logo

مقال | الفاشيون قادمون ... كيف نتعامل معهم ؟

بقلم: الصحفي وديع عواودة
06-12-2022 07:39:35 اخر تحديث: 08-12-2022 11:29:34

قلل كثيرون قبيل انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين من خطورة صعود اليمين الفاشي المتمثة بـ حزب "الصهيونية الدينية" واعتبروا التحذيرات حيلة أو فزاعة فقط،


وديع عواودة - تصوير بانيت 

لدفع المواطنين العرب للتصويت وهذا استخفاف بخطر حقيقي يضع فلسطينيين على طرفي الخط الأخضر أمام وضع جديد وخطير يهدد مختلف الحقوق والحياة وهناك مؤشرات على ذلك: "روح القائد" والأجواء العنصرية المتفشية تتجلى في أحكام قضائية جائرة على شباب شاركوا في هبة الكرامة عام 2021 كما حصل مع شباب من طمرة وعكا وفي اعتداءات جسدية على مواطنين عرب بل على ناشطين يساريين يهود وإبعاد طبيب عربي لتقديمه حلوى لفتى فلسطيني مصاب داخل مستشفى.

المتابعة العليا سبق وحذرت مما هو آت وبحق وإن كان من الأفضل لو عملت المتابعة والقطرية والأحزاب والجمعيات الأهلية أكثر على توحيد صفوف الأحزاب العربية التي كان بمقدورها منع تشكيل حكومة قادمة اكثر فاشية وخطرا رغم المّد العنصري المتصاعد في الجانب اليهودي.
للوهلة الأولى يرجح المراقب أن نتنياهو المجرب يعي مخاطر الانفجار القادم ( خاصة المساس بالوضع الراهن في الحرم القدسي وفتحه لصلاة اليهود ) وسيعمل بنصيحة من يدعو للتعامل مع الفلسطينيين بحكمة وتهدئة واحتواء...بالسلام الاقتصادي وغيره.
لكن هذا لن يحدث في العام القريب على الأقل بسبب تقاليد خلط الحسابات القومية العليا مع الحسابات الحزبية والخاصة خاصة أن نتنياهو أسير حتى الآن على الأقل بيد شركائه الفاشيين وبدونهم لا يقوى على تشكيل حكومة سادسة وهم بحاجة لهم للنجاة من محاكمته بتهم فساد.
كذلك فإن التجاذبات الداخلية والمزاودات بين الأحزاب الصهيونية والحسابات الانتخابية المستقبلية والمحفزات العصرية المتأصلة فيهم ستدفع بن غفير وسموطريتش وثلتهما الفاشية الشعبوية للتصعيد ولـ محاولات " تأديب العرب " وتعميق الاحتلال والقمع .. كيف لا والوعود بكل ذلك كانت لهم أجنحة نقلتهما من الشارع إلى سدة الحكم ؟ وهناك عبرة في تصعيد "حكومة التغيير" في الضفة الغربية خلال العام الأخير ليس فقط لاعتبارات أمنية فقط بل لـ حسابات انتخابية شعبوية استخدمت دمكاء الفلسطينيين محّركا للماكنة الحزبية والدعائية.

صحيح أن المسألة أكبر من هذا الحزب ومن ذاك الفاشي وأن هناك مشكلة بنيوية في إسرائيل متمثّلة بعقلية الاحتلال والتفوق العرقي العنصري لكن هناك مخاطر جديدة حقيقية يأتي بها هؤلاء الفاشيون وهي تستدعي الاستعداد لهذه المرحلة الجديدة بـ زيادة مناعة وقوة وهيبة وردع المجتمع العربي كـ جماعة: بـ تنقية الأجواء وترتيب الأوراق أي ترجمة ما جاء في بيان المتابعة لـ أفعال: تعزيز الوحدة وتغليب المصلحة العليا على مصالح الاحزاب والحركات والأشخاص والكفّ عن لعبة المسرحيات البرلمانية الشعبوية بمناطحات لفظية مع بن غفير وسموطريتش وأمثالهما في قاعة الكنيست وفي الصحافة العبرية فهذه "فشة خلق" لكنها ليست برنامجا سياسيا. هذا يعني أيضا فتح الأحزاب العرببة صفحة حوار جديدة مع "الموحدة" خاصة أنها باتت تمّثل تيارا واسعا في الشارع العربي. ضروري التوافق على عدم التعامل مع وزراء حزبي الصهيونية الدينية والقوة اليهودية وإعلان موقف يتهمهم بمعاداة المجتمع العربي والترّبص به ورفض تصريحات بن غفير بأنه سيحارب الجريمة والتشكيك بها على أساس أن من يناصبنا العداء لا يتوقع منه رفع الخطر عنا فـ "إنك لا تجني من الشوك العنب"...وهذا على الأقل حتى يثبت عكس هذه التوقعات.

 أما التعامل مع هؤلاء فسيسبغ الشرعية الجماهيرية عليهم من قبل المواطنين العرب ضحايا سياساتهم وأفعالهم دون أن يقوموا بأفعال حقيقة لصالحهم في مجال مكافحة الجريمة وفي تلبية الحق بالمأوى والسكن والتطوير من خلال وزارات الأمن الداخلي وتطوير النقب والجليل وغيره

الوضع الخطير خلف عتبة الباب يحّتم تصعيد التنسيق مع جهات فلسطينية خاصة مقدسية حول المشاركة في الدفاع عن "الحرم القدسي الشريف"، والشروع الفوري في بناء تحالف عربي يهودي ديموقراطي على قاعدة قواسم مشتركة عريضة عنوانها الديموقراطية للجميع والمواطنة المتساوية وذلك لـ مواجهة تهديدات كثيرة وحقيقية علاوة على إطلاع المجتمع الدولي على خريطة التهديدات...في خطوة استباقية. يخطأ من يواصل الاستخفاف بما ينتظر الشعب الفلسطيني في وطنه بشكل عام والمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل ويعتبره ترهيبا زائدا.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: [email protected]