظام المتكامل الذي يشمل جميع الاستعدادات والميول والغرائز والدوافع الجيولوجية الفطرية المورثة، وكذلك الصفات ة الاستعدادات والميول المكتسب من الخبرة، الشخصية الابداعية، تتميز في مجموعة خصائص وصفات تحفز الابداع لدى الانسان. الرؤية الاسلامية هي مسار مفتوح لاستشعار الجمال وبالضرورة الابداع واستنطاقه واستيطانه واستلهامه والبحث عنة وتنميته بأبعاده المختلفة ومستوياته المتباينة ومجالاته المتنوعة من جوهر الرؤية النابعة من صميم الاسلام والمنضبطة وفق الكتاب والسُنة النبوية من ابراز خصائص العقل الابداعي، إدراك الجمال، واكتساب القيم الجمالية، فالتربية الجمالية هي درجة ارتقاء للعقل في معراج الفكر وتحليق للروح في فضاء الايمان، فهي توسع الفضاء المعرفي والوجداني، وتجعل مدرك الجمال اقرب إلى مبدع وخالق الجمال، واذا اضفنا لذلك اْن مدرك الجمال يمتلك وجداناً حياً يقظاً، لذلك نجد المبدع شخصاً ذو حساسية جياشة وقدرة على الادراك القيق للثغرات والاحساس بالمشكلات.

فعلى سبيل لمثال منظر غروب من ابراز خصائص العقل الابداعي، إدراك الجمال، واكتساب القيم الجمالية، فالتربية الجمالية هي درجة ارتقاء للعقل في معراج الفكر وتحليق للروح في فضاء الايمان، فهي توسع الفضاء المعرفي والوجداني، وتجعل مدرك الجمال اقرب إلى مبدع وخالق الجمال، واذا اضفنا لذلك اْن مدرك الجمال يمتلك وجداناً حياً يقظاً، لذلك نجد المبدع شخصاً ذو حساسية جياشة وقدرة على الادراك القيق للثغرات والاحساس بالمشكلات. فعلى سبيل لمثال منظر غروب الشمس قد لا يثير عند الشخص العادي سوى مُؤشر لقدوم الليل أْما بالنسبة للمبدع فقد يكون مركز وبؤرة لكثير من المشاعر بمعايير الحساسية الجياشة الرقيقة والوجدان اليقظ . 
ان السيرة الحية للنبي صلى الله علية وسلام تؤكد باْنه يملك وجدانا يقظاً وقلباً فياضاً، قال تعالى: ( فَبِمَا رحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ ) - أْل عمران 159. وبنحو ما قلنا في قوله: " فبما رحمة من الله لنت لهم "، قال جماعة من أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: " فبما رحمة من الله لنت لهم "، يقول: فبرحمة من الله لنت لهم.
لقد راعى الاسلام ورعى في الأقوام وآدابه للبناءة جميع جوانب الابداع في النفس البشرية، فارشد إلى خير السبي في توجيه ملمة الابداع واستصلاحها والموازنة بين عناصرها جميعاً ، ومن خلال هذه العقيدة الحكيمة عالج الاسلام موضوع الابداع ككل ، فحفز جوانب الابداع الايجابي في الشخصية الاسلامية من خلال مجموعة من العوامل لها الاثر البلغ في تكوين الشخصية الإبداعية المسلمة وتمييزها عن الشخصيات الاخرى وذلك ما يأتي:

