اليتيمة، والأرملة مشتركة مع ديمة جمعة السّمّان" وغيرها، وكلها تتناول واقع المرأة في المجتمع، وما تتعرض له من ظلم وقهر اجتماعي، إن كان من قبل الزوج أو المجتمع وحتى الأهل، تأتي رواية "الليلة الأولى" الصادرة عن مكتبة كل شيء، حيفا، 2023، لتؤكد واقع المرأة البائس في المجتمع الفلسطيني والعربي، ولتحارب الجهل والتّخلف.
عنوان الرواية "الليلة الأولى" يأخذنا إلى ليلة الزواج الأولى، وكيف يكون حال العريس والعروس، وما يتعرضان له من ضغط اجتماعي، يتمثل في (فض البكارة)، فالزوج "موسى" يرتبك ويضطرب، ولا يكون بحالة نفسية تسمح له بمعاشرة عروسه، والزوجة "ليلى" التي يقع عليها ضغط أكثر من الزوج، لأنها ستكون أمام حالة لم تألفها، ومع هذا المجتمع يتعاطف مع الزوج وينحاز له، ويبقي الزوجة دون الاهتمام المطلوب، ويزيد من الضغط عليها لتقوم بأشياء لا تعرفها وصعبة عليها.
وعندما يفشل الزوج "موسى" في معاشرة عروسه، يتجهون نحو العرافة "مبروكة" والمشعوذ "أبو ربيع"، الأولى يهمها المال وممارسة الجنس مع عشيقها، رغم أنها تبدي الورع والتقوى أمام الناس، والثاني يهتم بالجنس أكثر من المال، لهذا لا يترك أي امرأة تأتي إليه، إلا ويضاجعها (ليخرج منها الجني الكافر).
اللافت في الرواية أنها تتناول الآباء والأمهات بصورة سلبية، حيث يلجأون إلى المشعوذين عند وجود مشكلة نفسية أو اجتماعية، بينما الأبناء بمجملهم جاؤوا بصورة إيجابية، حيث واجهوا سلطة الآباء، ورفضوا أن يكون "مبروكة وأبو ربيع" هما العنوان الصحيح لعلاج "موسى"، ورغم إصرار الآباء على التوجه إليهما وصرف الأموال دون جدوى، إلا أن "عمر" شقيق "ليلى" يستعيد بالقوّة كل ما أخذته مبروكة من أموال ويعيدها إلى "أبو موسى". وهذا الطرح كافٍ لإيصال فكرة أن عقلية الآباء المتخلفة والمتمسكة بالعادات السيئة تزيد من المشاكل، بينما الأبناء يستطيعون حلها وبطرق صحيحة وقصيرة وبجهد وتكلفة أقل، وفي هذا دعوة لرفض الموروث الشّعبي السّيّء، مثل مراقبة العروسين ليلة دخلتهما، واللجوء إلى المشعوذين لمعالجة المرضى ولحلّ بعض المشاكل.
الرواية فيها حوارات عديدة تدور بين الآباء والأبناء، وبين "موسى وليلى" وبين ليلى ومبروكة، وبين عمر ومبروكة، وكلها أسهمت في إيصال فكرة عقم التفكير القديم وسذاجته، لهذا جاءت نهاية الأحداث بطلاق "ليلى" من "موسى"، وهروب "موسى" إلى مكان يستعيد فيه فحولته.
لغة الرواية بسيطة وسلسة، وجاء بصيغة السارد الخارجي، العليم؛ لتشير إلى أننا أمام واقع اجتماعي عام يعاني منه المجتمع، وما وجود الأمثال الشعبية التي نطقت بها شخصيات الرواية إلا تأكيد على ثقافة المجتمع بهذا الخصوص، وفضحها كي يبتعد النّاس عنها، لهذا سيجد كل قارئ للرواية ما يتوافق مع تطلعاته في انعتاق المجتمع من أفكار عفا عليها الزمن وشرب "البكاء والدم " .