logo

مقال | نظرة اقتصاديّة على العام 2022

بقلم: أحمد إياد - خبير اقتصاديّ، مدقّق حسابات، ومحاضر في الكلّيّة الأكاديميّة سبير
29-12-2022 19:04:38 اخر تحديث: 30-12-2022 06:39:32

مع انحسار أزمة كورونا نهاية عام 2021، حلّت الحرب الأوكرانيّة- الروسيّة التي اندلعت في شباط/ فبراير 2022 لكي تخلط الأوراق من جديد، وبدلًا من الهدوء والخروج السريع من الأزمة،

فإنّ هذه الحرب تسبّبت في هزّة في الأسواق، لا يزال تأثيرها ملموسًا حتّى يومنا هذا وخاصّة بسبب ارتفاع أسعار السلع في العالَم والخشية من نقص بعض الموادّ الخامّ وأزمة الطاقة في أوروبا التي يشكّل الغاز الروسيّ منها 30% وتشكّل حصّة النفط الروسيّ في العالَم أكثر من 10%.

ارتفاع الأسعار والتضخّم في العالم وفي إسرائيل والذي بدأ كأعراض جانبيّة لأزمة كورونا التي اتّسمت بفترات الإغلاق، تعطيل سلسلة التوريد العالميّة، الحوافز الماليّة التي وزّعتها الحكومات سواء من خلال المِنح لقطاع الأعمال التجاريّة أو للمواطنين، كان ضخّ الأموال في الأسواق من قِبل الحكومات بلا شكّ المحرّك الأوّلي لكرة التضخّم، التي تلقّت دفعة كبيرة بسبب الحرب بين أوكرانيا وروسيا.
لذلك، سيُذكر بلا شك عام 2022 على أنّه العام الذي أطلّ فيه التضخّم برأسه بعد فترة طويلة من بيئة تضخم متدنّية وانخفاض أسعار الفائدة. حطّم عام 2022 الرقم القياسيّ المسجّل منذ 11 عامًا عندما بلغ سعر الفائدة الأساسيّة للبنك 3.25%في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 ونسبة تضخم 5.1%. بطبيعة الحال فإنّ الزيادة في أسعار الفائدة تجعل القروض والرهون العقاريّة وجميع وسائل التمويل أكثر تكلفة، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأسر التي تعاني كثيرًا من غلاء المعيشة والزيادة في أسعار السلع والمنتجات، ومن المتوقّع أن يصل معدّل التضخم السنويّ إلى 5.3%. تواصل الأسعار في إسرائيل الارتفاع على الرغم من اعتدال التضخّم في الولايات المتحدة. في رأيي، فإنّ المشترك بين إسرائيل والولايات المتّحدة هو أنّ التضخّم وارتفاع الأسعار لم يؤثّر في منظومة الانتخابات، ففي الولايات المتّحدة نجا الحزب الديمقراطيّ من فوز ساحق للجمهوريّين في انتخابات التجديد النصفيّ، وهنا في إسرائيل لم تتمكّن الأحزاب الاجتماعيّة من الحصول على قوّة كبيرة في الكنيست، بل العكس هو الصحيح، والسؤال هو ما إذا كانت الحكومة الجديدة التي تبدو مستقرّة مع 64 عضوًا في الكنيست جميعهم من نفس المعسكر السياسي قادرة على الاستجابة للعديد من التحدّيات، من ضمنها الزيادة الحادّة في التضخّم والانخفاض في توقّعات النمو للاقتصاد الإسرائيليّ في عام 2023، عندما خفّض بنك إسرائيل توقّعات النمو للعام من 3.5% إلى 3%، فإنّ نقطة الضوء الوحيدة هي أن يكون التضخّم معتدلًا في عام 2023.
بعد أن تميّز عام 2021 بتعافي الاقتصاد الذي خرج من أزمة كورونا بشكل سريع وبنمو سنوي قدره 8.6% وزيادة كبيرة في جباية الضرائب، تميّز عام 2021 بقفزة بنحو 30% في مجمل إيرادات الدولة، استمرّ الاتجاه الجيّد في جباية الضرائب في عام 2022 أيضًا، وتتلقّى الحكومة الجديدة خزينة ماليّة ممتلئة، حيث إنّ التوقعات لنهاية عام 2022 مع فائض كبير في الميزانيّة يبلغ نحو 20 إلى 30 مليار شيكل.

آثار جانبية لأزمة الكورونا
لا شكّ أنّ عام 2022 كان العام الذي انتقلت فيه الأسواق في العالم إلى حالة جديدة من بيئة التضخّم المرتفعة، وزيادة أسعار الفائدة من قِبل البنوك المركزيّة بعد فترة ليست قصيرة من بيئة التضخّم وانخفاض أسعار الفائدة، دون أدنى شكّ كان التوقّع أن يتّسم عام 2022 الذي حلّ بعد تراجع أزمة كورونا التي فاجأت العالم في شدّتها وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، بنمو اقتصاديّ وبيئة اقتصادية مواتية، لكن الآثار الجانبيّة لأزمة كورونا مثل، الأضرار التي لحقت بسلسلة التوريد العالمية والتدفّق الهائل للأموال إلى الأسواق التي تضافرت مع الآثار السلبيّة للحرب الأوكرانيّة- الروسيّة على الاقتصاد العالميّ والتي تسبّبت في زيادة أسعار السلع، ما أدّى إلى زيادة الضغط التضخميّ وزيادة في معدلات الفائدة، الأمر الذي زاد من الضغط على الأسر نتيجة لزيادة مدفوعات الفوائد على الديون وخاصّة الرهون العقاريّة، بالطبع من المستحيل إنهاء النظرة الاقتصاديّة دون الإشارة إلى سوق الإسكان التي تميّزت بالزيادة المستمرّة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، عندما اتّسم عام 2021 بارتفاع حادّ في أسعار الشقق، استمر هذا الاتّجاه في عام 2022 واليوم في عام 2022، فإنّ النظرة هي لعام 2023، هل يواجه سوق العقارات نقطة تحوّل تتميّز بالانخفاض أو كبح أسعار الشقق.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]

اياد أحمد - تصوير: موقع بانيت