logo

مقال: ملاحظات أولية حول نتائج الانتخابات الإسرائيلية للكنيست الـ 25

بقلم: المحامي علي حيدر
06-11-2022 08:08:21 اخر تحديث: 09-11-2022 07:22:34

١. بالرغم من أن نتائج الانتخابات للبرلمان الإسرائيلي غير مفاجئة نتيجة لكونها سيرورة متواصلة في المجتمع الإسرائيلي، إلا أن الحالة المهيمنة حاليا على المشهد هي توغل الأصولية الدينية اليهودية،

التوجهات المسيانية، اليمين الفاشي الاستيطاني والكاهانية بمفرداتها وممارساتها وخطابها الخطير. من المتوقع أن تتشكل الحكومة السادسة التي سيرأسها بنيامين نتنياهو والتي ستكون أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل. هذه الحكومة والتي تؤمن بالاستعلاء اليهودي القومجي والديني تتبنى خطاب وحجاج ولغة توراتية أصولية وقادرة على تشريع موجة جديدة من القوانين العنصرية واتخاذ قرارات خطيرة جدا.

٢. لقد حفز خوض حزب التجمع الوطني الانتخابات متملا بشخصية النائب سامي أبو شحادة بشكل خاص المعركة الإنتخابية، وشجع قطاعات واسعة من المجتمع العربي على المشاركة في الانتخابات( فقد ارتفعت نسبة التصويت من ٣٦% كما كان متوقعا في بداية المعركة الانتخابية إلى حوالي ٥٤%) كما أنه ساهم برفع السقف السياسي و تأكيد خطاب الكرامة والحقوق والاستقلالية في اتخاذ القرار السياسي بناء على توجهات وثوابت وطنية. إن ما حققه التجمع رغم عدم تجاوز نسبة الحسم يعتبر انتصاراً كبيراً ممكن استثماره في المرحلة القادمة في عدة مجالات سوف نتطرق لها لاحقا.

٣. تفكيك القائمة المشتركة في المرتين السابقتين: المرة الأولى عند خروج القائمة العربية الموحدة في الانتخابات السابقة والمرة الثانية بخوض التجمع الانتخابات لوحده في الانتخابات الراهن ( بعد اتفاق حزبي الجبهة الديمقراطية والحركة العربية للتغيير على خوض الانتخابات وحدهما) أثر على معنويات المجتمع العربي وأدى إلى فقدان الثقة بالأحزاب والسياسين العرب. وبالرغم من ذلك هب المجتمع العربي، مرة أخرى، وفي اللحظة الأخيرة من أجل إنقاد الأحزاب العربية.

٤. بالرغم من المحافظة على نفس عدد المقاعد العربية في الكنيست( حتى هذة اللحظة) إلا أن ما يسمى "النهج الجديد" والذي تقوية القائمة العربية الموحدة ورغم حصوله على ٥ مقاعد وحصوله على ثقة الكثيرين من المصوتين العرب فقد أنهى دوره التاريخي لأنه لا يمكن أن يعمل إلا من خلال العضوية في الإئتلاف والحكومة ولا يؤمن بدور المعارضة وبالتالي كما يبدو سيفقد مصوتيه مستقبلا نتيجة لعدم قدرته على التأثير. لن تكون الموحدة معارضة قوية لكي لا تغضب شركائها من " معسكر التغيير" ولن تكون شريكة لليمين الذي ليس بحاجة أليها ولذلك بالرغم من تجاوز الموحدة لنسبةالحسم وحصولها على ٥ مقاعد تعتبر خاسرة ورغم عدم تجاوز نسبة الحسم من قبل التجمع ممكن اعتباره فائزا.

٥. لا يمكن اتهام أي من الأحزاب العربية أو المجتمع العربي بعودة نتنياهو وازدياد قوة اليمين . على العكس من ذلك، ما أدى إلى عودة نتنياهو واليمين المتطرف هو نزعة المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين وانقراض اليسار( كما يبدو حتى الآن أن حزب ميرتس اليساري لا يتجاوز نسبة الحسم) وقد كان كل من ميرتس وبعض أعضاء حزب العمل المحسوبين على اليسار متماهين مع سياسة الحكومة الإسرائيلية التي نفذت نفس سياسات حكومة الليكود بل كانت أكثر صرامة ودموية اتجاة الشعب الفلسطيني الواقع تحت الإحتلال كما.