اولاً الحث على التفكير الابداعي:
التفكير الابداعي هو التفكير الذي يؤدي الى التغير نحو الاْفضل ، ويتحدى الاْفكار الوضعية التقليدية سابقاً وهو يتطلب دافعية ومثابرة واستمرارية في العمل ،والقدرة العالية على تكوين الحل لمشكلة ما تكويناً جديداً، العقل ينضج ويتطور والفكر تتسع مداركة وتزداد قدراته على المعالجة والحفظ والتدبر والتأمل، من خلال التفكير المنطقي السليم التي تتمتع به، والذي يتجلى في الابداع والتميز وهذا ما ارادة الاسلام لاتباعه وذلك بقولة سبحانه وتعالى: أقراْ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الأنس من علق (2) قرا وربك الاكرم(3) الذي علم بالقلم(3) عالم الانسان مالم يعلم(4).هذه الآيات القرآنية افتتح سبحانه وتعالى تنزيل القران الكريم. جميعها تحث المسلم على التفكُر والتأمل والتدابر في خلق الكون
وللمتفكرين في القران نصيب طيب من المدح حيث ذكرهم الله تعالى في آيات كثيرة ومن ضمنها قال تعالى : إنمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ
إنما مثل الحياة الدنيا التي تتمتعون فيها في سرعة انقضائها كمثل مطر اختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس من الحبوب والثمار، ومما تأكل الأنعام من الحشيش وغيره، حتى إذا أخذت الأرض لونها الزاهي، وتَجَمَّلت بما تنبته من أنواع النبات، وظن أهلها أنهم قادرون على حصاد ما أنبتت وقطافه، جاءها قضاؤنا بإهلاكها، فصيرناها محصودة كأن لم تكن عامرةً بالأشجار والنباتات في عهد قريب، كما بيَّنا لكم حال الدنيا وسرعة انقضائها نبين الأدلة والبراهين لمن يتفكرون ويعتبرون. 
من هنا يتضح لنا ان الاسلام امر بإعمال العقل ولإطلاقه من القيود ومنحة مساحة كبيرة من حرية التفكير لآْن ذلك يعود في الفائدة للامة في تقدمه وتطورها وارتقاءها والمعرفة لأن العقول المتجمدة لا جدوى منها تبقى ميتة لا منفعة منها، لذا حرص الاسلام على إطلاق تفكير الانسان منذ نعومة أظفاره ونهى عن الذين يتقيدون بأفكارهم بحدود ما وصل إلية أْسلافهم، او يتقيدون بعقول اخرين ، ربما كانوا قل واْضعف في التفكير وبهذا الشأْن قال تعالى: إِذَا قِيلَ لَهُمْ 
تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (104 ).
وبنفس الحرص الذي أبداه الاسلام تجاه الانسان على سائر اعضاء جسمه حرص كذلك على حرية عقل بعيداً عن قيود تحد من انطلاقها وتمنعه من التفكير والتأمل والتدبر، بل خص وشدد على أن يكون العقل والفكر حرا طليقا يجول في ملكوت السماوات والاْرض يتدبرها ويعقلها ويتعرف على أيات الله فيها وتكون طريقا موصلة إلى معرفة خالقه ومولاه. قال تعالى: وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8 الروم). 
يقول تعالى منبها على التفكر في مخلوقاته، الدالة على وجوده وانفراده بخلقها، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه، فقال: أولم يتفكروا في أنفسهم: يعني به النظر والتدبر والتأمل لخلق الله الأشياء من العالم العلوي والسفلي ، وما بينهما من المخلوقات المتنوعة، والأجناس المختلفة، فيعلموا أنها ما خلقت سدى ولا باطلا بل بالحق، وأنها مؤجلة إلى أجل مسمى ، وهو يوم القيامة; ولهذا قال ): ( وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون).
وقد لاحظ بعض المفكرين أن الانسان يمتاز في بنية جسدية تمييزه عن باقي المخلوقات بطريقة تساعده على التفكير والتأمل فيما حولة من عجائب الكون، يقول الدكتور: اْحمد زكي: "فالله صمم جسم الحيوان وركب هيكلة كانه لم يريد من هذا التصميم ان يتمكن الحيوان من النظر إلى السماء وذلك لا سباب عدة من اهمها: أنه مع عقله العاجز لا يستفيد من هذا النظر شئيا وعلى غير هذا الطراز ربنا جسم الانسان وركب هيكله، فالإنسان زاخر كثير الوعي، وهو قادر كثير القدرة، فهو يستفيد من النظر إلى السماء أْكبر استفادة ويلقي في سبيل هذا النظر بعض المشقة ولكنها تهون في هذا السبيل الذي هو فيه ".
في المقال القادم ان شاء الله ميزات المبدعين !

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]