logo

مقال :‘ نعم للإبداع ‘ - بقلم : د. احمد فياض محاميد

08-01-2023 08:28:03 اخر تحديث: 09-01-2023 05:57:10

نحن دائماً نتسأْل بحسرة والم ومرارة ، لماذا شعوبنا العربية اينما كانت، اوضعها مُتردية على جميع الاصعدة ، ونصيبنا في الانتاج الفكري يميل الى لصفر، وبعد ما كنا في صدرة الامم،


 د. احمد فياض محاميد - صورة شخصية

اصبحا في ذيلها . نعم، انه سؤول منطقي! ، ولكن هل سأْلنا انفسنا اين المبدعين في اوسطنا؟ لو عودنا لبلدتنا ام الفحم على سبيل المثال لوجدنا 3000 مبُدع وعلى مستوى عرب الدخل مئة الف مبدع وعلى مستوى الوطن لعربي 20 مليون مبدع. اين هم؟! بينما لو توفرت لهؤلاء المبدعين الاجواء والمناخ الداعم والمُحتضن، لتغير واقع الامة العربية على ما هو علية الآن.

ما هو الابداع ؟ الابداع هو ابتكار لشيء لم يكن له مثال سابق، فالمبدع يتخيل او يرسم في خياله حلول افضل لظاهرة مُعينة وهي بعيدة لحدا ما عن الواقع الأني، أي بعبارة اخرى إنتاج شيء ما، شريطة ان يكون المُنتج جديد في صياغته وذو افضلية عن المنتوجات التقليدية المعروفة .المبدع شخصية من طراز خاص يمتاز بصفات خاصة تجعله يختلف عن معظم افراد المجتمع يتمتع بالحس الرقيق ذو عاطفة جياشة ومشاعر رائعة ورقة ، هذا الحساس يجعله يشعر بما لا يشعر به الاْخرون غير المبدعين، ينتبه الى ما ينتبه الية غيرة، يتصف في الخيال الواسع ،معظم ابتكاراته يخطط لها في خيالية صاحب درجة ذكاءه عالية بالإضافة انه يتمتع في موهبة ربانية. يهديه لمن يشاء .هؤلاء المبدعين في الوطن العربي اما مطرودين قصراً من اوطانهم او مهمشين في مجتمعهم ، بينما أْولى الاسلام الشخصية الانسانية عناية فائقة ، وجعل بناءها من أْولوياته الي تقوم على مقاييس محددة في غاية الدقة والاتقان، بعكس المقاييس البشرية التي ترتكز في معظمها على الاْهواء البشرية والمصالح الضيقة . الشخصية الابداعية تحتوي على مجموعة من الخصائص والصفات التي تحفز الابداع لدى الانسان ،الرؤية الاسلامية هي مسار مفتوح لاستشعار الجمال وبالضرورة الابداع واستنطاقه والبحث عنة وتنميته بأبعاده المختلفة ومستوياته المتباينة ومجالاته المتنوعة الروحية والمادية ضمن الرؤية المنبثق من جوهر الاسلام وفق تصوره. من ابراز خصائص العقل الابداعي، الادراك الجمالين اكتساب القيم الجمالية، التربية الجمالية درجة ارتقاء العقل في معراج الفكر وتحليق للروح في فضاء الايمان ، فهي توسع الفضاء المعرفي والوجداني، وتجعل مدرك الجمال اْقرب إلى مبدع وخالق الجمال. فقد نجد المبدع شخصاً ذا حساسية جياشة وقدرة على الادراك للثغرات والاحساس بالمشاكل. على سبيل المثال منظر غروب الشمس قد لا يثير عند الشخص العادي سوى ترقب قدوم الليل ، للمبدع فقد يكون مركز من المشاعر بمقاييس الحساسية الجياشة والوجدان اليقظ.

لقد راعى الاسلام ورعى في نظامه الاقوام وآدابه البناء كل جوانب الابداع في النفس الشرية ، وقوم ووجه هذه الجوانب ، فارشد إلى خير السبل في توجيه ملكة الابداع واستصلاحها والموازنة بين عناصرها جميعاً، وعلى هذه القاعدة الحكيمة عالج الاسلام موضوع الابداع ككل، فحفز جوانب الابداع الايجابي في الشخصية الاسلامية من خلال مجموعة من الدعائم مان لها الاثر في تكوين الشخصية الابداعية المسلمة وتميزها عن الشخصيات الاخرى
التفكير الابداعي هو التفكير الذي يؤدي إلى التغير نحو الافضل ، وينفي الافكار التقليدية المألوفة ويسعى عن كشف المجهول، ويتضمن الدافعية والمثابرة والاستمرارية في العمل، والقدرة العالية على تكوين الحل لمشكلة معقدة، العقل ينضج ويتطور والفكر تتسع مداركه وتزداد قدراته على المعالجة والحفظ والتدبير والتأمل من خلال زيادة التفكير المنطقي السليم وليس له محصلة إلى الابداع والتميز وهذا ما ارادة الاسلام لاْتباعه وجنده وللمتفكرين في القران الكريم نصيب طيب من المدح حيث ذكرهم الله تعالى في أيات كثيرة من ضمنها (حتى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كذلك نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)يونس 24..

 امر الاسلام بأعمال العقل وإطلاقة من القيود ومنحة مساحة كبيرة من حرية التفكير لاْن في ذلك خير ومنفعة للامة وزيادة في تقدمها وتطورها وارتقاءها في العلوم والمعارف لاْن العقول مغلقة أي مُقيدة معطلة ميتة لا فائدة منها، لذا حرص الاسلام على إطلاق تفكير الانسان منذ نعومة ظفارة ونعى على أولئك الذين يتقيدون في التفكير ويبقون في سجن المأْلوف ، او يقيدون عقولهم بعقول اخرين، من ضمنها المثل الشائع لدينا "وجه عارفته ولاء وجه ما عرفته" "او حط راسك بين الروس وقل اقطع يا قطع الرؤوس"، "او لا تفكر في المفقود حتى لا تفقد الموجود" وهذا هو المطلب من التفكير الابداعي فقط في المفقود، للأسف توجد لدينا امثال التي اصبحت جزاء من ثقافتنا التي تشجع على الاكتفاء في الموجود وهي الافكار المتقوقعة . او يقيدون عقولهم بعقول اخرين ربما كانوا اضعف منهم ملكة في التفكير. بقولة تعالى "وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون" المائدة 104 .

وبنفس الحرص الذي ابدأه الاسلام تجاه الانسان جسدنا واعضاء حرص كذلك على حرية عقلة وفكرة بعيدا عن أية قيود تحد من انطلاقه وتمنعه من التفكير والتأْمل والتدبر، بل شدد على ان يكون العقل والفكر طليقا يجول في ملكوت السماوات والارض ويتدبرها ويعقلها قال تعالى( أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ) الروم*8 سأنكل انشاء الله في حلقة قادمة