٦. إسرائيل بمأزق سياسي كبير فهي تسير في اتجاه نظام ابرتهايد، ووضعت نهاية لحل الدولتين وكما يبدو ستتعمق سياسات الاستيطان والضم والعنف وبالتالي من المتوقع أن يكون تصعيد في الحالة الفلسطينية العامة.

٧. سوف يعود نتنياهو لأشغال الناس بالملف الإيراني ومحاولة توثيق العلاقة مع بعض الأنظمة العربية المطبعة ورغم عدم التعويل على السياسة الأمريكية إلا أنه سيكون هنالك توتر مع الإدارة الحالية وسيعمل على ترميم الثقة مع دونالد ترامب وتأييده بانتظار عودة الجمهورين للسلطة في الولايات المتحدة وإضعاف السلطة الفلسطينية أكثر.

٨. ستدور نقاشات معمقة داخل المجتمع الإسرائيلي حولة هوية يهودية الدولة ومن هو اليهودي؟ وما هي الصهيونية؟.

٩. ستعمل الحكومة القادمة على إضعاف الجهاز القضائي من خلال سن "فقرة التغلب" (التي تتيح للبرلمان إعادة سن قانون تم إلغائهمن قبل المحكمة العليا) وإخضاع المستشارين القضائيين في الوزارات للساسة والتأثير على تعيين القضاة. ومن الممكن إقالة المستشارة القانونية الحالية والفصل بين منصبي المستشار القانوني والنائب العام وإلغاء ملف نتنياهو الجنائي إما من خلال إلغاء تهمة الإخلال بالثقة أو سن "القانون الفرنسي" أو إجراء تغييرات جوهرية بالنظام القانوني.

٨. أغلب رؤساء الأحزاب التي من المفروض ان تشكل الحكومة إما أدينو وإما تدار ضدهم ملفات قضائية وقد تورطوا إنا بقضايا جنائية أو أمنية(بنيامين نتنياهو، بن جفير، درعي وسموتريش).

٩. هنالك علاقة بين الانتخابات للسلطات المحلية التي سوف تجري في شهر نوفمبر القادم والانتخابات للكنيست ومن المثير فحص نسبة تصويت العرب لحزبي الليكود وشاس.

١٠. لحزب التجمع دور مهم في مراقبة ومتابعة ونقد عمل الأحزاب الحالية وخصوصا العربية وأخذ دور هام في إعادة بناء وهيكلة وتفعيل لجنة المتابعة والعمل الشعبي والدولي بالإضافة الى التداخل مع القضية الفلسطينية بشكل عام.

١١. ما زالت هنالك قاعدة شعبية واسعة لحزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ولكنها اليوم لم تعد القوة الأكبر داخل المجتمع العربي وقد آن الأوان أن تجري الجبهة مراجعات داخلية معمقة حول دورها وأدائها ومواقفها وحول استمراريتها وحول دورها في قيادة المشتركة وتفككها. إضافة إلى ذلك، على كل الأحزاب إجراء هذة المراجعة بمصداقية وشفافية واشراك الجمهور فمن المفروض ألا يكون الجمهور مجرد مصوتين يستغاثوا في الساعات الأخيرة من يوم الانتخابات.

١٢. من المهم توحيد المجتمع العربي ومن المهم العمل في استراتيجيات متكاملة في إطار رؤية مشتركة ومن المهم توزيع الأدوار والمهمات والإخلاص في العمل وخلق مركز سياسي عربي قوي ومتجدد.

١٣. على شاهد قبر الروائي اليوناني الشهير نيكوس كازتناكس كتبت العبارة التالية:" لست آمل في شيء، ولست أخاف من شيء، فأنا إنسان حر". لقد حوصرت الأحزاب السياسية العربية في هذا الحيز الضيف بين التأميل بأشياء ووعود موهومة( الميزانيات..الخ) وبين الترهيب والتخويف( ببن جبير ونتنياهو..الخ)، ولكن الناس أحرار. يترتب التحدث إلى أحرار وشعبنا لا يخاف التهديد.


المحامي علي حيدر - صورة شخصية