أفنير جفارياهو - صورة شخصية
في دولة إسرائيل" أن الأمر يزعجه فعلًا. لكن الواقع غير ذلك. العنف مستشرٍ منذ أشهر دون أن يظهر لابيد أي اهتمام بالأمر. ما أيقظه الآن بالذات هو أننا مقبلين على الانتخابات.
صرّح وزير الأمن بيني غانتس هذا الأسبوع أنه "لا يقبل سلوك بعض المتطرفين العدواني"، لكنه يكذب. لم يحرك غانتس ساكنًا عندما قام الجنود، مرة تلو الأخرى، بحراسة مجرمين يهود في حوارة وجنوب جبل الخليل وإفياتار. حتى أنه لم يكلف نفسه عناء التعقيب.
يفتخر عومير بار ليف، وزير الأمن الداخلي، اليوم ببضع تصريحات حازمة ضد عنف المستوطنين اكتفي بإدلائها في بداية ولايته، لأن لا إنجاز آخر له في هذا المجال ربما. ادعى بار ليف أن اعتقال أحد المستوطنين المشتبه بمهاجمة جنود في حوارة هو "شهادة على حزم الشرطة". ارتكب مجرمون يهود، في الأسبوعين الأخيرين فقط، أكثر من مائة اعتداء على خلفية قومية. علامَ يدل فشل الشرطة المستمر في اعتقال هؤلاء المجرمين؟ نعم، على حزم الشرطة.
مائة اعتداء في أسبوعين. للمقارنة، في العام السابق بأكمله حدث ما يقارب 445 اعتداء. ما كان يُرتكب ليلا في الخفاء يحدث اليوم على العلن، دون أن يغطي المجرمون وجوههم حتى. ترتَكَب كل الجرائم على العلن بينما تغَّض عنها أبصار من يطالبوننا بمنحهم المسؤولية على حياتنا مرة أخرى. الهجوم على الجنود في حوارة هو ما نجح باستخراج تنديد منهم، وحتى عندها تجاهلوا الاعتداء على ناشطة تبلغ من العمر سبعين عامًا في ذلك اليوم وحقيقة أن المستوطنين أتوا إلى حوارة بحثًا عن فلسطينيين للاعتداء عليهم. ما هذا الصمت إن لم يكن إهدارًا للدماء؟ إن لم يكن الاعتداء على سيدة في السبعين من عمرها قادرًا على إخراج تصريح من الوزراء، لمَ نعتب على المستوطنين؟
هدف الاعتداءات الآن هو إشعال المكان قبل الانتخابات، كما يعترف الكثيرون في الجهاز الأمني. لكن حتى هذا لم ينجح بدفع رئيس الوزراء أو وزير الأمن أو وزير الأمن الداخلي لتغيير مسارهم. اكتفوا بتغريدة على تويتر ظانّين أنهم يسدوننا معروفًأ.
لا مشكلة لدى اليمين في انتقاد سياستنا في المناطق. لكن اليسار-مركز يشعر بالرعب من هذا. فكل شيء على ما يرام بالنسبة لهم. لا يهمهم كم فلسطيني تعرض للضرب، وكم من الفلسطينيين سيُطردوا من بيوتهم. هص! لا تزعجوهم, فهم منشغلين بإدارة الصراع. يتحدثون عن الدراسات الأساسية للحريديم، والمواصلات العامة، ويتغاضون عما نرسل جنودنا للقيام به. لا أتوقع من لابيد أن يخرج لجولة في المناطق المحتلة ولا من غانتس أن يخلي البؤر الاستيطانية، لكني لا أفهم رفضهم المستمر لحل مشكلة المجرمين الذين يخرجون من البؤر الاستيطانية كل يوم. لن يصوت لكم هؤلاء. لا داعي للقلق.
الخوف من البت في عنف المستوطنين ليس سوى واحد من أعراض المرض. من يخشى الحديث عن الاعتداءات على الفلسطينيين سيلتزم الصمت عندما يتعلق الأمر بخطط الترحيل الجماعي في مسافر يطا أو تقنيات المراقبة والتحكم التي تبدو وكأنها مأخوذة من كابوس خيال علمي. سياستنا في المناطق لا تشوبها شائبة، حتى عندما تخرج عن السيطرة وتنفجر في وجوهنا.
لم يخدم هذا الجبن السياسي الستاتوس كوو البشع فقط، بل ومنح تصريحًا للمستوطنين العدوانيين والخطرين لخلق الواقع وفرضه على الحكومة والجيش ومواطني إسرائيل الذين يدفعون ثمن الأمر بأموالهم ودمائهم. المستوطنون يبادرون والجيش يوفر الأمن وينضم لهم أحيانًا، بينما يختبئ الوزراء.
فشلت محاولة تجاهل الاحتلال وأمل أن يتجاهلنا الاحتلال بدوره. تتنافس على أصوات اليسار-مركز اليوم أحزاب تحذر من بن غفير بينما تمنح أصدقاءه حرية التصرف في الضفة الغربية، لألا نشكك في وطنيتهم، لا سمح الله. ألا علينا أن نكتفي بهذا، فمستقبلنا يعتمد على الأمر. هذا هو الوضع في إسرائيل. إن لم تصوتوا ضد الاحتلال، فأنتم تصوتون له.
أفنير جفارياهو - مدير شريك في منظمة "نكسر الصمت"