صورة للتوضيح فقط - تصوير:iStock-joaoscarceus(1)
أعلامه ومدارسه، وعلى الآراء المختلفة فيه، فأنت إذا ما فعلت هذا تعرف أين أنت تقف، ومِن ثمّ تعرف كيف يمكنك التحليق في سماوات الفن الرحيبة. أضف إلى هذا أنه لا يوجد فنان في العالم بإمكانه البدء من نقطة الصفر، وإنما هو يبدأ من حيث انتهى آخرون ويشكّل لبنةً جديدةً في عالم الفن الرائع. ثم انه بات من المفروغ منه في عصرنا أن الفنان الحقيقي الجدير بهذه الصفة، لا بُدّ له من الاعتماد على ثقافة عميقة في مجال اختصاصه سواء كان فنًا تشكيليًا أو نحتًا إبداعيًا. لقد باتت الثقافة في عصرنا أكثر من أي من العصور الماضية مطلبًا مُلحًا للفنان الحقيقي.. ناهيك عن أن الدهشة وحب الاستطلاع الطفولية هما، بإجماع ليس بسيطًا، من صفات الفنان المبدع على الاطلاق.
بعد أن تُعد نفسك إعدادًا جيدًا لخوض المجال الفني، بالدراسة وبذل الجهد للاطلاع والتثقف والمزيد منهما، تأتي الفترة الأولى في الابداع الفني. في هذه الفترة يمكنك أن تتأثر، بفنان قريب من نفسك، ويلقى هوىً خاصًا في رأيك، على أن هذا التأثر يفترض أن يبقى في حدود التأثر وألا ينتقل إلى حالة التقليد. بعدها عليك أن تتخلّص، بأقصى ما يمكنك، من تقليد فنانك المُحبّب الاثير لديك، لتبدأ رويدًا رويدًا بالاستقلال بشخصيتك الفنية المستقلة، ولتوجد بالتالي أسلوبك وبصمتك الخاصة بك كما يُفترض بكل فنان حقيقي. يمكنك في هذه الفترة أيضًا أن تقوم بوضع رسومات تقوم بنقلها عن الواقع فوتوغرافيًا، إلا أن هذه تعتبر فترة تمارين، بعدها يفترض فيك أن تقوم بوضع الرسومات التي تجسّد رؤيتك ورأيك للواقع كما تراه أنت وليس كما هو في الواقع وكما يراه آخرون. هنا عليك أن تعرف أن الفن التشكيلي هو في الواقع تفكيك للواقع وإعادة بناء ذي رؤية خاصة.
في فترة تالية، عليك أن تتحلّى بالمرونة، فلا تغلق أذنيك عن الاستماع إلى الآراء النقدية الصادقة، كما تستشعرها، وأن تستفيد من هذه الآراء لا سيّما إذا كان مصدرها ثقة، وهنا أحذرك من الاصغاء إلى الآراء ذات الغرض، بمعنى أطلب منك أن تحذر آراء من يحبونك من المحيطين بنفس القدر الذي أحذرك فيه من آراء من تَشعر بنوع ما من الكراهية من جانبهم تجاهك، فصاحبا وجهتي النظر هاتين ذوا غرض، وهُما في كل الأحوال، ليسا مُخلصين تمام الإخلاص في قولهما رأيهما. هنا قد تتساءل مَن هو صاحب الرأي المفترض قبوله، فأقول لك إنه الانسان المتخصّص العارف، فرأي مثل هذا، إذا كان حقًا متخصصًا ومُخلصًا، يعادل ملايين الآراء لأناس ليسوا من أهل العلم والمعرفة.